يوسف عوض العازمي يكتب: الكتابة .. المبدأ هو الأهم

” ليكن غرضك من القراءة اكتساب قريحة مستقلّة، وفكر واسع، وملكة تقوى على الابتكار، فكل كتاب يرمي إلى إحدى هذه الثلاث فاقرأه ”
( مصطفى صادق الرافعي )
الكاتب الحقيقي أيا” كان مستوى مايكتب فهو يكتب ليعبر عن ذاته ، آراءه ، مبادئه ، يتحدث عن إيجابيات و يشيد بها ، و سلبيات ينتقدها ، و قد يكون قاصا” او روائيا” ، او سياسيا” أو حتى مؤرخا” ، في كل انواع الكتابة الكاتب واحد ، و المبدأ واحد ، لكن تتعدد الاساليب و مهن الكتابة ، و إتجاهاتها ..
ما اعرفه ككاتب ( على الاقل عن شخصي المتواضع ) هو اني أكتب لإشباع رغبة الكتابة ، و الإدلاء بآراء معينة تحتمل الخطأ قبل الصواب ، أهم شئ أني كتبت مايملي علي الضمير ، و اترك للقارئ المحترم رأية المقدر في ما اكتب ، بل أني أحاول بقدر الإمكان الوصول للقارئ الذكي المثقف الذي ينفعني بإنتقاده و تصويبه فيما اكتب ، و هو المراد المهم من أي كاتب كان ، لذا للقارئ إحترام و هيبة و أتخيله أمامي يحكم و ينقد و يشيد ، لأن الثروة الحقيقية لأي كاتب هو القارئ ، هذا ما اظنه و هذا ما اعتقده ..
و في السنوات الأخيرة كثرت المسابقات و المنافسات لتقييم الكتب و الكتاب ، و هو أمر ظاهرة رحمة و خير على الكتاب ، ولكن باطن ( الكثير منه ! ) العديد من هذه المسابقات لايليق بالكتاب و لا بالكاتب ، هناك من يتعامل مع منافسات الكتب كالتعامل مع الحفلات الغنائية او شاعر المليون أو حتى دوري كرة قدم !
الكتاب لايقدمه و لا يؤخره منافسة أو مسابقة ، الكتاب يبقى كتاب ، مادته موجودة ، والقارئ الحقيقي هو الحكم ، لا لجنة في إحدى المسابقات لانعلم ماهو مبدأها و ماهو هدفها ، أساسا” إدخال أي كتاب في مسابقة هو إهانه للكتاب ، لأن الحكم هو القارئ و ليس لجنة تجلس على طاولة طويلة أمامها عصير و حلويات !
و إن كان لابد من مسابقات او منافسات ، فسوق البيع و شركات التوزيع و أرقامها قد تكون الفيصل ، و إن كنت لا اعتقد بدقة الحسابات الثقافية في ذلك ( انتبه . أقول الحسابات الثقافية لا المالية ! ) فكم من كتاب جاد ومعتبر لم يباع منه شئ يذكر ، وكم من رواية سمجة بيعت منها آلاف النسخ !
شركات النشر و التوزيع عليها عليها المسئولية الاهم في ترويج الكتاب و الدعاية له ، و هنا افترض وجود اناس تفهم ماهية الكتاب و جودته في هذه الشركات ، حتى تفرز الغث من السمين ، ولاتسوق إلا للمفيد لمجتمع القراء ، و يكون لها اثر في النهضة الثقافية و العلمية ، و بالتالي ينتقل الاثر للقارئ الذي يجد من يوجهه و إن بشكل غير مباشر ..
اما منافسات الكتب و طاولات لجان التحكيم ، لن اطعن بنزاهتهم ، لكن عالمنا العربي يتأثر بالمجاملات ، لكتاب معينين او دور نشر معينة ، هذا واقع لانستطيع تجاوزه ، وبالطبع لابد من وجود جهات ذات قياس محترم ، لكن أي هي ؟
هناك من لايميز بين كتابة مقال و كتابة رسالة هاتفية مثيرة للجدل ، و هنا يبرز الفارق الفكري و الثقافي للكاتب ،و علمتنا التجربة ان المقال او المنشور سريع الإنتشار قد يكون بسبب الأثارة به وليس لجديته و إتزانه ، لذا مثلما انتشر بسرعة ، سينسى بسرعة ، لكن الجاد المتوازن قد يبقى مرجعا” و مصدرا” لسنين طوال ..
قال تعالى :
” مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ” ( سورة ق _ 18 )
يوسف عوض العازمي
alzmi1969@