هجرة الأطباء الكويتيين الى القطاع الخاص .. أسباب وتداعيات
جذبت المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة التي انتشرت بكثرة في الاونة الاخيرة الاطباء الكويتيين العاملين في القطاع الحكومي للعمل لديها الامر الذي يراه البعض قد يضر بالمؤسسة الصحية في الكويت في حين يرى آخرون أن هجرة الاطباء الكويتيين من القطاع الحكومي الى الخاص قد تتزايد خلال السنوات المقبلة.
وهناك أسباب كثيرة تقف خلف تنامي هذه الظاهرة منها اسباب ادارية وفنية اذ يرى البعض “أن عدم انصاف الاطباء وتحويلهم الى التحقيق بسبب عدم وجود مظلة قانونية تحميهم عند حدوث مضاعفات للمرضى واتهامهم بالأخطاء الطبية هي سبب رئيسي في تلك الهجرة الى القطاع الخاص”.
في المقابل يرى اخرون أن من أسباب تلك الهجرة أيضا التأمين الصحي للمتقاعدين (عافية) ويعتبرون أنه كان له النصيب الاكبر في ذلك وتسبب بهجرة الكثير من الاطباء الى القطاع الخاص فيما يرى البعض أن المردود المادي قد يكون السبب الأوحد في هذه الهجرة.
وفي هذا الصدد أكد رئيس وحدة التخدير والعناية المركزة في مستشفى (الرازي) التابع لوزارة الصحة الاستشاري الدكتور حسين المجادي على ضرورة إعادة دراسة تجربة دمج العمل في القطاعين الحكومي والخاص مشيرا إلى أن هذا الدمج يؤثر سلبا على اداء الطبيب.
واعرب الدكتور المجادي عن قلقه ازاء زيادة تنامي هذه الظاهرة التي قد تتسبب على حد تعبيره “في ضعف اداء الاطباء وعطائهم في القطاع الحكومي” مشيرا الى وجود نقص حاد في القوى العاملة بسبب هجرة الأطباء الى الخاص.
وأشار إلى ضرورة تطبيق آلية لمراقبة القطاع الخاص وتطوير فرق التفتيش لمواكبة توسع هذا القطاع والحد من بعض الممارسات التي قد تسيئ لهذه المهنة التي تحكمها قوانين علمية دقيقة.
وعن مدى تأثير تأمين (عافية) على انتقال الأطباء الكويتيين الى القطاع الخاص قال المجادي إن “فكرة تأمين عافية جيدة وتؤكد حرص واهتمام وزارة الصحة بالمواطن الا انه تم استغلال هذا التأمين من بعض المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة”.
وأضاف “أن هذا الاستغلال يأتي من منطلق أن تأمين (عافية) استهدف الفئة العمرية الأكثر عرضة للامراض وهي فئة المتقاعدين أو كبار السن الذين يتم استخدام تأمينهم احيانا لعلاجات متوفرة في المستشفيات الحكومية التي أرى انها تقدم خدمات علاجية افضل”.
ودعا إلى ضرورة متابعة بعض الممارسات كعودة المريض للمستشفيات الحكومية لاستكمال برنامجه العلاجي بعد انتهاء رصيده من تأمين (عافية) وكذلك اهمال مواعيد (الرنين المغناطيسي) او العمليات دون اخطار المستشفى الحكومي بعد حصوله على موعد مناسب بالخاص مما يؤدي الى هدر بالمال العام.
وأشاد المجادي بقيام وزارة الصحة بالتوسعات الجديدة للمستشفيات وزيادة السعة السريرية التي من شأنها استيعاب المواطنين والمقيمين فضلا عن توفير خدمة الأطباء الزائرين التي تعد بصمة مضيئة للوزارة علاوة على توفير (الإسعاف الجوي) الذي يعد خدمة متميزة غير متوفرة بأغلب دول العالم.
من جانبه نوه استشاري طب وجراحة العيون في (مركز البحر) الدكتور رائد بهبهاني في تصريح مماثل ل(كونا) بتأمين (عافية) الذي اعتبره تأكيدا على رغبة الوزارة في اشراك القطاع الخاص بتقديم خدمات طبية افضل للمواطنين نتيجة للتطور الملحوظ في هذا القطاع إلى جانب رغبتها في تخفيف العبء المتزايد بسبب الزيادة السكانية والتأخر في تشغيل المستشفيات الجديدة متمنيا ان يشمل التأمين كل الفئات العمرية.
وحول ظاهرة جذب القطاع الخاص للأطباء الكويتيين قال الدكتور بهبهاني إن “القطاع الخاص يوفر البيئة التشجيعية للطبيب التي يشعر من خلالها باستقلالية اكثر بعيدا عن البيروقراطية الناتجة عن المعوقات الإدارية والفنية فضلا عن المدخول المادي”.
أما عن تأثير دمج عمل الأطباء في القطاعين الحكومي والخاص على كفاءتهم فقد أكد أن “الكويت ليست استثناء في قضية الدمج وان هذا الامر يحدث في كثير من الدول المتطورة”.
وذكر أن الاستثناء في الكويت هو الفصل في أوقات العمل لدى القطاعين بحيث يتواجد الطبيب في ساعات العمل الرسمي ويستطيع ممارسة عمله في (الخاص) خارج هذه الأوقات معربا عن قناعته بأن هذا الأمر لا يؤثر على كفاءة الطبيب لان ساعات العمل في الكويت قليلة مقارنة بالدول الأخرى.
وأضاف أن مدى تأثر كفاءة الطبيب يعتمد على تخصصه وطبيعة عمله “واذا كانت هناك ممارسات فردية توحي بالاستغلال وعدم الأمانة فلا يجب أن نعممها على الجميع”.
وشدد على ضرورة الانتهاء من مسودة قانون تنظيم المهنة وحماية الأطباء من التقاضي بشكل تعسفي بسبب عدم التفريق بين الأخطاء الطبية والمضاعفات لان الطبيب لايمكن ان يمارس عمله دون حماية قانونية في ظل قصور في القانون.
ولفت الى أهمية اعادة النظر في قوانين الترقيات الخاصة بالخدمة المدنية التي وصفها بأنها “متأخرة جدا” اذ لا يزال نظام الأقدمية هو المسيطر.
وأفاد بأن هناك الكثير من الأطباء تتأخر ترقياتهم بسبب عدم وجود شواغر أو من هم اقدم منهم دون الاخذ بالاعتبار معايير الكفاءة في حين قد تتوفر للاطباء فرص الارتقاء أكثر في القطاع الخاص علما بأن هناك لجنة متخصصة من وزارة الصحة تشرف على ترقيات القطاع الخاص.
وثمن في هذا الإطار جهود وزارة الصحة وسعيها الدائم لتقديم خدمات افضل للمواطنين والمقيمين متمنيا أن يكون العمل في القطاعين الحكومي والخاص مكملا لبعضه البعض. (كونا)