أ. د. فيصل الشريفي يكتب: سبعة وزراء وخمسة وكلاء إلى نهائي أثينا
بودي لو استرسل الوزير السابق الدكتور بدر العيسى في مداخلته الأخيرة على تلفزيون “الراي” بأن الأسماء التي جاءت في كشف جامعة أثينا لا تشكل نقطة من بحر، وأن هيئة التطبيقي لها حصة الأسد من هذا الكشف كي تتخذ الإدارة الحالية معهم الإجراءات القانونية ذاتها بحرمانهم من المناصب الأكاديمية والإدارية وتحويل ملفاتهم إلى النيابة.
شهادات الفلبين وأثينا والهند قد تكون فعلاً نقطة في بحر إذا ما أبحرنا في سفينة الخريجين والدارسين في الجامعات العربية، وإلى الطريقة التي تحصلوا عليها، وإلى تضارب الإحصاءات وأعداد المقيدين فيها من جهة، وبين المكاتب الثقافية والتعليم العالي من جهة أخرى.
الموضوع الأكثر أهمية من الشهادات الوهمية يدور حول عدد الشهادات التي تمت معادلتها من التعليم العالي منذ بداية عام 2005 حتى هذه اللحظة مقروناً بأسماء الجامعات والتخصصات والدول التي تنتمي إليها، والكيفية التي تمت على أساسها معادلة الشهادات، ومتى طبق شرط التفرغ الدراسي الكامل على معادلة الشهادة.
سأتطرق لبعض أعداد الدارسين في جمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية وإلى تصاريح منسوبة إلى أصحابها، ففي جريدة “الأنباء” تاريخ 17-6-2017 ذكر الدكتور أحمد المطيري رئيس المكتب الثقافي بأن المكتب يقوم على تسهيل إجراءات أكثر من 20 ألف طالب، وقد سبقه بذكر العدد نفسه الملحق الثقافي السابق الدكتور شايع الشايع في تصريحه لجريدة “الشاهد” بتاريخ 12 نوفمبر 2015 في حين صرح السيد صالح المنوخ رئيس اتحاد طلبة الكويت في مصر لجريدة “القبس” بتاريخ 31 يناير 2019 أن عددهم 26 ألفاً، وأصبح في العام الدراسي الحالي 22 ألف طالب.
وهناك تصريح لبدر المطيري نقلاً عن جريدة “أجيال” بتاريخ 9 سبتمبر 2017 عن أعداد الطلبة الدارسين في المملكة الأردنية الهاشمية بأن المكتب يشرف على تسجيل 4700 طالب، وفي العام نفسه هناك تصريح آخر لسفير دولة الكويت السابق الدكتور حمد الدعيج في 21 فبراير 2017 لجريدة “الغد” الأردنية بأن عدد الطلبة الكويتيين في الأردن تجاوز الخمسة آلاف، وله تصريح آخر في جريدة “النهار” الكويتية في عام 2016 يتحدث عن وجود سبعة آلاف طالب.
ذكر هذه الأرقام يأتي لعدة أسباب، أولها لبيان إن كانت تلك الأرقام تتطابق مع بيانات وزارة التعليم العالي وديوان الخدمة المدنية مع الأعداد الفعلية للطلبة الدارسين بالخارج، وثانياً ما الدواعي وراء تكدس الطلبة في هذه الدول؟ وهل راعى التعليم العالي معايير جودة التعليم إذا ما رجعنا إلى موقف تلك الجامعات من التصنيف العالمي للجامعات، ومدى التزامها مع النظم الدراسية المعتمدة من قبل وزارة التعليم العالي في دولة الكويت؟
شهادات أثينا والفلبين الأسهل بين كل الملفات، فالمشكلة محصورة ضمن دائرة الجامعات الوهمية، لكن المشكلة الحقيقية في الجامعات والشهادات التي صادق عليها التعليم العالي لبعض خريجي الجامعات الأوروبية مثل بلغاريا وألمانيا والجامعات العربية، حيث يتمتع أصحابها بألقاب أكاديمية وامتيازات وظيفية لا يستحقونها.
لن أستغرب أي رد ومن أي من الوزراء السبعة أو الوكلاء الأربعة إذا ما استثنينا وكيل التعليم العالي الحالي، فكم منهم حضر حفلات التكريم، وهو يلتقط الصور التذكارية، وهو يعلم أن هناك من أخذ شهادته وهو على رأس عمله، ويعلم أيضاً أن الفترة التي يوجد فيها الطالب بالجامعة لا تتعدى فترة الاختبارات، لذلك أقول الفلبين وأثينا والهند قطرة في بحر.
إن كان الدستور قد كفل حق التعليم للمواطن الكويتي فإنه ترك أيضاً حق تنظيم الدراسة في الخارج لوزارة التعليم العالي، وإن شاء الله يتمكن الدكتور صبيح المخيزيم من طي ملف الشهادات الضعيفة والجامعات الركيكة إلى غير رجعة.
سأختم بهذه القصة: قبل أكثر من عامين جاءني ممثل لإحدى الجامعات المصرية يدعوني لزيارة جامعته، وهي بالمناسبة حكومية، بهدف التسويق لها، وأنه سوف يقوم بتسهيل مهمة الطلبة الراغبين في استكمال دراستهم من حيث تدريسهم والمواد واختبارهم في الكويت دون عناء السفر، وفي أسوأ الأحوال تكون الاختبارات في القاهرة.
ودمتم سالمين.