يوسف عوض العازمي يكتب: ناصر الظفيري ..
” كنت حريصا على أن ينتمي كل ما كتبته من روايات إلى الكويت “
( ناصر الظفيري )
لكتابة عن الأدب صعبة ، و الكتابة عن أديب رحل أصعب ، و الأصعب صعوبة الكتابة عن أديب مؤدب وحسن الخلق و محترم في زمن أصعب فيه الإحترام عملة ثمينة و نادرة ، عندما علمت بوفاة الأديب الكويتي ناصر الظفيري رحمه الله ، لم أكن متفاجئا” ، نظرا” لحالته الصحية الصعبة ( لاحظ تكرار كلمة ” صعبة ” ! )
تعامل ناصر مع الكويت كما يليق بها ، و لم تعامله الكويت بما يليق به ، رغم جبال الاعذار التي قد يكون فيها من الوجاهة سياسيا” و أمنيا” ، لكني أجزم لو أن من بيده القرار يعرف من هو هذا الرجل ، لتم التعامل بما يليق به ، لكن قضية البدون متعبة للكل ، أتعبت أهل المشكلة اعانهم الله ، و اتعبت اجهزة الدولة اعانها الله ، يبدو أن تراكمات العقود الماضية ولا اقول السنون وضعت العصي في دواليب الحلول الصحيحة ، إلى آل الوضع كما نعايش الآن ، ظلم غير مقبول، و حالة لاتستقيم و العيش الأنساني ، لا اعلم لماذا لايحسم هذا الملف الشائك ، لماذا تتكرر الحلول الترقيعية و الوقتية ، و في كل مرة تتساقط اوراق خضراء يانعة ، من خيرة الناس ، الذين نتمنى لو أنهم حصلوا على حقهم الطبيعي الموضوعي في الحياة ..
ناصر توفي و أنتهى ملفة في هذه الدنيا الفانية ، إلا من الذكر الطيب و الأعمال الأدبية المشرفة ، ومن مثل ناصرا” لانخشى عليه لقاء ربه ، فهو كريم بضيافة أكرم الأكرمين و أرحم الراحمين ، و لكن يبدر سؤال تكرر كثيرا” : إلى متى تستمر مشكلة البدون ؟
و هذه التداعيات المحزنة ، بسبب عدم حسم و إنجاز إنهاء هذه المشكلة ، أعلم أن الدولة تبذل جهودا” مضنية ، و أعلم مايعانيه القائمون على جهاز البدون ، لكن الحسم مطلوب حتى تتحقق المصلحة العامة للجميع ، بدء من اهلنا البدون أنفسهم و حتى الدولة بمؤسساتها ، و إن شاء الله نترقب حلولا” منصفة للجميع في أقرب وقت ..
بالنسبة لناصر رحمه الله انتقل للإقامة في كندا ، التي قدمت له العمل حيث حسبما علمت يعمل بالقنصلية السعودية بأوتاوه ، و لمن لايعرف ناصر فهو حاصل على مؤهلات علمية رفيعة ، فهو مهندس و حاصل على شهادة المايجستير ، إضافة إلى مواهبة الأدبية الخلاقة ، أيضا” يكتب في زاوية دائمة بجريدة ” الجريدة ” الكويتية ، و هي عمود صحفي مميز ، حيث أتابع مايكتب دائما” ، و كانت كتاباته عن الشأن الثقافي و الأدبي ، و هي كتابات تستحق القراءة ، واتمنى جمعها في كتاب يوثقها و يحفظها ..
قبل مدة علمت أن هناك أحتفالية بكلية الآداب في جامعة الكويت لتكريم ناصر ، و علمت فيما بعد أن الأحتفالية اقيمت بدون حضورة لسبب صحي منعه عن الحضور ، و رأيت بعض الصور و الفعاليات المميزة لها ، ويستحق القائمون على هذه الإحتفالية التقدير لهذا التكريم المستحق ، لأنسان محترم و أديب مرموق ..
الدنيا تسير بسرعة ، و الاوراق البشرية تتساقط بسرعة ، و ما اجمل ان يكون تساقط اوراقنا كما تتساقط اوراق الورد العطرة ، التي تحمل الأريج الطيب ، و الذكرى المحملة بالتقدير ..
أحترت في إختيار عنوان هذا المقال ، مرة أقول أن يكون العنوان هو أسم إحدى رواياته ، و مرة أقول يجب أن أجعل الجهراء بالعنوان ، و فكرت أن أجد عنوان مبهر ، فلم أجد عنوانا” مبهرا” أفضل من أسمه رحمه الله ..
رحم الله ناصر الظفيري و غفر له و اسكنه فسيح جناته ، و عزائي لذويه و محبيه و للأدب الكويتي و لكل محب للثقافة المحترمة في الكويت ..
قال تعالى : ” وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا ۖ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ “
( لقمان _ 34 )
يوسف عوض العازمي
alzmi1969@