د. دلال الردعان تكتب: هم ليسوا بخير
يراقب مواطني أحد البلدان هذه الأيام الأوضاع في بلادهم بضجر وترقب وخوف من القادم وهو الأسوأ في نظرهم.. فهم يدركون الخطر ويلتمسون التهديد من وقت إلى آخر من الحكومة وتصريحاتها وخصوصاً ما قالته هذه الحكومة في السابق من أن دولة ” الرفاة” انتهت ” و من ضرورة شد الحزام على البطون أو يخرج عليهم أحد القراطيع ليطالب ب “رباية الشعب ” وفرض الضرائب عليه وتلوح الحكومة بالعزم غلى رسم سياسات تقشف وحاجتها للاقتراض بسبب العجز في الميزانية
والعجيب في الأمر هو أن هؤلاء المواطنين يمشون على نفط ويتنفسون النفط ويعيشون في بلد ايراداته تريليونية وبلدهم لُقب يوماً ما ببلد الهبات المليارية ولكن جيوبهم فارغة بسبب الديون وجشع التجار وما يصرفه المواطن في القطاع الخاص ليحصل على خدمات أفضل بسبب سوء الخدمات التي تقدمها له هذه الحكومة في مجال التعليم والصحة وغيره الناتج عن ضغط اعداد الوافدين واستنزافهم لخدمات الدولة. وما يعانيه المواطنين من ازدياد في معدل جرائم العنف والحوادث المرورية التي حصدت المئات من أرواح المواطنين ، فالتعليم يشكو من الفساد والشهادات المزورة والصحة أصبحت مرتع عصابات ومستنقع لصوص وقياديون محتالون يتلاعبون في صحة الناس وأدويتهم ويبرئون مرتكبي الأخطاء الطبية ويمنحون تراخيص دخول الوافد الذي يعاني من وباء معدي بالرشوة ويمنحون من لا يستحق العلاج في الخارج ويحرمون المحتاج له والخدمات الاسكانية تشكو من التلاعب وحرمان المواطنة الكويتية من حقها في السكن الكريم ، ولقد وصل الفساد في هذه الدولة الى المتقاعدين والمعاقين والمدارس والمساجد وحتى جثث الموتى ، وأسعار البنزين مرتفعة امام الصمت النيابي ، والبيئة البحرية الملوثة و انتشار المخدرات، والاختناقات المرورية وارتفاع معدلات الطلاق، وقمع للحريات والرأي العام، والتركيبة السكانية ال “ملخبطة” لبلد تعداد مواطنيه يقارب المليون والوافدين يشكلون ثلاثة اضعاف هذا التعداد، وتعدي على كرامة المواطنين والطلبة في الخارج وضعف دور السفارات في الخارج،
والأدهى والأمر هو أن الفاسدين واللصوص محميين يستهزئون بهذا الشعب الحر ويسخرون من حقوقه و في كل مرة يفلتون من العقاب ويبرئون من الجرم لخطأ في الاجراءات!!!…. فأين هي الرفاة يا حكومة”
وفي الحقيقة ورغم هذا كله فلا أحد يستطيع أن ينكر أن هذا الشعب مازال متمسك بأمل الاصلاح ويحلم دوماً بالعودة للماضي الجميل لهذا البلد…
عكس الشعوب الني تخطت ماضيها وماضية في تحقيق المستحيلات ونحو المستقبل… هل سمعتم بشعب يتمنى العودة للخلف ليسلم على بلده من الفساد ويحافظ على ما تبقى..!!
ولكن وبكل صدق… فهذا الشعب سعيد فهو يحظى كل يوم بمشاهدة ممتعة لمسرحيات… من ممثلين كبار .. فلدى هذا الشعب قبة محترمة لها باع من الديمقراطية الحقة والرجال السياسيون الحقيقيون الذين صنعوا بلادهم وباحتراف….. اتخذها بعض من المتسلقين والوصوليين من الممثلين هذه الأيام كمسرح كبير … يقفون على خشبته ليبيعوا الكلام ويستعرضوا عضلاتهم ويؤدوا أدوار أكبر من حجمهم والغريب أنهم يجدون من يطبل ويصفق لهم و بحرارة، وينخدع بهم بل ويتخذهم مثالاً يحتذى به ويؤمن بهم ويستذبح جهلاً للدفاع عنهم فهم ممثلون بارعون في دغدغة مشاعر الجمهور يتحدثون عن قضايا تمس المواطن ويلوحون بمحاسبة الفاسد ولكنهم في الحقيقة منشغلون بتصفية حساباتهم الشخصية والانتقام من بعضهم البعض وعندما تأتي المصالح وما أدراك ما المصالح فالكفة تميل بهؤلاء الممثلين على الشعب إلى التنكر للمبدأ وضرب مصالح المواطن بالحائط وخاصةً إذا كان الدفع مليوني للتصويت ضد أي قرار أو الثمن صفقات أو علاج سياحي لناخبيهم أو التجنيس العشوائي فهم لا يخجلون من تدني مستوى النقاش والحوار بينهم من خلال التراشق بالكلام والعبارات غير اللائقة وفضح الخبايا وقد يمتدحون اداء حكومي ضغيف ومخزي ويعيدون الثقة ببعض الوزراء الفاشلين ويقصون بعض الوزراء الناجحين والاصلاحيين بدافع عنصري أو طائفي ويعاونون اللصوص المحليين بنهب خيرات هذا البلد ويتقاسمون معهم السرقات والغنائم سراً واحياناً علناً، ليؤمن هؤلاء اللصوص حياة كريمة لأنفسهم ولعوائلهم تمتد لقرون والخاسر الوحيد هنا هو المواطن البسيط
وهنا نتساءل وبحسرة…متى يسترد هذا الشعب حقوقه وكرامته بالعيش الكريم والخدمات الراقية التي ترتقي لطيبته واصالته
متى يتوقف الضحك على ذقون هذا الشعب من قبل العاهات التي تسمي نفسها نخب سياسية في هذا البلد ؟
كيف يشعر هؤلاء المواطنين بالأمان و حقوق المواطنة لديهم مهددة؟ كيف تطمئن نفوسهم وهم عاجزون عن عن نقد الفساد بسبب قمع الحريات في التعبير
أتدرون ماذا؟ لا اعتقد أنهم بخير أبداً!!
وأخيراً
اللهم اجعل هذا البلد آمناً
بقلم د/ دلال عبد الهادي الردعان