”الاهتمام الأخلاقي في المنظومة التعليمية”..بقلم :د.فلاح الهاجري
يمر التعليم في دولة الكويت بدوامة من المشاكل التي لا حصر لها، من هيكل إداري ومستوى تعليمي، بل حتى من الناحية الثقافية، والبيئة الاجتماعية، ولا ننس أيضاً الفجوات الموجودة في التربية الأخلاقية في البيئة التعليمية والعائلية وحتى من الناحية الذاتية.
في الحقيقة، إنّ هذا الوضع المؤلم ليس بجديد في الحياة التعليمية، وهذه المشكلة من أساسها تعتبر صحّية، فتمازج الثقافات والروابط الاجتماعية تنتج عنه التعددية الفكرية، ولكن إشكالية التربية الأخلاقية لا بد من حصرها، فهي الفجوة التي من خلالها تنهار المنظومة التعليمية والعائلية، فضلاً عن الانهيار الذاتي للإنسان.
إن الحاصل في العملية التعليمية في دولة الكويت أنها تكاد تنحصر حول التلميذ والأستاذ والمحتوى التعليمي، والأصح أن يكون ما سبق مقدّمات وممهدات للنتائج المرجوة، وهي تقديم جيل يحتوي على أخلاقيات متميزة ومهارات متعددة لمواجهة صعوبات الحياة أولاً، والكفاية الذاتية المعرفية ثانياً، والكفاية المادية الذاتية ثالثاً، ثم بعد ذلك الأبعد فالأبعد، حتى نصل في نهاية المطاف إلى رفعة الشأن الكويتي، والدين الإسلامي الحنيف.
الحديث هنا يبدأ بمعرفة المنتج الذي نريد صناعته للمستقبل، وهو «الإنسان»، فكيف السبيل إلى صناعته؟ لو نظرنا إلى المنظومة التعليمية في الكويت، لوجدنا مختلف المسارات التي تبدأ في الحضانة «غير إلزامية»، ثم الروضة، ثم المرحلة الابتدائية، فالمتوسطة، فالثانوية، فالجامعية، ثم بعد ذلك يصبح التحليق في سماء الدراسات العليا.
السؤال هنا أين الأخلاق في هذه المراحل؟ نعلم أنها من مهام كل معلم ومعلمة، وهذا هو الأساس، ولكن زراعة الأخلاقية الذاتية التعليمية تكون من خلال غرسها في المرحلة الابتدائية بطريقة أو بأخرى، التي من صورها محاولة معالجة سيئي الأخلاق، فإخوان السوء كشجرة النار يحرق بعضها بعضاً كما قال هرمس الفيلسوف، وكذلك التوزيع النسبي للمعلوماتية والأخلاقية، فصاحب الخلق أدعى للعلم، وصاحب السوء أولى بالتربية الأخلاقية، ولا يمنع ذلك من وجود قياس للأخلاق في المراحل الأخرى، بحيث يترجم لنا هذا القياس مدى التطور الأخلاقي لهذا الإنسان، فالقياس الأخلاقي كأهمية القياس المعلوماتي.
الداعي لتلك الكتابة هي السنوات التي يقضيها الإنسان حتى يصل إلى السنّ القانونية وهي «18» عاماً، والذي يدعونا إلى التعجب أيضاً هو انعدام كفاءة الموارد البشرية في تلك السن من جميع النواحي: الأخلاقية، والتعليمية، والمهاراتية، والاجتماعية، والثقافية، وغيرها من النواحي.
تصحيح المسار التعليمي واجب وطني يبدأ من نقطة الصفر، حيث يتعلم هذ الإنسان الذي لا يتجاوز عمره سنوات قليلة أنّه ممثل عن نفسه وأسرته ومجتمعه ووطنه ودينه، فهل نحن جاهزون لنضع اللبنة الأولى: اللبنة الأخلاقية.
إنّني لا أقول إن الأخلاق معدومة، بل نحن مجتمع رصين متميز اجتماعياً وخُلقيّاً، ولكن أتحدث هنا عن الاهتمام الأخلاقي في المنظومة التعليمية، وبغيره لن نحقق التطور التعليمي المرجو.
إنّك أخي القارئ لو أردت القياس في حديثنا عن الجيل الصاعد، الذي ما زال في مراحل الدراسة، ولا أريد الحديث عمّن جاوزها! فبإمكانك أن تختبره في الأمثلة والحكم السيّارة على ألسنة الناس، مما يرفع شأن القائل لو تكلّم بها، هل سينجح في الاختبار! لا أظن الغالب منهم سيتجاوز ذلك!
د. فلاح محمد فهد الهاجري
DrFalahAlHajri@