كتاب أكاديميا

ود سالم يكتب: “العلم في التاب مش في الكتاب” مثل مصري مستحدث!

 

 

 

 

كتبت منذ عامين مضيا مقالًا عنوانه (الثانوية وأفسدة التعليم) نشرته ساسة بوست، وأعادت نشره بوابات أُخر في مقدمتها جريدة أكاديميا الكويتية، تناول المقال رصدًا لحال التعليم في مصر وأهم قضاياه، وعلى رأسها بالطبع قضية التعليم العام للعائلة المصرية: الثانوية العامة. تلك القضية التي شغلت الرأي العام في مصر على مدار أكثر من ستين عامًا، ولم يزل البال بها مشغولا في كل بيت مصري أوفد قرة عينٍ من أبنائه إلى نظام التعليم المصري سواء الحكومي بنسخه المتعددة أو المتقدمة في آن؛ أعني: الحكومي العادي أو التجريبي، أو التجريبي المميز، أو الخاص عربي، أو لغات… المهم أن العائلة المصرية أوفدت قرة العين وإخوته إلى حيث لا يعلم إلى أين ينتهي المطاف به وبإخوته في ظل أنظمة متشابكة أو متصارعة أو عفا عليها الزمن منذ أمد بعيد!!
نعم، كما أصف تمامًا، ولست أدعي. فالعبد لله من رجال التعليم الذين يمارسون العملية التعليمية في مصر، وقد لبث فيه قرنًا من السنين وازداد ثلاثًا، ولم يزل يغرد بالعربية بين أبنائه. كما أن لي ثلاثًا من قرة الأعين الذين أوفدتهم إلى التعليم، أكبرهم سيمتحن إتمام الثانوية العامة بعد عام، وأصغرهم ستمتحن الابتدائية بعد أيام، وأوسطهم سيخضع في مايو القادم لامتحان الشهادة الإعدادية أو المتوسطة. وهنا مربط الفرس كما يقولون. تجربة الأوسط وما سيقدم عليه العام القادم من تجربة جديدة طرحها وزير التعليم، ووافق عليها البرلمان، ألا وهي تجربة إلغاء الثانوية العامة المعهودة، وتطبيق نظام الثلاث سنوات من العام القادم؛ بما يعني أن طلاب الشهادة الإعدادية لهذا العام هم من سيخضعون لهذه التجربة.
لا أحد يستطيع الحكم مسبقًا على نجاح أو فشل التجربة المطروحة، فلم يندرج الطلاب جميعهم محل التجربة حتى الآن لرصد سلبياتها أو إيجابياتها؛ ولأن مشكلتنا تلك تتقاسمها تساؤلات عديدة وددت مشاركتكم في طرحها..
السؤال الأول وخصوصية القرار.
– كيف لطرح جديد مثل هذا أن يتم الموافقة عليه من قبل مجلس النواب، وعلى رأسهم لجنة التعليم الموقرة دونما يتم طرحه على الأمة تفصيلًا قبل هذا التوقيت بوقت كاف عن تطبيقه للدراسة والبحث والنقاش المجتمعي، وذلك ببيان فكرته وشرح معطياته ومقاربة مشكلاته المتوقعة، وإشراك عدد من الخبراء فضلًا عن بعض من أولياء الأمور في مناقشته قبل تصديره؟
السؤال الثاني وعمومية التجريب.
– كيف يمكن طرح هذه التجربة على المدارس الحكومية والخاصة جميعًا دون النظر إلى أهمية إخضاع التجربة على بعض من المدارس كالتجريبية المميزة مثلًا لمدة ثلاث سنوات، ثم رصد النتائج والتحليلات للاستفادة من مدى نجاح التجربة بالكلية أو إدخال تعديل يتوافق مع تقييم التجربة؟ لكن الذي حدث هو تعميم التجربة على مدارس المحروسة دون الالتفات إلى التجهيزات والإعدادات التي يجب توافرها على كافة المستويات، وتلك التي تحمل السؤال الثالث بشقيه.
السؤال الثالث وجاهزية المعلمين والمدارس.
– إلى أي مدى يمكن أن نتوقع نجاح تجربة تمثل الهم الأكبر في كل بيت مصري، ولدى ملايين البيوتات التي سيختص قرة عيونهم، أبناؤهم بهذه التجربة، دون جاهزية المعلمين بالتدريب المتطور للعمل على إرشاد الطلاب على البحث والتعلم عبر بنوك المعفرفة والمعلومات؟!
– كيف للمعلمين وهم الزملاء الأفاضل أن يتفرغوا لتلك المهام الراقية وهم المغمورون بمشكلات الغلاء والمعيشة همًا، الأمر الذي أدى إلى تفرغهم إلى الدروس الخصوصية والتمترس في المراكز التعليمية، وبسط منشوراتهم على الحوائط والجدران إعلانًا عن أنفسهم لدرس هنا أو هناك في ظل رواتب مجحفة لجهودهم، وفي ظل إهمال قديم لدورهم وكفالة حياة كريمة لهم؟؟
أما السؤال الرابع فعن جاهزية المناهج!
– فهل قامت الوزارة بإعداد حقول بنك المعرفة والمعلومات بما ينبغي أن يكون؟ وهل استندت إلى دراسة السوق واحتياجات المستقبل وتطلعات الطلاب وذويهم في هذا الشأن؟ وإلى أي مدى استعدت لتزويد هذه المناهج المفتوحة بحقول الدعم المعلوماتي بصورة متطورة؟ وإلى أي مدى يمكن تقييم هذه المناهج والمعلومات في ظل المناهج المتطورة المؤهلة للتعليم الجامعي؟ وهل استعدت الجامعات المصرية للتواؤم مع مخرجات التعلم عن هذه التجربة بعد ثلاث سنوات؟؟
السؤال الخامس والأخير عن التاب!!
المصريون أصحاب روح مرحة كعادتهم، استقبلوا فكرة التاب بديلأ عن الكتاب باستبدال المثل المشهور (العلم في الراس مش في الكراس) إلى (العلم في التاب مش في الكتاب)!!
والسؤال: هل سيغني التاب عن الكتاب؟ أم أن التاب مقرون بالكتاب جميعًا أو أحيانًا؟ وهل ستوفر المدارس التاب للطلاب جميعهم في أرجاء المحروسة، أم سيكلف به أولياء الأمور، ويدخلوت في سباق الماركات المختلفة والشركات الطارحة وضماناتها وغير ذلك؟ وهل سيتدرب الطلاب في ريفهم وحضرهم على استعمال طرق البحث في مناهج موحدة أم محتلفة في وحداتها حسب طبيعة المكان وسوق العمل؟
أما عن الامتحان النهائي والذي بموجبه ستتحدد مصائر قرة الأعين بعد ثلاث سنوات وصيف، فذلك له مقال آخر.

 

 

ود سالم
20 أبريل 2018م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock