أحمد بودستور يكتب: جامعة الكويت نموذج صارخ للطائفية والقبلية في الكويت!
جاء في الحديث الشريف ( الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها ) والتعصب الطائفي والقبلي والفئوي هو من أنواع الفتن التي تخدش الوحدة الوطنية وتمزق نسيج المجتمع وتضرب الجبهة الداخلية في مقتل لأنها ببساطة تهز هيبة الدولة وتحولها إلى طوائف وقبائل فيكون الانتماء والولاء ليس للوطن بل يكون إلى طائفة أو قبيلة وهو مايفكك المجتمع ويهدد أمن واستقرار البلد .
هناك مثل يقول ( باب النجار مخلع ) وهو ينطبق على جامعة الكويت التي من المفروض أن تكون نموذجًا للوحدة الوطنية وبوتقة تنصهر فيها شرائح المجتمع لأنها محراب للعلم ومصنع للكفاءات والطاقات التي سوف تقود المجتمع في المستقبل ولذلك ينبغي أن يكون الطلبة هم نخبة المجمع الواعية والمدركة للأخطار التي تهدد البلد سواء داخلية وخارجية وان ينصب اهتمامهم وجهدهم على تلقي العلم وليس رفع شعارات براقة تكرس الطائفية والقبلية.
ماحدث في جامعة الكويت بعد إعلان نتائج الثانوية العامة من إعلانات تنشر في وسائل الإعلام تهدف إلى تهنئة أبناء القبائل وكل قبيلة لها ممثلين في الجامعة من الطلبة يستقبل أبناء القبيلة الذين سوف يلتحقون بالجامعة وذلك لتسهيل اسقبالهم وتسجيلهم ولا شك أنها إعلانات صدمت المثير من الشعب الكويتي الذين يرفضون هذا التعصب والتمييز العنصري بين المواطنين وفرزهم إلى طوائف وقبائل مما يتعارض مع قانون الوحدة الوطنية ولذلك ينبغي تطبيق هذا القانون على كل من شارك في هذا التصرف المرفوض حتى لا يتكرر مستقبلا.
إدارة الجامعة بعد سكوت وصمت على ماحدث عدة أيام قررت إحالة المشاركين بهذا التصرف إلى التحقيق فقد تعالت أصوات المخلصين من المواطنين ترفض هذا التصرف في وسائل التواصل الاجتماعي وإلا لكان مر هذا الأمر مرور الكرام زمن هؤلاء الرافضين وزير الإعلام الأسبق الدكتور سعد بن طفلة الذي هو أيضا محاضر في الجامعة فقد كشف في تسجيل صوتي أن ماحدث هو ترجمة فعلية لمخطط ومؤامرة لتفتيت الدول العربية إلى طوائف وقبائل حتي يسهل ابتلاعها وهذه الظاهرة السلبية هي ليس لها علاقة بالاعتزاز بالقبيلة وأن الحكومة وكذلك الطبقة المثقفة فشلت في محاربة هذه الظاهرة التي تتمثل في تدخل القبائل في تهنئة الطلبة وتسهيل قبولهم في الجامعة رغم أن الدكتور بن طفلة ينتمي إلى قبيلة عريقة ولكن هناك من يرفض هذا السلوك غير الحضاري من أبناء القبائل الذين يعتزون بالقبيلة ولكن بطريقة أخرى لاتخدش الوحدة الوطنية .
نعتقد أن الحكومة وكذلك مجلس الأمة يشاركون في المسؤولية عن هذا الانحدار الذي وصل له بعض المواطنين في تمزيق المجتمع فمثلا استجواب وزير النفط والكهرباء بخيت الرشيدي كان قبليا بامتياز وكذلك استجواب وزيرة الشؤون هند الصبيح كان قبليا وطائفيا حيث تم الربط بين الاستجوابين بحيث إما تجدد الثقة في الوزيرين أو أن تطرح الثقة بالوزيرين ليس بسبب أدائهما ولكن لاسياب كما قلنا لها علاقة بالقبيلة والطائفة.
