أ. د. عبداللطيف بن نخي يكتب: آمال في رابطة التطبيقي
في يوم الثلاثاء من الأسبوع الماضي، نظمت رابطة أعضاء هيئة التدريس للكليات التطبيقية حفل تكريم عميد كلية الدراسات التكنولوجية وأعضاء لجان الاعتماد الأكاديمي بالكلية، بمناسبة اعتماد 10 برامج أكاديمية تكنولوجية من قبل مجلس الاعتماد للهندسة والتكنولوجيا (ABET). وسعدت كثيرا بهذا الحفل ليس فقط لأنني كنت من بين المكرمين فيه، بل لأنني رأيت فيه تطورا نوعيا في الأداء النقابي للرابطة، لما كان لهذا الحفل من صبغة أكاديمية وبعد مرتبط بجودة الخريجين. لذلك أحيي الرابطة على هذا التوجه في أنشطتها، وأدعوها إلى تنظيم المزيد من الفعاليات حول الشؤون الأكاديمية في المستقبل القريب.
اعتدنا نحن أعضاء الجمعية العمومية للرابطة أن نرى أنشطة مختلفة من قبل رابطتنا على مدى السنوات والعقود الماضية، كانت جلّها اجتماعية وثقافية، وبعضها تستهدف صون حقوقنا الوظيفية ونيل المزيد من المكتسبات المستحقة. وأما الأنشطة الداعمة للهدف الخامس لإنشاء الرابطة – وفق لائحتها – الذي يدعو إلى «العمل على رفع المستوى الأكاديمي والتقني للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب وتشجيع البحث العلمي التطبيقي»، فهي نادرة إن لم تكن معدومة. ومن هنا تأتي أهمية احتفال الاسبوع الماضي، فهو بمثابة اختراق أكاديمي، أتمنى أن يكون بداية تمدد نوعي في أداء الرابطة.
لا شك أن هناك آثاراً إيجابية غير مباشرة للأنشطة الاجتماعية والثقافية على نفسية عضو هيئة التدريس، وتباعا مستوى أدائه وجودة مخرجات المؤسسة الأكاديمية. وأيضا لا ريب أن هناك علاقة متينة بين المخصصات المالية لأعضاء هيئة التدريس وبين المستوى الأكاديمي والتقني للتعليم التطبيقي. ومن الأمثلة البارزة على هذه العلاقة، هجرة مهندسين متفوقين أكاديميا من القطاع النفطي إلى كلية الدراسات التكنولوجية بعد إقرار الكادر الحالي لكليات التطبيقي في عام 2006، حيث كانت رواتبنا في ذلك الوقت أعلى من رواتب نظرائنا في القطاع النفطي، إلى أن أقر الكادر الحالي للقطاع النفطي في عام 2011. لذلك من الأهمية بمكان أن تستمر الرابطة في أنشطتها الاجتماعية والثقافية والحقوقية، وألا تأتي فعالياتها الأكاديمية المأمولة على حساب أنشطتها التقليدية.
الخيارات المتاحة أمام الرابطة لرفع المستوى الأكاديمي والتقني للهيئة متعددة ومتباينة من حيث الأهمية والإمكانية. لذلك هناك حاجة مسبقة لإعداد خطة استراتيجية أكاديمية تحتضن هذه الخيارات، وتحدد تسلسلها وفق أولويات واقعية، وتعيّن منهجيات التعاطي مع تلك الخيارات. ومن أجل إعداد مسودة أولية للخطة، تستطيع الرابطة الاستعانة بالكفاءات المتخصصة المنتشرة في كلياتنا التطبيقية، وإشراكهم في ورش عمل تخطيط استراتيجي تتخللها جلسات عصف ذهني.
أمام الرابطة اليوم العديد من المشاريع المتعلقة برفع المستوى الأكاديمي والتقني للهيئة، ومن بين أبرزها حملة توعويّة حول موضوع احتفال الأسبوع الماضي، الاعتماد الاكاديمي، لتشجيع الهيئة على تعجيل اعتماد بقية برامجها التطبيقية. ولكن بسبب الضرر البالغ على السمعة الأكاديمية للهيئة والمنتسبين إليها، أرى أن التصدي للشهادات الوهمية له أولوية على الاعتماد الاكاديمي. هذا التشويه الأكاديمي لم يقتصر تأثيره السلبي على نظرة المجتمع لنا نحن أكاديميي الهيئة، بل امتد ضرره إلى علاقتنا الأكاديمية بطلبتنا، وقلل من فرص توظيف خريجي برامجنا في القطاع الخاص. فكيف لنا أن نعلم طلبتنا معارف ومهارات وأخلاقيات المهن؟ وفيهم من يعلم أنها مفقودة أو منتهكة من قبل بعض زملائنا من حملة الشهادات الوهمية. وكيف لنا أن نقنع سوق العمل بجودة خريجينا؟ إذا كان بينهم من يعتقد أن الشهادات الأكاديمية لبعض معلميهم مزيفة. نعم، كيف؟ ففاقد الشيء لا يعطيه.
الشهادات الوهمية في التطبيقي ليست اشاعات مغرضة تقف وراءها قوى ودول معادية، فتنسى مع مرور الزمن بتجاهلها. بل هي حالة سرطانية تتطلب منا سرعة تشخيصها ومعالجتها، وإن لزم الأمر بتر العضو الفاسد الذي يخشى من تمدد فساده إلى بقية الجسد الأكاديمي. وهنا لابد من أن أسجل تقديري لوزير التعليم العالي السابق الدكتور محمد الفارس على حزمه كالفرسان عند إحالة 8 أساتذة إلى النيابة العامة، بعد أن ثبت لدى لجنة تحقيق أن شهاداتهم وهمية. وعلينا نحن جميعا أعضاء الهيئة الادارية والجمعية العمومية للرابطة أن نقتدي بالدكتور الفارس في ملف الشهادات الوهمية بالتطبيقي.
لذلك أدعو الرابطة إلى حمل هذا الملف، والانطلاق من التقرير النهائي للجنة تقصي الحقائق والتقرير النهائي للجنة التحقيق اللتين شكلهما وزير التعليم العالي الأسبق الدكتور بدر العيسى. وأناشدها متابعة تنفيذ توصيات اللجنتين مع الإدارة العليا بالتطبيقي ومعالي وزير التعليم العالي الدكتور حامد العازمي. فهناك بعض التوصيات المفصلية التي لم تنفذ حتى الآن، ومن بينها التوصية بإنشاء جهة مركزية واحدة لنظم المعلومات المتكاملة الخاصة بالموظفين. حيث جاء في تقرير لجنة تقصي الحقائق أنه لم يتسنَ للجهاز الوطني للاعتماد الاكاديمي وضمان جودة التعليم مراجعة بيانات عدد من الأكاديميين لعدم توافر أو عدم وضوح اسم الجامعة التي منحتهم شهادة الدكتوراه.
لا شك أن الملف ثقيل وخطير لارتباطه بمصالح الأكاديميين من حملة الشهادات الوهمية، ولكن الاستمرار في تجاهل هذا الملف أضر بمصالح شريحة أكبر من الأكاديميين، بل أساء إلى سمعة الهيئة وخريجيها والمنتسبين إليها… «اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه».