أ. د. فيصل الشريفي يكتب: مسيرة عطاء سمو الأمير
وضع سمو الأمير رفاهية المواطن الكويتي نصب عينيه من خلال إطلاق «رؤية الكويت 35» بفتحه آفاقاً واعدة لمستقبل الكويت بتحويلها إلى مركز مالي واقتصادي، وإرساء قواعد جديدة لمفهوم تنوع مصادر الدخل، لذلك قام سموه بإجراءات عملية في هذا الاتجاه، كان آخرها توقيعه مذكرات تفاهم مع جمهورية الصين الشعبية.
احتفلت الكويت في يوم 29 يناير 2006 بذكرى تولي حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مقاليد الحكم، حيث استطاع سموه أن يجعل الكويت دار السلام، ويبحر بها إلى بر الأمان في زمن تلاطمت فيه الأمواج والتهبت النيران بمحيطنا العربي، فكان القائد الحكيم والربان المتمكن الذي استطاع أن يذود عن مصالح الكويت.
لقد تجلت حكمة سموه في التعامل مع الأزمات العربية والإقليمية بتجنيب الكويت الدخول في أتون تلك المؤامرات، ووقف بها حيث يجب أن تكون، فاستطاع أن يحول إليها أنظار العالم لمساهماتها في مجال السلم الأهلي ولدورها الإنساني الذي قادته بهدف تخفيف آثار الحروب التي عانتها الشعوب العربية، والمآسي التي عاشتها الشعوب الفقيرة، ولأجل ذلك استحق تكريم قادة دول العالم ومنظمة الأمم المتحدة بتسميته “قائد الإنسانية” الذي تشرفت فيه الكويت.
هذه القيادة الحكيمة لم تأت من فراغ، فسموه كان ولا يزال من المؤمنين بالعمل الديمقراطي الرشيد، ويدفع ويوجه الكويتيين نحو اللحمة الوطنية والمحافظة عليها، ويحرص على تطبيق مبدأ فصل السلطات، ويدفع في اتجاه تعزيز الشراكة المجتمعية، وبأهمية مجلس الأمة، ودوره الرقابي والتشريعي، ودائما يحثه على التعاون مع الحكومة نحو إقرار القوانين التي تخدم مصالح الكويت ومواطنيها.
لقد وضع سموه رفاهية المواطن الكويتي نصب عينيه من خلال إطلاق “رؤية الكويت 35” بفتحه آفاقاً واعدة لمستقبل الكويت بتحويلها إلى مركز مالي واقتصادي، وإرساء قواعد جديدة لمفهوم تنوع مصادر الدخل، لذلك قام سموه بإجراءات عملية في هذا الاتجاه، كان آخرها توقيعه مذكرات تفاهم مع جمهورية الصين الشعبية لإنجاز مشروع “الحزام والطريق” كواقع ستعيشه الكويت في السنوات القليلة القادمة.
لكن هذه الرؤية تتطلب تضافر كل الجهود، وتتطلب من الحكومة والمجلس تحويلها إلى واقع، والشاطر من يغتنم الفرصة، وأي تأخير لن يمكن الكويت من تحقيق رؤيتها في تنويع مصادر الدخل، وهنا الحديث عن مشاريع عملاقة في البنى التحتية، واستثمار بشري يواكب متطلبات حاجة السوق القادمة، وتشريعات مرنة تشجع على الاستثمار، وبرامج تشغيلية تفتح المجال للمشاريع الصغيرة وفق أهداف معلنة قابلة للقياس والتطبيق.
هذه الرؤية أيضاً تحتاج إلى الاعتراف بمكامن ومواقع الخلل والعمل على إصلاحها، ولا يكفي اعتراف الحكومة بوجود الفساد الإداري والمالي ما لم تغير نهجها في التعامل مع منظومة المحاصصة التي لم تجنِ منها الكويت سوى التراجع على كل مؤشرات القياس، ولذلك عليها أن تتعامل مع المجتمع بمزيد من الشفافية، وأن تفتح المجال أمام الكفاءات بدلاً من حصرها بأسماء معينة لم تنجح في مواقعها الإدارية أول مرة، فكيف لها أن تنجح بمواقع أكثر حساسية وأهمية من سابقتها؟
لا أريد أن أطيل ولا أرغب في الحديث عن الأسباب التي أدت إلى فقدان المواطن الثقة بالحكومة والمجلس على أمل أن تنصلح الحال، ويلتفت المخلصون منهم إلى توجيهات سمو الأمير، حفظه الله ورعاه، بالعمل على تحقيق رؤيته من تحويل الكويت إلى مركز مالي واقتصادي، بعيداً عن المزايدات السياسية التي لم تعد خافية على أحد.
ودمتم سالمين.