الشيخةحصة الصباح تكتب : لا تنمية ولا عدالة فى وجود الفاسدين
لا تنمية ولا عدالة فى وجود الفاسدين… بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح
لا يخفى علينا جميعًا ما يعيشه العالم منذ عقود من أزمات اقتصادية تطفو على سطح الأحداث فجأة ثم تختفى ليحدث استقرار نسبى مؤقت ومن ثم تعود الأزمات الاقتصادية لتتجدد مرة أخرى فى صراع دائم لا ينقطع على مناطق الهيمنة والنفوذ السياسى والاقتصادى وخاصة بين معسكرى الشرق والغرب ، وهو صراع لا يقيم للإنسانية وزنًا بقدر ما يهدف إلى تأمين احتياجات مجتمعات الدول المتصارعة بكل ما يسمح لهم من موارد الحياة الأساسية والتى أهمها بالطبع “الأمن الغذائى” .
وقد اختلف بعض المتخصصين فى الشؤون الاقتصادية فى تعريف الأمن الغذائى بدقة نظرًا للتباين والتنوع بين دول العالم فى المناخ والجغرافيا وعدد السكان ومدى توفر الموارد الأساسية التى يمكن الاعتماد عليها لتحقيق ما يُعرف بالأمن الغذائى ، فهناك دول فقيرة تمتلك موارد لا تجيد استغلالها بالشكل الأمثل وهناك دول غنية لا تمتلك الموارد الكافية ولكنها تستورد كل ما تحتاجه ، ولكن دعونا نتكلم بوضوح أن مفهوم الأمن الغذائى الذى لا يختلف عليه أحد هو أن يمتلك أى مجتمع الموارد الكافية لتحقيق اكتفاءه الذاتى من الأمن الغذائى حتى لا يقع هذا المجتمع رهينة فى أيدى الآخرين الذين يستغلون ما تقع عليه أيديهم من موارد للتحكم فى مصائر الشعوب الأخرى.
لذلك حذرت الأمم المتحدة ولا تزال من كارثة المجاعة التى ستجتاح ٢٣ منطقة مضطربة فى العالم وأن أزمة التغيرات المناخية ستفاقم الوضع سوءًا فى السنوات القادمة والذى يتطلب معه تضافر كل الجهود لمواجهة هذا التحدى الخطير الذى يهدد حياة ملايين البشر وذلك تحت مظلة الأمم المتحدة وخطتها للتنمية المستدامة والتى تهدف إلى القضاء على الجوع بحلول عام ٢٠٣٠ ،وخاصة أن تقارير الأمم المتحدة العام الماضى ٢٠٢٠ تؤكد أن الجوع يهدد حياة قرابة ال٨٠٠ مليون نسمة على وجه الأرض وهو رقم قابل للزيادة فى السنوات القادمة ، وكان آخر تحذير للأمم المتحدة فى مارس الماضى أن العالم سيواجه مجاعة فى الثلاث سنوات القادمة.
ولكن بصفتى مواطنة كويتية يهمها فى المقام الأول الأمن الغذائى للكويت ،ولذلك أتساءل.. ما هى خطة الحكومة الجادة والحقيقية لمواجهة هذا الخطر وخاصة أن الكويت تستورد ٩٠% من احتياجاتها لتحقيق الأمن الغذائى ؟! .. هل ستكتفى الحكومة بالتقرير الخادع لمجلة الإيكونوميست عام ٢٠٢٠ والذى اعتبر الكويت الأولى عربيًا وال٣٣ عالميًا فى الأمن الغذائى ؟! هل طلبت الحكومة من السفير منصور العتيبى مندوب الكويت فى الأمم المتحدة تقريرًا حول تحذير الأمم المتحدة من خطر المجاعة فى السنوات القادمة ؟!! بالطبع نحن سعداء ونثمن دور كل من ساهم فى وضع الكويت على صدارة الأمن الغذائى عربيًا ، ولكن هذا الاكتفاء لم يتحقق بموارد محلية ولكن بالاستيراد بنسبة ٩٠% ، وبالتالى فهو لا يحقق الحد الأدنى من الطمأنينة للأمن الغذائى الكويتى !! الهيئة العامة للزراعة تحدثنا عن زيادة رقعة الأراضى الزراعية فى الوفرة والعبدلى فى السنوات العشر الأخيرة ،ولكن ما الخطط الجادة لتحقيق التنمية المستدامة زراعيًا وصناعيًا ؟! متى يتم توزيع القسائم الزراعية للجادين والمتخصصين بعيدًا عن المحسوبيات والمجاملات والترضيات السياسية ومن يستغلون المزارع والجواخير للترفيه وقضاء أوقات الفراغ !! ، يجب على الحكومة أن تمتلك مصانع ومزارع فى الخارج يخصص إنتاجها للكويت فقط وذلك فى حالة إن تعذّر الإنتاج محليًا لأسباب مناخية وجغرافية ، يجب توعية الناس بعدم الإسراف فى شراء المنتجات الغذائية بما يفيض عن الاحتياجات ، لن ننجو من هذا الوضع الكارثى مستقبلًا إلا بنصيحة المغفور له بإذن الله سمو الشيخ ناصر صباح الأحمد طيب الله ثراه ” بضرورة تطهير مؤسسات الدولة من الفاسدين ومن ارتبط بهم ، فلا تنمية ولا عدالة فى وجودهم وغير ذلك لا يكون إلا إفساد فوق إفساد وما نراه أقل مما نتمناه “، وأنا أضيف لكلام سموه بأن ما نزرعه من فساد سوف نحصده فقر وفشل إلا إذا طهرنا أرض الوطن من آفات الفساد والمفسدين حتى تنبت فى أرض الوطن الثمار الجيدة لأجيال قادمة تستحق منا التضحية والجهد لإنقاذ الوطن من براثن الكسل والفشل والفساد ، والله المستعان وإليه المشتكى !
بقلم /
الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح