كتاب أكاديميا

أ.د. معصومة أحمد إبراهيم تكتب: فتِّشوا عن الفساد في التعليم

 

 

المتعقب لشجرة الفساد سيصدمه تشابك غصونها، وتراكم أوراقها الخبيثة، وتشعب جذورها إلى حد أنها تغلغلت في كل اتجاه، بما فيها تزوير المساعدات الاجتماعية لمواطنات كويتيات ادعين أن أزواجهن «بدون»، برغم أنهن مقترنات بمواطنين، والكشف عن 57 ألف «مدعي إعاقة»، طمعًا في الحصول على الدعم المالي، كما أن هناك «موتى» لا يزالون يتلقون مساعدات اجتماعية!
وإذا كانت وزارة الشؤون كشفت عن 25 مليون دينار مديونيات على 37 ملفًا موقوفًا، فيجب طرح سؤال مهم عما اتُّخذ حيال أصحابها من إجراءات، وهل استُردت منهم المبالغ؟! وما العقوبة التي صدرت في حقهم؟! أما الأغذية الفاسدة التي نقرأ عنها كل يوم وهي تتعلق بأرواح الناس وصحتهم، فلا ندري عن المتهمين فيها شيئًا.
ولا يقتصر الفساد على مرافق وزارة التعليم بوصفها مؤسسة كسائر المؤسسات، بل إن الفساد الأكبر – في تقديري – يجري في فصولها وقاعات محاضراتها، من محاباة قبلية أو طائفية في تصحيح الأوراق، مرورًا بالأبحاث التي يجب أن يكتبها الطلاب بأقلامهم، فإذا بالبعض يشتريها جاهزة ويقدمها لأساتذته من دون حتى أن يطلع عليها، وهناك أساتذة يعرفون هذا جيدًا، ويصمتون صمتًا مريبًا، وانتهاء بالغش في الامتحانات الذي يمر مرور الكرام، ولا نعرف لماذا استفحلت هذه الظاهرة.. إلا إذا كان بعض الأساتذة الذين وصلوا إلى أماكنهم بالغش والشهادات المزيفة التي تبيعها جامعات مجهولة لمن يريد من دون جهد في بحث أو تمحيص لفكرة..؟
فنحن لا نستطيع أن نفصل العلاقة الفاسدة بين الغش التعليمي بأنواعه، وبين اكتشاف 119 شهادة مزورة أغلبها للصفين الأول والثاني الثانويين صادرة من دول عربية (السياسة، 8 مايو 2016)، وبين معلمين يغشون في اختبارات الترقي للوظائف الإشرافية، وبين هدر مئات الآلاف من الدنانير على موظفين ومعلمين منقطعين عن العمل وقياديين لا يستحقون، وخسارة 519 مليون دينار تُهدر على أبحاث واستشارات وهمية بقصد التنفيع، بلا عائد على العملية (القبس، 1 مايو 2016).
وإذا كان وزير التربية الأسبق العيسى أحال 200 شخص بالقطاع الخاص إلى النيابة في قضية الشهادات المزورة، والوزير السابق الفارس شكَّل لجان تحقيق أيضًا بالشهادات الوهمية والمزورة لمواطنين يعملون بالتطبيقي والجامعة، أفليس من حقنا التساؤل عما انتهت إليه لجان التحقيق في هذه القضية الخطيرة؟ وماذا عن «إمبراطور التزوير» الذي تربح 3 ملايين دينار من تزوير وتمرير 600 شهادة يتبوأ أصحابها كثيرًا من الوظائف المرموقة في المجتمع، من دون حق، وعلى حساب آخرين أكفاء ويستحقون أن يقطفوا ثمرة تعبهم الحقيقي؟! فمن هم يا ترى؟!
أيها السادة، لا إصلاح في مجتمعنا إلا بإصلاح منظومتنا التعليمية… وهي مسؤوليتنا جميعًا، كل من موضعه، فإذا نهض التعليم نهضنا جميعا، وإن انكفأ سقطنا جميعا.. وهو ما لا نريده لوطننا ولا لشعبنا.

أ. د. معصومة أحمد إبراهيم

[email protected]

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock