هزة أرضية أم هزة للنفوس | بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح
لا تجرؤ الخواطر والشواغل الدنيوية كبيرة كانت أم صغيرة أن تلج إلى العقل والنفس فى لحظات المحن والشدائد ، هذه اللحظات أو الساعات العصيبة التى لا يوجد إنسان إلا وعاشها فى حياته على إختلاف أنواعها(وفاة عزيز/ مرض عضال / فقدان وطن / كارثة طبيعية ….إلخ ) وهى مرحلة زمنية تتحول فيها النفس البشرية إلى محراب وقدس أقداس يناجى فيه المرء خالقه أن ينجيه وأحباءه من هذا الكرب الشديد ، وبعد إنفراج الكربة لا يلبث المرء منا إلا أن يخرج من محرابه أو قدس أقداس نفسه التعبدية إلى فضاء الدنيا ومشاغلها الزهيدة رويداً رويداً حتى يتبرمج مرة أخرى على التململ من توافه الأمور وتعود الأيام سيرتها الأولى حيث الكبر والغرور .وللأسف الكثير منا يجهل حتى الفارق فى المعنى بين الكبر والغرور رغم أن أكثرنا تمرّس فيهما إلا من رحم الله ، فالكبر هو النظرة الفوقية للآخرين وخاصة من هم دوننا علماً ومالاً وجنساً وعرقاً وحسباً ونسباً وما دون ذلك ، والغرور هو من الإغترار والخديعة فى النفس وهو الإطمئنان والركون لشئ ونحن على خطأ ولا ندرى ذلك ، فرب متواضع طيب ولكنه مغرور فى نفسه ويظن أنه على خير فى أمر ما وهو ليس كذلك ولحجة الإسلام أبو حامد الغزالى كتاب بديع فى هذا الأمر وهو (الكشف والتبيين فى غرور الخلق أجمعين ) إلا من عصمهم الله من صفوة عباده بالطبع ، وعلى أى حال فطبيعة النفس البشرية مجبولة على الهلع والخوف وما شاهدناه فى الكويت بعد الهزة الأرضية من هرولة الناس إلى الشوارع فى بضع ثوان يكشف بوضوح ويقين حاجتنا إلى مراجعة النفس ومدى إستعدادها ليوم الفزع الأكبر يوم تُبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار ، أين الخوف والهلع والخشية من الخالق والذى نمنحه دائما للمخلوقات ؟! ، أين مراقبة النفس وكف اللسان والأيدى عن أذى الناس والتربص بهم ؟!، أين الأخلاق والقيم الإنسانية والتى لا تحتاج منا لمجهود يُذكر إلا فقط بتقوى الله وأن نحب لغيرنا ما نحبه لأنفسنا ؟! ، هل كانت الهزة بالأمس مجرد هزة للأرض وما عليها أم هزة للنفوس وما بداخلها ؟! .. هى فرصة وأجل ومنحة ربانية لعل عاقل يعقل أوقلب يؤمن أوبصيرة تقود إلىالنجاة.
