أ. منى العازمي تكتب: التصميم الشامل للتعلم (UDL )Universal Design For Learning
ظهر مفهوم التصميم الشامل للتعلم (UDL) خلال التسعينيات كنتاج لعمل الباحثين في مركز التكنولوجيا الخاصة التطبيقية (CAST) في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث انتقلت الفكرة من مجال التصميم المعماري الي مجال المناهج وطرق التدريس. فخلال العقود القليلة الأخيرة، بات التطور التجاري والاداري يتطلب بيئات عمرانية تيسر من عملية التحرك والانتقال، كما أن ارتفاع معدل الاعمار لدى السكان أوجد فئة من مستخدمي تلك البيئات ممن لديهم قدرات جسدية محدودة، مما يصعب من حركتهم وانتقالهم. فسنت القوانين في الولايات المتحدة في السبعينيات لتفرض ازالة كل الحواجز المعمارية منذرة بولادة مبدأ التصميم الشامل في الهندسة المعمارية، وأصبح ذلك المفهوم جزء من حلم بناء مجتمعات يتمتع فيها الجميع بالمشاركة على قدم المساواة.
ثم انتقلت الفكرة من الهندسة المعمارية الى مجال المناهج وطرق التدريس وهي فلسفة مبنية على أن هناك حواجز للتعلم يخلقها المنهج وطرق التدريس أمام بعض المتعلمين، وتهدف هذه النظرية الى ازالة تلك الحواجز لتمكين جميع المتعلمين من اكتساب المعارف والمهارات ورفع مستوى تحصيلهم الدراسي.
ويعتبر التصميم الشامل للتعلم UDL إطار تعليمي مبني على مجموعة من الخطوات العملية التي يتم من خلالها تطوير المنهج وطرق التدريس بهدف اعطاء فرص متساوية للتعلم لجميع متعلمي ذلك المنهج، وهو بمثابة حلول مرنة يتم خلالها تطويع وموائمة الأهداف التعليمية، وطرق التدريس، ووسائل التعلم، ووسائل التقويم بما يتلاءم مع كل متعلم حسب الحاجات الفردية.
وتعرف اليزابيث هارتمان Elizabeth Hartmann (2011) التصميم الشامل للتعلم(UDL) على أنه ” وسيلة جديدة للتفكير حول التعليم، لديها القدرة على اصلاح المناهج وجعل خبرات التعلم أكثر سهولة وذات مغزى لجميع الطلاب. ويعد التصميم الشامل للتعلم إطار مفاهيمي أو فلسفة في التعليم ترمي الى تغير كيفية تفكير الناس حول التعليم والتعلم وتساعدهم على تقدير التنوع لدى جميع المتعلمين.”
وقد وضع إطار التصميم الشامل للتعلم UDL من قبل مجموعة من المربين والباحثين من خلال استخدام التكنولوجيا لتحسين التحصيل الدراسي للمتعلمين ذوي الاعاقات المختلفة، حيث وجدوا أن المناهج الحالية كانت في كثير من الأحيان غير مرنة ولا ترتبط بحياة المتعلمين لا سيما ذوي الاحتياجات الخاصة، مما يجعلها تفشل في تزويد المتعلمين بالمهارات والخبرات التعليمية. ولذلك جاء مبدأ التصميم الشامل للتعلم UDL لتطوير المناهج واصلاحها منذ البداية لدعم التعلم لجميع المتعلمين باختلاف قدراتهم الحركية والادراكية، مما يحقق رفع مستوى تحصيلهم الدراسي ويزيد من دافعيتهم نحو التعلم.
حيث يحمل الأفراد على اختلافهم تنوع هائل من حيث المهارات والحاجات والميول والاهتمامات في التعلم، وقد بينت الأبحاث في مجال الخلايا العصبية ((Neuroscience بأن تلك الاختلافات هي متنوعة ومتفردة في طبيعتها كتفرد البصمة الوراثية أو بصمات الأصابع عند كل فرد.
ولتفسير ذلك الاختلاف، أوضح العلماء في مركز التكنولوجيا الخاصة التطبيقية (CAST) أثر الدور الذي تلعبه ثلاث شبكات عقلية لدى الإنسان في طبيعة تلقينا وتعلمنا للأشياء، وهذه الشبكات موضحة بالجدول على النحو التالي:
جدول الشبكات العقلية الثلاث لدى الانسان
ومن أجل تحقيق التعلم الأمثل للطلبة، يجب معالجة كل من شبكات الدماغ الثلاث: المعرفية، الاستراتيجية، الوجدانية، وذلك وفق مبادئ التصميم الشامل للتعلم ( (UDLالتي ذكرها مركز التكنولوجيا الخاصة التطبيقية (CAST)، وهي:
1- تقديم وسائل متعددة للتقديم والعرض.
2- إتاحة وسائل متعددة للأداء والتعبير.
3- توفير وسائل متعددة للتفاعل والانخراط.
ووفقا للشبكات العقلية الثلاث فإن منهج التصميم الشامل للتعلم (UDL) يحتوي على العديد من التعديلات الخفية غير المرئية تقريبا، حيث يمكن أن يكون مفيدا للجميع تقريبا ويمكن استخدامه للطلبة العاديين وليس فقط الطلبة ذوو الإعاقة، فالمناهج والمواد الدراسية التي تحتضن مبادئ التصميم الشامل للتعلم (UDL) من المتوقع أن يحقق فيها جميع الطلبة الدارسين تحسنا واضحا في النتائج.
Hartmann, Elizabeth(2011). Universal Design for Learning. Practice Perspectives—Highlighting Information on Deaf-Blindness . Number 8 , National Consortium on Deaf-Blindness .