كتاب أكاديميا

دانه الكندري تكتب: آخر الممر

ذهبت الى زيارة إحدى قريباتي في المستشفى . قبلت رأسها احتراماً و توقيراً لها . جلست بجوارها أحدثها عن بعض الأمور وتعمدت في ذكر التفاصيل المضحكة حتى أخفف عنها ألمها وألطف جو المستشفى الكئيب . بعدما أنهيت تلك الزيارة القصيرة ودعتها وخرجت . وأنا أمشي في الممر مارة على أسِرة المرضى أشاهدهم وما أن تقع أعينهم علي ألقي التحية  . لفتني المنظر منهم من يجلس حوالها أقاربها ومنهم الوحيدة التي لا مؤنس لها سوى سقف الغرفة الذي تتأمله أو تلك الابتسامات التي تأتيها من العابرين في هذا المرر .جذبتي ابتسامتها تلك العجوز التي ملأ الشيب رأسها و تلك التجاعيد التي تظهرمختصر تجاربها في الحياة على وجهها . تساءلت بيني وبين نفسي أين أقاربها ، أبناؤها وأحفادها لما الوحدة التي هي فيها . أهي مغتربة ؟، أرمله أم عزباء لم يقدر لها أن تتزوج أين اصدقاؤها أيعقل أن لا صديقة لها أو أن النسيان كان حليفها بعد أن ذبلت واحدودب ظهرها . لا عجب أن يحالفها النسيان فكم محبوب بين الناس ما إن خسر كل شيء حتى تلاشى المحبين من حوله واحداً تلو الآخر  . رهبة المكان تزداد كلما ازداد أنين المرضى وكلما ازدادت حركات الممرضات .كلما هم الناس بالدخول والخروج وكلما أتت حالة وخرجت أخرى .رغم نظافة المكان و رائحة المنظفات التي تملأه إلا أنني كلما أدخله أخرج منه مريضة . أهو الخوف أم العدوى التي أعاني من سرعة انتقالها . المستشفى مكان يروى بداية و نهاية حياة الانسان . مكان يجمع بين الفرحة والحزن . مكان يبشر بقدوم إنسان ورحيل آخر .مكان يثبت أن لا شيء أغلي من الصحة وتشهد أسِرة المرضى بذلك . حياة داخل حياة أكبر تثبت لمن يتأمل ويتفكر سخافة ما كان يلهث حوله وتفاهة ما ظن أن فقدانه أكبر خسارة .  مشيت ومشيت حتي وصلت إلى  آخر الممر الذي أنهى زيارتي للمستشفى. وما إن غادرت محيط المكان حتى عادت الحياة تسيطر علي وعلى فكري . وبدأت أخطط ليومي الجديد منذ بدايته حتى رحليه .

 

دانه الكندري


займ на карту быстро

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock