كتاب أكاديميا

الدراسة السنغافورية دروس وعبر 1

IMG 2613

 

بقلم: محمد الشريكة

تعاقدت وزارة التربية مع المعهد الوطني للتعليم وجامعة نانيانغ التكنولوجية بسنغافورة. وباشر الفريق البحث في اجراءات الدراسة خلال الفترة ٧-١-٢٠١٣ إلى ٧-٧- ٢٠١٣. وجرى خلال هذه الفترة جمع البيانات وتحليلها ودراستها وتفسيرها. وقدم التقرير الذي حمل في طياته خلاصة دراسة علمية لفتت النظر الى معلومات وتحليلات للوضع الراهن للتعليم بالكويت في ضوء معايير دولية وانظمة تعليمية متميزة. وفي هذا التقرير الذي وقع في 119 صفحة، فكان الهم الأكبر للفريق البحثي هو تحليل ودراسة كفاءة وفعالية المناهج واستخدامات التكنولوجيا بالتعليم وسياسات الموارد البشرية والتدريب (معلمين وقيادات تربوية) والشؤون الإدارية.

ولم تكن نتائج الدراسة صادمة بل لم تضف اي شيء جديد الا انها قدمت حلولا عملية وتوصيات علاجية تعالج الخلل. فقد ذكر الباحثون في تقريرهم ان هناك رغبة لدى كل الأطراف ذوي الشأن في التغيير والتطوير، وهو ما اتفق مع الشعور المجتمعي السائد حيث لا يختلف اثنان في الكويت على حاجة المنظومة التعليمية للتطوير والتحديث، كما لا يخلو حديث حول الشأن التعليمي عن الانتقادات للقيادات التربوية لما آل اليه الواقع التعليمي. ووجهت الدراسة النظر الى ما تعانيه المناهج من عبء كبير في المحتوى المعلوماتي لبعض المواد الدراسية. وكيف ان هناك تداخلا بين المحتوي والمضمون لعدد من المواد الدراسية. كما اسجل شخصيا ملاحظات ذكرت في دراسات علمية حول المناهج، وكيف انها لا تعكس الحاجة الفعلية للمتعلم، ولا يوجد انعكاس للخبرات التعليمية التي يتلقاها المتعلم في الفصل على حياته اليومية، وهو ما يؤكد على وجود خلل كبير، وان المناهج لم تبن بطريقة صحيحة. وهنا يجب ذكر حقيقة افتقار وزارة التربية لخبراء مناهج متخصصين، حيث ان من يطور ويبني ويقيم تلك المناهج هو جهاز التوجيه الفني، وبذلك يكون التوجيه هو ورقة «الجوكر» الذي يقوم بكل شيء.

وفي الشق المتعلق بالتكنولوجيا فإن الدراسة أشارت الى ان تطبيقات التكنولوجيا في التعليم تقع في نطاق المبادرات الفردية، وهو ما ذكرته شخصيا في دراسة الدكتوراه، وأتبعتها بأبحاث علمية منشورة. كما اتفقت هذه النتيجة مع ما خلصت إليه دراسة قطاع المناهج في العام 2013، والتي أوضحت أهمية وجود جهة راعية لإدخال التكنولوجيا في العملية التعليمية.

كما انتقدت الدراسة سياسة التدريب، وكيف ان الأنشطة التدريبية لا تتم في صورة صحيحة، كما نصحت الباحثين بإعادة النظر في سياسات التدريب بالوزارة، حيث ان تلك السياسات (للمعلمين والقيادات التربوية) لم تتم وفق خطط تنموية مدروسة، ولا تلبى الاحتياجات الفعلية لأصحاب الشأن. وهنا أسجل إعجابي بهذه الملاحظات، حيث ان ما يتم في أروقة الوزارة في حقيقته لا يختلف عن مفهوم الولاية الفكرية، حيث ان من يرشح هو الموجه الفني، ومن يدرب في الغالب هو الموجه، ومن يقيم هو الموجه، وهنا مكمن الخلل.

وفيما يتعلق بالقيادات المدرسية والتربوية، فقد ذكرت الدراسة، ومن خلال نتائجها حقيقة يستشعر بها المعلمون، وهي ان اغلب القيادات التربوية لا تقوم بأدوارها المطلوبة، بل انهم يمثلون عبئا إضافيا على كاهل المعلم. ولقد أكدت الدراسة على ضرورة تنمية المهارات القيادية للقيادات التربوية، حتى تكون قادرة على قيادة دفة العملية التعليمية بصورة صحيحة، ولم تختلف هذه النتائج عن النتائج العلمية للكوادر الوطنية، والتي نشرت وتنشر في مجلات علمية محكمة، وهو ما يؤكد عجز الوزارة عن رصد تلك الأبحاث والاستفادة منها.

هذا، وذكر التقرير معلومات ثرية، اتمنى كمواطن يعشق هذا البلد وأهله ويقلق على مستقبل أبنائه، ان تستفيد القيادات التربوية في وزارة التربية من هذا التقرير، مما يحقق التطوير والارتقاء لنظامنا التعليمي.

إن الواقع التعليمي بالكويت يفتقر الى أبسط الأسس العلمية لأي نظام تعليمي ترعاه الدولة. ولقد ذكرت سابقا مكامن الخلل في منظومتنا التعليمية، وكيف انها تفتقر الى الارتباطات الاقتصادية الحقيقية، وان منظومتنا التعليمية تتسم بالعشوائية بسبب غياب الأهداف التنموية.

في المقالة المقبلة، بإذن الله تعالى، سنستعرض أهم التوصيات، والمعالجات المقترحة، وكيفية تطبيقها في ضوء متطلبات الواقع.

هذا والله خير حافظ.

د. محمد الشريكة 

dralsharija@

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock