إجراءات «التعليم العالي» لا تسمح بالابتعاث لجامعات وهمية
طغت مؤخرا قضية الشهادات الوهمية على الساحة التعليمية بل والسياسية وأصبحت الشغل الشاغل للكثيرين من المهتمين بهذا الشأن المهم الذي يمثل أحد الأركان الأساسية في المجتمع.
وفي هذا السياق حرصت «الأنباء» على أن تسبر أغوار جانب مهم من هذا الموضوع وهو الذي يتعلق بالمبتعثين من جامعة الكويت والهيئة العامة للتعليم التطبيقي الذين هم أبعد ما يكون عن مسألة الشهادات الوهمية لأنهم مبتعثون من قبل مؤسسات تعليمية في الدولة.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو «من المستفيد من تشويه صورة مؤسسات تعليمية عريقة وأساتذة محترمين سواء في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي او في الجامعة؟»
لقد طال التجريح والتشويه في السنوات الاخيرة منتسبي أعلى مؤسستين تعليميتين في الدولة، فنجد من يتهمهما بالتزوير وآخرون يلصقون بهما تهمة إفساد عقول الطلبة وغيرها من الاتهامات التي يندى لها الجبين، والتي وجدوا بيئة خصبة في أوساط الفضاء الإلكتروني حيث وسائل التواصل الاجتماعي، وبطبيعة الحال دون دليل او مسوغ قانوني.
إجراءات سليمة
حتى تقف الجريدة على حقيقة الأمر، عملت على التأكد حتى تبين لها أن اجراءات الابتعاث المعمول بها في هذه المؤسسات صارمة ومن التعقيد بحيث لا يمكن تجاوزها بأي شكل من الاشكال، حيث انها تمر بلجان مختلفة ومتعددة مما يؤكد سلامة إجراءات الاعتماد والابتعاث للدارسة من قبل هذه المؤسسات والتي على ضوئها يتم ايفاد العديد من الطلبة للدراسة فيها ببعثات دراسية.
وفي السطور التالية سنستعرض إجراءات الابتعاث في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتي لا تختلف عن جامعة الكويت.
خطوات الابتعاث
في البداية، نجد أن الموافقة على الابتعاث تتطلب من المبتعث أولا وقبل كل شيء ان يلتزم بإحضار قبول معتمد غير مشروط من احدى الجامعات الموصى بها من قبل ادارة البعثات، وتضع هذه الإدارة في كل سنة قائمة بأسماء هذه الجامعات بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي وهيئة الاعتماد الاكاديمي ولجنة البعثات في الهيئة، فنجد ان اعتراف وزارة التعليم العالي بالجامعة لا يعني موافقة ادارة البعثات على الايفاد إليها وان كان هذا الاعتراف مطلبا اساسيا للايفاد، بل تقوم الادارة بالتنسيق مع اللجنة العليا للبعثات بالهيئة على فلترة هذه القوائم واختيار افضلها في كل تخصص ومن ثم إلزام المبتعثين بعدم الخروج عن هذه القوائم.
وبعد ذلك يقوم المبتعث بتسليم القبول لإدارة البعثات، والتي تقوم بدورها بالتأكيد على امرين هما:
اولا ـ ان تكون الجامعة معتمدة وموصى بها من قبل لجنة ادارة البعثات في التخصص العام والدقيق للمبتعث.
ثانيا ـ ألا يتعدى عدد المبتعثين الى هذا التخصص في الجامعة عن ثلاثة من نفس القسم.
دور لجان الابتعاث
بعد الموافقة الأولية تقوم ادارة البعثات بإعداد النماذج وارسالها الى لجنة القسم العلمي، وهي لجنة يتم تشكيلها في بداية كل سنة دراسية بقرار من عميد الكلية وتتكون من رئيس القسم واربعة اعضاء من القسم العلمي.
وتختص هذه اللجنة بالتالي:
1 ـ مراجعة طلب البعثة والتأكد من مطابقة برنامج الدراسة لخطة البعثات في القسم.
2 ـ التوصية بالموافقة على الابتعاث أو الوقف أو الألغاء للبعثة حسب التقارير الواردة من ادارة البعثات والملحق الثقافي في حال وجود ما يستدعي ذلك.
3 ـ عمل خطط البعثات السنوية للقسم العلمي.
4 ـ عمل الاختبارات والمقابلات واختيار الاسماء المرشحة للابتعاث ورفعها إلى لجنة الابتعاث في الكلية.
