أدباء وأكاديميون لأكاديميا: الروايات الحديثة صارت بين الأدب .. وقلة الأدب
أكاديميا خاص | نايف الطليح
في كل موسم لمعرض الكتاب الدولي الذي يعتبر ثورة ثقافية سنوية ومجمع يروي منه محبو القراءة شغفهم في الغوص بأعماق الأدبيات والمؤلفات المختلفة. في الوقت الذي يستعد فيه بكامل جهوزيتهم وانتظارهم الكتاب والمؤلفين لموسم جيد من مبيعات أكثر ونشر أكبر لبنات أفكارهم وابتكاراتهم يطفو على السطح ظاهرة جديدة تعرف ب “الروايات الحديثة” ان صح التعبير والتي باتت محل استغراب واستنكار من مجاميع كبيرة ترى أنها تختلف عن تقليدية المجتمع المحلي الذي لابد وأن لا يستقبل هذا النوع من الهبوط الفكري والانتقال من تحريك الأفكار الى التركيز على تحريك الغرائز
وبات لهذه الانواع من الروايات رواجا كبيرا لها ولكتابها وحققت مبيعات عالية لم تحققها بعض أمهات الكتب ومراجع الثقافة والأفكار والأدب الأصيل وتستهوي غالبا من هم في سن المراهقة مما يدق ناقوس الخطر على انتشار ثقافة جديدة فحواها الهبوط والابتذال مغطاة بعناوين الأدب والطريقة المواكبة والحديثة
مما ينذر باختلاف في قيم الجيل المتلقي لمثل هذه الانواع من الكتابات والأطروحات والتي من خلالها قد تتغير مفاهيم الأدب الحقيقي وموازينه لدى العامة.
ومن المنظور الأدبي يذكر الاأمين العام لرابطة الأدباء الكويتية الأستاذ طلال الرميضي بأن الحركة الأدبية بالكويت لها امتداد تاريخي عريق وتعتبر رائدة في منطقة الخليج العربي، لذا يجب على جيل الشباب أن يحافظوا على الإرث الأدبي الجميل مما يتطلب ضرورة تقديم أعمال أدبية لائقة بإسم الكويت، وظهرت في الآونة الأخيرة كثير من دور النشر تطبع بعض الأعمال الهابطة والتي تكون ذات أفكار سطحية بلهجة عامية ركيكة.
وقال الرميضي أن هذه الأعمال بطبيعة الحال البعض منها تجاري والآخر للبروز الإعلامي ونتوجه بالنصيحة للشباب بأن هذا الكتاب سيظل مرافقا لك طوال حياتك، فيجب الحرص و التأني في اختيار المفردات والفكرة والموضوع المطروح والحرص كذلك على تقديم مايليق بأسمك أيها الكاتب وبأسرتك ويكون عمل مدروس وفق العناصر الأدبية السليمة وألا يكون عملا وقتيا ويذهب للنسيان بسرعة.
وأكمل الرميضي قائلاً: أننا في رابطة الأدباء نشجع الكتابة الشبابية فالشباب لهم دور كبير ومستقبل في الحركة الأدبية وبرز في الكويت العديد من الأسماء الجميلة التي رفعت اسم الكويت عاليا كالروائي سعود السنعوسي والشاعر عبدالله الفيلكاوي وغيرهم من جيل الشباب الذين حصلوا على مكانة وجوائز مميزة في الأوساط العربية الأدبية لذلك نتمنى أن تكون الكتابات الشبابية تحافظ على المستوى الذي يرتقي باسم الكويت وهذه دعوة للكتاب الشباب بأن يتواصلوا مع رابطة الأدباء الكويتية حتى يتم تبادل الخبرات معهم وتوجيههم حيث تقام في الرابطة العديد من الدورات المجانية للشباب بهدف صقل مواهبهم بالشيء المناسب لهم وفي منتدى الاسبوعي مساء كل يوم اثنين يهتم بالشباب ذوي المواهب الأدبية ويحاول أن ينميها على الطريقة الصحيحة.
ومن المنظور الديني يرى الشيخ طلال فاخر بأن النبي صلى عليه وسلم في دعائه كان يتعوذ من العلم الذي لا ينفع وفي التعامل مع مثل هذه الروايات التي ظهرت بالآونة الأخيرة وتحمل الكثير من الهبوط الأخلاقي والفكري ينبغي الحذر الشديد لما فيها من اهدار لوقت المسلم وماله في ما يكون أقرب للحديث التافه الذي ينبغي أن يبتعد عنه المسلم في حياته.
مضيفا الشيخ طلال بأنه أي انسان يمكنه كتابة يومياته بينما ليس كل شخص يمكنه تأليف كتاب وينبغي ان يحرص المسلم على اختيار الكتب النافعة لدينه ودنياه، فكما يستفيد الانسان من طاقة الأكل في بناء صحة جسده كذلك صحة عقله تتوقف على مايقرأ
وتحمل هذه الظاهرة أبعاد اجتماعية خطيرة على المجتمع المسلم خصوصا اذا بدأت الامور تأخذ طابعا أكثر في التباهي بقراءة اكبر عدد من هذه الروايات والتي ننصح القارئ بأن يختار مايفيده ولا يتعارض مع تعاليم دينه الحنيف.
وفي الاطار الاجتماعي وأثر هذه الظاهرة في المجتمع الكويتي يقول الدكتور خالد الشلال من كلية العلوم الإجتماعية في جامعة الكويت أن معظم الكتب التي تعرض عبارة عن تجارب شخصية تصور حياة الكاتب وفعالياته اليومية وأغلب من يكتب في هذا المجال من العنصر النسائي وهذه الحكايات في حقيقة الأمر لا تشكل أي استفادة للمتلقي والصحيح أن تتم الكتابة على أسس النظريات العالمية وكيفية التعامل مع المواقف دون سرد لاحداث يومية روتينية وتكون مغلفة بإطار ارشادي ونصائح يريد ايصالها الكاتب للقارئ، ويبدو أن وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة قد ساعدت بشكل كبير في رواج مثل هذه الروايات ويستغل مروجوها هذه الطريقة بمزيد من المبيعات والانتشار وذلك لان المراهق بطبيعة التغيرات الجسمية التي تدفعه لاكتشاف اي شي جديد وغريب
وهنا يبرز دور الاسرة في التنشئة الصحيحة وتقوية الوازع الديني والاخلاقي.
واستذكر الدكتور الشلال المؤلفات الادبية لنجيب محفوظ ويوسف السباعي التي استمرت لهذه الفترة في حين نجد انعدام الفكرة في الروايات الحديثة وتناقضها في بعض الاحيان.