صفية ميرزا تكتب :نحو خطوة صادقة وفعالة للتعليم المدمج بالكويت!
نحو خطوة صادقة وفعالة للتعليم المدمج بالكويت!
بالرغم من أن الحديث حول هذا النوع من التعليم المسمى بالمدمج قد قتل بحثًا إلا أن هناك جوانب خفية دقيقة للغاية لم يتطرق إليه الكثير مما خاضوا غمار دراسة هذا النوع من التعليم حيث لم يرتبط بشكل كبير بالواقع الميداني أي المزج بين النظري والتطبيقي معًا، فالكلام الفلسفي يأخذ باعًا كبيرًا في الأعراف العلمية النظرية وبالتناقل وبالأسانيد المتصلة منذ تاريخ ابتكار هذا التعليم وحتى هذا اليوم لم يكن للجانب الميداني التطبيقي النصيب الأكبر من تلك التجربة، وباعتبارنا في زمن جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19-20) المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الشديدة والذي يتطلب تغييرًا جذريًا في آليات التعامل في كافة المجالات ومنها المجال التعليمي، وبغض النظر عن التنبؤات التي تشير إلى استمرار وانجرار وتحور وتفرد هذا النوع من الفيروس إلا أن هناك حاجة ماسة إلى مواكبة عصر المعلوماتية والاستفادة من ثورة المعلومات وتوظيفها في المجال التعليمي بشكلٍ خاص حيث لم يعد هناك أية بدائل مقبولة بالرجوع إلى العمل التقليدي الذي لم يعد يجدي نفعًا!
ومن الجدير بالذكر أن التعليم المدمج يهدف إلى تحسين جودة التعليم وزيادة فاعليته وفضلاً عن زيادة المشاركة الطلابية من جانب، ومن جانب آخر يدعم الأداء الطلابي من خلال توظيف مستحدثات التكنولوجيا وزيادة التفاعل سواءً أكان المباشر أم غير المباشر بين المعلم والمحتوى التعليمي وتقليل النفقات والمصروفات وتحقيق الديموقراطية في التعليم والتعلم الذاتي إضافة إلى نمو الجانب المعرفي للطالب وأدائه والتحصيل العلمي، حيث إن التعليم المدمج يرمي في الأساس إلى مساعدة الطالب على تحقيق مخرجات التعلم المستهدفة وذلك في إطار الدمج بين كافة أشكال التعليم التقليدي وبين التعليم الإلكتروني بمختلف روافده وأنماطه داخل قاعات وغرف الدراسات بالمدرسة وخارجها وهو ما تحتاجه الكويت الآن.
حيث إن الكويت تُعد من أعلى البلدان في العالم إنفاقًا على التعليم حيث بلغ إجمالي الميزانية 2.3 مليار دينار (7.60 مليارات دولار) في العام (2019/2020م) ومازال المستوى التعليمي والمخرجات الطلابية دون المستوى المأمول لذا ينبغي أن يكون هناك حلول وبدائل عملية تجمع بين الأصالة والمعاصرة معًا ونعني هنا أن يكون هناك تطبيق فعلي وجاد للاستفادة من التعليم المدمج بالكويت لتقليل النفقات وزيادة التفاعل والحرص على الحضور المباشر في إطار توفير الاتصال وجها لوجه؛ مما يزيد من التفاعل بين الطالب والطلاب وبعضهم البعض والطلاب والمحتوى، فضلاً عن المرونة الكافية لمقابلة كافة الاحتياجات الفردية وأنماط التعلم لدى الطلاب باختلاف مستوياتهم وأعمارهم وأوقاتهم، والانتقال من التعليم الجماعي إلى التعليم المتمركز حول الطالب بهدف استنهاض النشاط والتفاعل وتكامل نظم التقويم التكويني والنهائي للطلاب والمعلمين، حيث يتوجب أن يجمع نظام التعليم المدمج بالكويت بين استغلال التعليم الإلكتروني والتقليدي وذلك من خلال إجراء تجارب واقعية على مجموعتين من المتعلمين، مجموعة ضابطة وهي التي تدرس بنظام التعليم التقليدي، وأخرى تجريبية تتلقى إجراءً تجريبيًا أو عينة الاختبار وفق نظام التعليم المدمج الذي يجمع بين التعليم الماديّ والتعليم الرقميّ الذي عماده الإنترنيت بهدف قياس الأثر الفاعل للتعليم المدمج، ولا شك أن هذا الموضوع لا يمكن حصره في مقال متواضع، بل ينبغي أن يُفرد له بحث أكاديمي متكامل يشمل كافة فوائد وامتيازات التعليم المدمج وأثره على التعليم في دولة الكويت مع ضرورة عدم الإغفال عن معرفة الطالب الجيدة لطرق استخدام التكنولوجيا ليكون التعلم بشكل أكثر فاعلية حيث إن هذا التعليم يركز على المعرفة والمهارات لدى الطالب أكثر مما يركز على النواحي الوجدانية بالإضافة إلى ضرورة عدم إهمال نظام الرقابة والتصحيح والتقويم والحضور والغياب بالنسبة للطلاب، عسى أن نصل إلى تعليم مثالي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، ولا بأس بأن يكون الحضور يومًا داخل حجرة الصف ويومًا عبر الإنترنت على سبيل التجربة وصولاً إلى الهدف المنشود، ولا يمكن الاحتكام إلى ذلك إلاَّ من خلال النتائج الميدانية التي تؤكد على مدى نجاح التجربة بشكل أكثر واقعية.
بقلم/ أ. صفيه حبيب ميرزا
المعهد العالي للخدمات الادارية