فيصل الشريفي يكتب: مشروع سكك الحديد ورباعيات الخيام
الرباعيات نوع من أنواع الشعر الفارسي، حيث أخذت تسميتها من صيغة الجمع للكلمة العربية رباعية، وهي من قوالب الشعر الفارسي، تأتي على شكل مقطوعة شعرية من أربعة أبيات تدور حول موضوع معين لتكوّن فكرة تامة، وفيها تتفق قافية الشطرين الأول والثاني مع الرابع، أو تتفق جميع الشطور الأربعة في القافية.
هذه الرباعيات أيضا أخذت قيمتها الأدبية من الشاعر المبدع عمر بن إبراهيم الخيام الذي اختلف الباحثون حول عدد القصائد التي نظمها، فقيل 2000 وقيل 200 والسبب في ذلك يعود إلى أنه عاش حياة مرفهة بعيدة عن الفاقة والفقر، لذلك ذهب الباحثون إلى صعوبة التصديق بأنه قادر على الإنشاد بما لم يعش والشعور بمعاناة الفقر والحرمان.
على العموم بما أن موروثه الشعري جاء بالجودة ذاتها فإني وغيري قد نقبل الألفي قصيدة كاملة دون أي تردد، فكما يقول المثل «كذب مصفط خير من الصدق المخربط».
خلصنا من شعر عمر الخيام ومن يرغب في الاطلاع على المزيد من قصائد هذا المبدع، فما عليه سوى استخدام محرك البحث في «غوغل» للتمتع بأشعاره، وإذا كان «عليمي» مثلي بالرباعيات راح يستمتع أكثر بجمالها.
الحين راح أرجع إلى مشروع سكك الحديد الذي ظننت أنه أصبح مثل رباعيات الخيام لكثرة ما سمعت عنه، وعن بدايات انطلاقه، كونه من المشاريع التي لم أجد حتى هذه اللحظة دولة في العالم إلا ولديها سكة قطار طبعاً مع الاستثناءات التي تعد على الأصابع.
هذه الأيام الحكومة قررت المضي في هذا المشروع الحيوي، لكن الله يهدي النائب الدكتور بدر الملا الذي أفسد علينا فرحة الخبر بسؤاله الموجه إلى وزير المالية، وأن هذا المشروع سوف يكلف ميزانية الدولة ما يزيد على 5 مليارات دينار في حين أن تكلفة إنشائه لا تزيد على 800 مليون دينار تقريبا حسب دراسة الجدوى.
ملاحظات الدكتور الملا التي وردت في سؤاله البرلماني في غاية الأهمية، فمنها ما هو متعلق بالكلفة المالية للمشروع، ومنها فني لم أستطع حتى التفكير في نوع وشكل الإجابة التي سيتلقاها من وزير المالية، أو كيف سيبرر هذه القفزة في حساب الكلفة المالية للمشروع والتي تجاوزت خمسة أضعاف على أقل تقدير.
أعتقد الآن أننا عرفنا قيمة رباعيات الخيام، وأن ما دُس عليه من الشعر لم يقلل من قيمتها الأدبية لشدة جمالها، ولولا إنكار الحاسدين عليه معاناة الفقر والحرمان لما قالوا ذلك، مع أنهم أجازوا لبقية لشعراء أن يعيشوا الخيال إلا عمر استكثروا عليه.
في الأخير أرد وأقول: الله يهديك يا أبا حامد، خربت عليّ الاستمتاع برباعيات الخيام، ومع ذلك أهديك واحدة منها:
نمضي وتبقى العيشةُ الراضية
وتنمحي آثارُنا الماضية
فقَبل أن نَحيا ومِن بعدِنا
وهذه الدُنيا علَى ما هيه
ودمتم سالمين.
بقلم /
أ. د. فيصل الشريفي