كتاب أكاديميا

حصة الصفار تكتب :إلى أصحاب العقول النّيرة

نعبر في محطات الحياة، وفي كُل محطة تكون لنا الذّكريات، والمشاعر، والتجارب، والأمنيات، فإن ارتفاع أو انحدار صرح هذه المحطات يؤدي إلى محطة تسمى خيبة أمل.

 

فهل أصبت بخيبة أمل في أحد تلك المحطات؟

أم كنت على عتبات السعادة؟ هل كنت في حلمٍ عابر؟ واقع غير الواقع الذي تعيشه؟

عندما نقف ننتظر النور يأخذنا إلى احلامنا نحو عنان السماء، وفجاءة بعاصوف الرياح يدفع بنا إلى الوراء، ونتقهقر يبدأ ضباب الخيبة بالتخييم على مخايلنا.

 

 

يأتي السّؤال ما هو السبب؟ ولماذا؟ وكيف وصلنا إلى ذلك؟

اتعجّب من بعض العقول التي تدّعي بأنها أصحاب قرارات مستقبل الآخرين، لا تعمل سوى على مبدأ واحد بالحياة، وهو كيفية التّحكّم بعقليات الغير، مع الأسف مجتمعنا يحمل الكثير من هؤلاء، نجد في بعض الأحيان أنهم يحملون من مبادئ، وعلم، ومفاهيم لم ينزل الله بها من سُلطان.

 

كما اتعّجب من بعض المُجتمعات والآباء عند توجيه إصبع السبابة بالنّفِي لأحد آبناءه بعدم الزواج بسبب عدم تكافؤ العشائر والأنساب، أو عندما يوجه ابنته بقوله ” لا تُكملي دراستك، أو لا تعملي، كوني اُم لأبنائك فقط “، عندما يأمر ابنه بدراسة تخصص لا يرغب ابنه به بقوله ” ابني كُل عائلتنا تخصص طب أو هندسة، عليك أن تُصبح طبيب أو مُهندس اُسرتنا “، الكثير من التوجيه والعتاب عندما يعمل بمُرتب أقل من الآخرين بالعائلة، فيأتي السؤال لماذا تعمل بمُرتب أقل من إخوتك؟ عليك البحث والعمل بمكان يليق بمقامك!

 

عِندما نأخذ كل مشكله على حِده ربّما نصل إلى لُب الموضوع وهي العقلية الصغيرة، “والنقاش مع أصحاب العقول الصغيرة كالضغط على رأس عطرٍ فارغ، مهما اجتهدت في ضغطه لا ينتُج عِطراً بل يؤلم اصبعك لا أكثر “.

 

الحياة ليست مبنية على مبدأ من يحمل أفضل نسب ، أصحاب العقول النيّرة وُلِدوا في بيوتٍ بسيطة ، لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) ، والعظيم هو العظيمٌ بِذاته وليس بنسبه ، والعلم يُنتج من الأم أُماً ناجحة لتربية أبناءها ، والأبن ربما ينجح في تخصص نفرِضُه عليه ، لكن لن يُبدِع فيه، فهذا مستقبله وهو الوحيد من يملك الحق في اتخاذ قرار مُستقبله وليس نحن .

 

كثيراً منا يُحاول الصّعود، والوصول، وتحقيق أهداف من حوله، لكنه ينسى هدفه الأساسي تِجاه نفسه،

العِبرة ليست بمكان تواجدنا الآن، ولكنها بالإتجاه الذي نُبحر إليه، فنحن أحياناً نُبْحِر مع التّيار، وأحياناً نُبْحِر ضد التيار “.

 

 

 

كل ذلك يدعونا لأن نرى، ونؤمن بأن الأبواب مهما أُغلقت يظل باب الكريم المنّان مفتوحاً، لا يُغلق ، وتظل الأمنيات عالقة برب هذا الكون العظيم لتتحول لاحقاً إلى سُحب ممطرة ممتلئة بالإيمان، والثّبات، واليقين.

 

لِنكُن أصحاب ذُو عُقولٍ راقية، تدخل السّعادة لِقلوب الآخرين، تحمل من الكرامة التي تُعظم شأننا في نظر كل عقلٍ صغير، فالحِكْمةِ ليست العيْش على مبدأ الآخرين، إنما الإستفادة من تجاربهم، ” والجمال هو وعد المُستقبل الذي نطمح له، وليس إستقباله لنا تحت غيوم خيبات الأمل “.

 

 

بقلم الأستاذة : حصة الصفار

مدير العلاقات والإعلام بصحيفة خبر الإلكترونية بالمملكة العربية السعودية بالمنطقة الشرقية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock