كتاب أكاديميا

الصدق تاج القيم الأخلاقية | بقلم: الشيخة حصة الحمود السالم الصباح

 
جوهر الحياة وقيمتها يكمن فى المثل والمبادئ الأخلاقية العظمى , فلا حياة بلا قيمة سواء أكانت مادية أو معنوية ولكن ثمة فارق كبير بين القيم المادية والمعنوية لصالح الأخيرة بالطبع .

ولن ندخل فى التفاصيل واتساع الهوة بينهما فحتما كل ما هو مادى إلى فناء وكل ما هو معنوى إلى بقاء ، تفنى المادة ولا يفنى المعنى ، بقاء المعانى والقيم الأخلاقية هو السر السارى فى جسد الأمة والمجتمع الواحد ويصدق احمد شوقى فى قوله ( إنما الامم الاخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا).

ولعل أعلى وأرفع القيم الأخلاقية وأكثرها فاعلية وترجمة على أرض الواقع هى قيمة (الصدق ) وهى جوهرة تاج القيم الأخلاقية والإنسانية وهى التى بها يتقوم الإعوجاج فى كل شئ ، يقول النبى صلى الله وعليه وسلم (إن الصدق يهدى إلى البر وإن البر يهدى إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإن الكذب يهدى إلى الفجور وإن الفجور يهدى إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا ).

وللصدق معانى ودرجات وتفصيلات أكبر لا يدركها إلا أصحاب الذائقة المعرفية الإيمانية من الصالحين فالصدق لديهم هو أن لا يكذب اللسان والصديقية هى أن لا يكذب القلب بمعنى أن الكذب لا يخطرعلى قلوب من هم موصوفين بالصديقية .

وإذا نظرنا الى عظماء كل أمة من فلاسفة ومفكرين وقادة سياسيين وإجتماعيين وإلى هذا الكم الرهيب من الإنجازات التى حققوها علميا وسياسيا وإجتماعيا نجد أن قوة الدفع لديهم لتحقيق ذلك فى زمن طال أو قصر هو الإيمان بالله والصدق والثقة بالنفس وهو الذى يجعل هؤلاء الصفوة من البشر فى خدمة البشرية فى كل زمان ومكان .

ونحن وإذ نتربع فى زمننا هذا على قمة الهرم المعرفى وذلك بفضل تكنولوجيا المعلومات الحديثة وهذا الكم الضخم من الإنتاج الثقافى والعلمى نتعجب من بعض العلماء القدامى كابن النفيس وابن سينا وابن تيميه وابن حيان والرازى وأئمة الفقه والحديث والفلاسفة كيف قاموا بتصنيف هذا الكم الرهيب من المصنفات فى ظل ظروف وإمكانيات ووسائل بسيطة ومحددة ولا أجد تفسير لذلك إلا انهم صدقوا مع الله ومع أنفسهم والإيمان بقدراتهم على تحقيق ما صدقوا فيه ، وهو درس قوى لكل كسول عن معرفة ذاته بأن الصدق هو المنهج الحق والأوحد للنجاح والسعادة فى الدنيا والآخرة .

ونختم مقالنا عن قيمة الصدق وهو كلام لا ينتهى بمقولة لثابت بن قرة ( الصدق ربيع القلب وزكاة الخلقة وثمرة المروءة وشعاع الضمير) ، جعلنا الله وإياكم من الذى يتبعون أحسن القول وأن يرزقنا الصدق قولا وعملا وأن يثبتنا بالكلمة الصادقة الطيبة والعمل الخالص لوجهه الكريم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock