بيان محمد تكتب: أين ترى نفسَك؟
رغمَ أنني أمتلكُ رأساً لا يكفُّ عن التفكير في كُل أمرٍ صغير كان أم كبير، إلّا أنني أُصاب بالشلل عند سماعي لهذا السؤال: أين ترى نفسكَ بعد خمس سنوات؟
في الحقيقة لا أدري كيف أشرحُ لكم الأمر! لكنّهم يقولون أن الإنسان هو نتيجة ما حصل معه في حياته، وأعتقدُ أنني اليوم بِتُّ أجدُ صعوبة بالغة في أن أرى نفسي غداً! أو أرى نفسي بعد أُسبوع.
لا أعتقدُ أن السبب يعزو إلى كوني أضعُ خططاً دوماً ولا ألتزمُ بها، لكنني في هذه الفترة من حياتي تحديداً توقفتُ عن النّظر إلى الأمام، ولم أعد أُفكّر بالمستقبل كما أُفكر بأن أجعلَ الحاضرَ قابلاً للمضغ. هكذا بصراحة أشعُر!
أريد أن أُخفف من ثِقل الأيّام على قلبي خشيةَ أن أسقُط وتبتلعني حُفرة من حفر اليأس القاتلة.
هل يعرفُ أحدٌ مالذي يحصلُ لأولئك الذين تبتلعُهم حُفر اليأس؟ أنا أعرف! إنهم يتلاشون تماماً، إنّهم لا يعودون موجودين في هذا العالم، لا يعود بمقدورِ أحد منّا أن يراهُم، ولا أدري إن كان باستطاعتهم أن يروا أنفُسَهم، لكنني أشعرُ بسوداويّة الوضع لذلك أهربُ مُسرعة.
إنني في حالة هرَب مُستمرّة، هرَب من الواقع البئيس، هرَب من الحقيقة التي لا تُشبه إلّا الخيال، هرَب من الأفكار التي تعصفُ برأسي ليلاً نهاراً، هرب من.. إنني أهربُ من أشياء كثيرة ولذلك لا أجدُ الوقت لأُفكّر بالمُستقبل الذي ينتظرني.
يقولُ البعض إذا لم تُخطط للمستقبل فإنك لن تحصلَ على ما تُريدُ أبداً، وأنا أهرَعُ إلى رصفِ خُطة على الفور، فأنا أعرفُ ما أريد.
وسرعان ما أنسى الأمر برُمّته، أعتقد أنني الآن بعدَ كُل هذه المُحاولات الكثيرة غير المُجدية أعرفُ ماذا أريدُ حقاً بعد خمس سنوات، أريدُ أن أكون سَعيدة!
فقط. بدون أيّة شروط. لا يُهمّني المكان أو الزّمان، لا يُهمني الأشخاص الموجودين، ولا تُهمني كل تلك المحاولات السابقة، بل إنني سأمحوها من ذاكرتي وأزجُّ بها في سجون النسيان المؤبد!
لن أعترضَ على شيء، ولن أُحاول أن أتصدّى لما يقعُ في طريقي، لأنني لن أقصدَ وجهة مُعيّنة. سأمشي برفقة نفسي، سأكون أنا هدَفي، والطريقُ صديقي، سأُقيمُ معَه علاقة يكون فيها كِلانا راضياً عن الآخر، مع أنني لا أشعرُ أنّه كائنٌ لطيف، سأُكونُ صديقة الحياة، أُريد أن أفهمَها لكي تفهمني.
ما إن وصلتُ إلى هنا، ارتحتْ. لا أدري لماذا شعرتُ بأنني أخيراً وضعتُ النّقاط على الحروف الصحيحة.
أن تُقرر أن تكونَ سعيداً، أعتقد أنّه أعظمُ شيء فعلتُه في حياتي.