كتاب أكاديميا

تلك هي الكويت التي نريدها لنا ولأجيالنا القادمة كتب: وائل يوسف المطوع


في مقال سابق تحدثت عن الغزو العراقي الغاشم بمرارته وأحداثه وأبطاله وسقط مني سهوا اسم كبير نعشقه في الكويت وهي رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت تاتشر، فموقفها وموقف بريطانيا الدولة الصديقة المشرف والمساند للكويت والمظاهرات التي نظمت فيها من قبل الكويتيين كان لها عميق الأثر في قلوب أهل الكويت خصوصا على الصامدين علي ارض الكويت من تحملوا ويلات الاحتلال، وكذلك تحدثت عن الموقف المشرف لاحبابنا ولأشقائنا وامتدادنا في دول الخليج العربي وقوات دول التحالف التي تشكلت بقيادة الولايات المتحدة الاميركية للدفاع عن الكويت واسترجاع الحق المغتصب والأرض الطاهرة التي دنسها المقبور صدام حسين ومغول القرن العشرين حرسه الجمهوري وجيشه الشعبي الذين أكلوا اليابس والأخضر ونهبوا الكويت وجميع مؤسساتها وخيراتها وكتبها وحاولوا طمس تاريخها وقتلوا واغتصبوا وعذبوا أبناء الكويت وبناتها، وعندما حان وقت الهروب الكبير غادروا الكويت مدحورين يجرون أذيال الخيبة والخزي والعار بدأ جنود الاحتلال العراقي بتفجير آبار النفط بهدف عرقلة قوات التحالف الدولية من دخول الكويت واتبعوا سياسة الأرض المحروقة حرقوا آبار النفط الـ 727 وتسببوا في اكبر كارثة نفطية عرفها التاريخ ودمروا المصافي والموانئ النفطية وتسببوا في شلل كامل للصناعة النفطية بالكويت عصب الحياة والمصدر الوحيد الذي تعتمد عليه ميزانية الدولة في محاولة يائسة وفاشلة لهدم الكويت ومستقبلها فقد شكلت الآبار التي تم تخريبها 72 في المئة من اجمالى عدد الآبار التي تم حفرها في حقول الكويت النفطية المختلفة حتى الاول من اغسطس 1991، إلا أنهم لم يعرفوا أهل الكويت وتاريخهم فنحن شعب يعشق بلده حد الثمالة ونملك إرادة حديدية قادرة على إعمار الكرة الأرضية بأسرها الا يكفي ان العراق بجنوده وجيشه الشعبي وباستخباراته النجسة التي لا تعرف معنى الانسانية ولا الرحمة والتي ذقت منها انواع واشكال العذاب اثناء الأسر في مخفر الدسمة، نعم لم يستطع صدام ان يجد كويتيا واحدا يتعاون معه، الا يكفي ما فعلته شهيدات الكويت قبل شهدائها وتضحياتهم. 

ألا يكفي ما قدمه فريق إطفاء الآبار الكويتي الذي ابهر العالم وحقق المعادلة الصعبة بإطفاء الآبار بأوقات قياسية، وتفوق على كل فرق العالم وبامتياز من منا ينسى الرائع م. عيسى بويابس رئيس الفريق من منا ينسى الرائعة م. سارة اكبر وقفتها وصلابتها وإصرارها.   

بزغ فجر التحرير وجاءت البشاير في ابتسامة ودموع أحد أبطال التحرير المغفور له الشيخ سعود الناصر الصباح حين التفت إليه الرئيس الأميركي السابق حبيب الكويت والكويتيين الرئيس جورج بوش الأب بالأمم المتحدة وناداه باسمه وصفته كسفير للكويت في أميركا، ليقول له وللعالم أجمع وللغزاة وأتباعهم من المرتزقة والانذال وناكري الجميل (الكويت اليوم حرة).