وتقوم هذه اللجنة في نهاية أعمالها برفع أسماء المرشحين للابتعاث الى لجنة البعثات بالكلية والتي تتكون من: عميد الكلية رئيسا، وعضوية مساعدي عميد الكلية، وثلاثة اعضاء هيئة تدريس من الكلية لا تقل درجتهم عن استاذ مساعد يتم تشكيلها سنويا بقرار من نائب المدير العام للتعليم التطبيقي والبحوث.
وتختص هذه اللجنة بالتالي:
1 ـ اعتماد الخطة السنوية لبعثات الكلية من حيث التخصصات والاعداد المطلوبة.
2 ـ إبداء الرأي في التقارير الدورية التي ترد من الهيئة عن مبتعثي الكلية.
3 ـ إبداء الرأي حول طلبات الوقف والتمديد أو الإلغاء قبل عرضها على لجنة البعثات العامة في الهيئة.
وعندما تنتهي لجنة البعثات في الكلية من أعمالها تقوم بإرسال الملف كاملا شاملا توصياتها وقرارات لجنة بعثات القسم العلمي الى اللجنة العليا للبعثات في الهيئة.
اللجنة العليا للبعثات
تتشكل اللجنة العليا للبعثات بالهيئة من: مدير عام الهيئة رئيسا، وعضوية كل من نواب المدير، وعمداء الكليات، واحد مديري المعاهد، مدير مكتب الشؤون القانونية، مدير ادارة البعثات مقررا للجنة، وتختص اللجنة بالتالي:
1 ـ رسم السياسات واعتماد خطط الابتعاث للهيئة.
2 ـ اعتماد الاسماء المرشحة للابتعاث.
3 ـ البت في طلبات الوقف والالغاء والتمديد بناء على توصيات لجان البعثات في الكليات.
وبموافقة لجنة البعثات العليا على البعثة يحول الملف الى ادارة شؤون الموظفين والتي تقوم بدورها بإرساله الى ادارة الشؤون القانونية للتأكد من تطبيق اللوائح والقوانين ذات الصلة بالموضوع تمهيدا لإصدار قرار الابتعاث والذي يقوم المدير العام في نهاية المطاف بإصداره وإحالته الى ادارة البعثات لمخاطبة الملحق الثقافي ببلد الابتعاث والتنسيق مع المكتب لمتابعة المبتعثين عن طريق التقارير الدورية التي تطلب من الجامعة والملحق الثقافي.
صلابة إجراءات الابتعاث
بناء على هذه الإجراءات يتضح أنه من المستحيل أن يتم اعتماد جامعة وهمية أو جامعة مزورة، ومن غير المعقول اجتيازها لكل هذه اللجان وأعمال التدقيق، ناهيك عن المتابعة الحثيثة من ادارة البعثات لمبتعثي الهيئة والوقوف على اوضاعهم في دول الابتعاث عن طريق التقارير الدورية التي يقوم بإرسالها الملحق الثقافي بالتنسيق المباشر مع ادارة الجامعة، وهذه التقارير تكون سرية وشخصية يقوم المبتعث في اول يوم له بالجامعة على تفويض الجامعة بإرسالها الى الملحق الثقافي بشكل دوري في نهاية كل فصل دراسي.
صراعات شخصية
هناك تساؤل مهم يفرض نفسه هنا: هل الصراعات الشخصية والسياسية، جعلت هذا الموضوع يأخذ منحى آخر بعيدا عن العقل والمنطق، حتى بتنا أمام أمر في غاية الخطورة؟ فما يتم كيله من اتهامات هنا وهناك بشأن الشهادات الوهمية لبعض المبتعثين من الجامعة والتطبيقي هو تجاوز لكل القوانين وتعد على الدستور، وهذا امر خطير، خصوصا أن هناك مبدأ قانونيا يقوم على استقرار القوانين وعدم رجعية القرارات وتحصينها، وعدم الالتزام بهذا المبدأ يفتح الباب على مصراعيه للمزيد والمزيد من اللغط والتطاول على منتسبي هذه المؤسسات التعليمية العريقة والذي لن يكون احد بمنأى عنه في يوم من الأيام، بل نلاحظ انسحاب الامر الى فئات اخرى كبعض الوزراء واعضاء مجلس الامة والقياديين في الدولة، وكأن هناك من يريد نزع الثقة من بلد المؤسسات بإدخاله في دوامة من التشكيك وتوجيه الاتهامات الباطلة كسبيل وذريعة لتصفية الحسابات الضيقة.
والسؤال هنا: هل مع كل هذا الحرص والتشدد في عملية الابتعاث هناك شك بأن الهيئة العامة للتعليم التطبيقي او الجامعة يمكن أن تقوم بإرسال مبتعثيها الى جامعات وهمية او مزورة؟
Alanba