أما الحكومة فهي قد سكتت طويلا حتى وصلت الأمور إلى هذه الدرجة من التعصب والوضوح والجرأة لانها تركت الحبل على الغارب منذ نجاح قائمة الائتلافية في احتكار اتحاد طلبة الجامعة منذ 40 سنة تقريبا وهذه القائمة هي أحد أذرعة تنظيم الإخوان المسلمين وحتى ترضي الحكومة هذا التيار سكت عن الممارسات العنصرية لهذه القائمة فهي تدعم فقط المنتمين لهذا التنظيم وتستفيد من الامتيازات التي تتمتع بها في الجامعة في مساعدة الطلبة في تسجيل القبول وكذلك تسجيل المواد لتفريخ كوادر جديدة في تنظيم الإخوان المسلمين .
النائب الراحل نبيل الفضل رحمه الله كان من أشد المعارضين لسيطرة هذا التنظيم على اتحاد الطلبة ولذلك تقدم باقتراح بقانون لتنظيم عمل القوائم في الجامعة أثناء الانتخابات وقد أكمل المشوار ولده النائب أحمد الفضل وتقدم بنفس القانون ولكن يبدو أن هناك مجموعة من الأعضاء وخاصة المنتمين للحركة الدستورية وهي الذراع السياسي لتنظيم الإخوان يرفضون مناقشة هذا الاقتراح وأن يرى النور .
نعتقد أنه قد آن الأوان لإصدار تشريعات وقوانين تبعد التيارات الدينية والطائفية عن السيطرة على اتحاد الطلبة الذي يشغل الطلبة بقضايا سياسية وكذلك تشجيع أبناء القبائل على خوض الانتخابات نظرا لوجود قاعدة قبلية لديهم تضمن نجاحهم فهذا التنظيم يستغل نفوذ القبائل وذلك لنشر فكر الصحوة بينهم وبالتالي القدرة على تحريك الشارع وهو ماحدث سنة 2011 عندما كان هذا التنظيم يقود المسيرات التي يشارك فيها طلبة الجامعة وذلك للإطاحة بالحكومة ونشر لفوضي والبلبلة وطبعا الأهداف معروفة وهي تغيير نظام الحكم والوصول إلى السلطة وهو ماحدث بالفعل في بعض الدول مثل جمهورية مصر.
كل التقدير والاحترام والاعتزاز والقبائل التي كان لها دور مهم في الدفاع عن الوطن في معارك وحروب مثل حرب الجهراء وغيرها ولكن هناك حدود لدور القبيلة ينبغي أن تتوقف عنده ونقصد هنا أي نشاط يخدش الوحدة الوطنية ونسيج المجتمع وتماسك الجبهة الداخلية مثل ظاهرة في قبول الطلبة في الجامعة وان يقتصر دورها على المناسبات الاجتماعية وحتى أعضاء مجلس الأمة الذين ينتمون لقبائل كريمة فهم ينبغي أن يمثلون الأمة وليس القبائل.
نامل أن تكون هذه الحادثة جرس إنذار للحكومة أن تحاسب كل من يمارس نشاط يخدش الوحدة الوطنية ويكرس الطائفية والقبلية والفئوية التي مزقت مجتمعات ودول والمطلوب هو فقط تطبيق قانون الوحدة الوطنية ومكافحة هذه الظاهرة السلبية التي تحول الجامعة والهيئة العامة للتعليم التطبيقي إلى ساحة للصراع بين شرائح المجتمع والمفروض أن تكون ساحة للعلم وتعزيز الوحدة الوطنية وأن تقدم قانون لمجلس الأمة ينظم العمل الطلابي حتي تكون الجامعة صرح علمي وليس سياسي وساحة لصراعات التيارات سواء سياسية أو دينية.
أحمد بودستور