تحررت الكويت ودخلت قوات التحالف البرية ودخل بعد ذلك بطل التحرير الامير الوالد المرحوم الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح الكويت وأعلنت الأحكام العرفية بالبلاد وبعد مدة قصيرة عاد أمير القلوب الشيخ المرحوم جابر الأحمد الصباح الذي بكى وأبكى أهل الكويت في الامم المتحدة في كلمته اثناء فترة الغزو وحين عاد للكويت وسجد لله شكرا فور نزوله من الطائرة وفي معيته أمير الانسانية و الدبلوماسية وأحد أبطال التحرير الكبار بجهوده ودبلوماسيته صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أطال الله في عمره وحفظه، وبدأت مرحلة إعادة إعمار البلاد وطالبت الكويت العراق بتعويضات نتيجة هذا الغزو والاحتلال الغاشم، إلا أن هناك أشياء لا تعوض ، لا أتحدث عن الأضرار المالية بل الأضرار التنموية البيئية والمعنوية والنفسية التي أصابت الكويت وأهلها والتي يجب على العراق ان يظل يعتذر عنها ألف سنة قادمة حتى نغفر له، فمن يعوض الأسر الكويتية التي فقدت الشهداء الأبرار الذين روت دماؤهم الطاهرة ارض الكويت، ومن يعوض الأسر التي اعدم أبناؤها بكل دم بارد أمام أعينها وأمام منازلهم، ومن يعوض الآباء والأمهات الذين اصيبوا بالامراض نتيجة هذه الأفعال المشينة، ومن يعوض الأم التي فقدت زوجها وتحملت مشقة تربية أبنائها، ومن يعوض الأبناء الذين فقدوا آباءهم عزوتهم.من يعض بنات الكويت اللاتي اغتصبوا وعذبن وكانت أصوات تعذيبهن تسمع في العميرة. 

كم أسير قام النظام العراقي بأسرهم في الأسابيع الأخيرة من امام المساجد حتى يستخدمهم كدروع بشرية وكان دخول قوات التحالف إلى العراق والانتفاضة التي حدثت بالعراق طوق النجاة لهم وسبب لعودتهم سالمين الى ارض الوطن كيف لنا ان ننسى أشكال الاسرى حين ذهبنا لاستقبالهم، من يعوض هؤلاء الأسرى عن الأمراض النفسية التي أصابتهم وبعضهم يعانون منها إلى يومنا هذا، من يعوض الكويت وأهلها عن تحويل النهار إلى ليل جراء الأدخنة المتصاعدة نتيجة حريق الآبار النفطية والروائح الكريهة التي غطت الكويت بأسرها.

كم من الأمراض انتشرت بالكويت بعد إطفاء الآبار من ربو وحساسية وأمراض جلدية واعاقات للمواليد والسرطان بأنواعه والسكر والضغط والقلب.

قبل الغزو العراقي الغاشم كانت الكويت بالطليعة في كل شيء بالصحة والتعليم وبالصحافة والثقافة والمسرح والبنية التحتية وجميع الخدمات ، كل هذا تأثر ولا نزال نعاني آثاره حتى اليوم، من يعوض الكويت واهلها هذه السنوات التي اصيب فيها البلد بالشلل وتوقفت فيه التنمية 

إن تضحية شهدائنا الأبرار وأسرانا الأبطال الذين أناروا الطريق لنا تتطلب الوفاء لهم بإعادة الكويت إلى مكانها المرموق عروسا للخليج ورائدة له بجميع المجالات، الى متى نجعل الغزو شماعة، لقد آن لنا ان نجعل هذا الموضوع ذكرى فقط ونعمر الكويت ونجعلها عروس العالم بأسره، تلك هي الكويت التي نريدها لنا ولأجيالنا القادمة. واسمحوا لي ان اختم مقالي بالقصيدة الرائعة للدكتورة حصة السيد زيد الرفاعي والتي كتبتها في الفريق الكويتي لإطفاء الآبار :

الحمد الله قد اطفأتم اللهبا 

ونلتم اليوم مجداً طاول الشهبا

كُنتُم على العهد شجعاناً سواعدكم 

ما أحجمت على ضرام اوشكت تعبا

شاهدتم النار في الآفاق فاشتعلت 

عزائم في الليالي تصنع العجبا

حتى نزلتم إلى الميدان حينئذ 

كان الصمود ونصر الله قد كتبا 

فَلْيَجّزِ الله مسعاكم بني وطني 

فأجركم بات عند الله محتسبا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock