الحج والتحرر من القيود الدنيوية | بقلم: الشيخة حصة الحمود السالم الصباح
يقبل علينا خلال أيام عيد الأضحى المبارك أعاده الله علينا وعلى الأمة العربية والإسلامية والعالم أجمع بالخير واليمن والبركة وهى المناسبة التى يذهب فيها مئات الآلاف من المسلمون إلى بيت الله الحرام ليجتمعوا هناك على إختلاف أجناسهم وألوانهم وألسنتهم فى أكبر تجمع بشرى فى مناسبة واحدة فى التاريخ الإنسانى ..العربى والأعجمى.. الكبير والصغير.. الغنى والفقير.. الأبيض والأسود ، الكل يكبر ويهلل ويقبل على الله بقلوب خاشعة رغبا ورهبا وطمعا فى الثواب والمنفعة فى الدنيا والآخرة ، يقول الله تعالى ( ليشهدوا منافع لهم ويذكروا إسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام ) فمنافع الدنيا هى السياحة فى الأرض والتمتع بالمشاهدة والمشاركة فى هذا المشهد الفريد وكذلك من الرواج الإقتصادى والذبائح ومنافع الآخرة مغفرة الذنوب ورضوان الله وحج مبرور ليس له جزاء إلا الجنة .
الكل يؤدى المناسك وهو متحلل من زينة الدنيا لكى يتساوى الجميع فى ضيافة الرحمن ، ويكفى الحجاج شرفا وتعظيما فى يوم عرفة أن الله يباهى ملائكته بهذا الحشد الذى جاء من كل فج عميق لا هدف لهم إلا غسل الروح وتطهيرها من الذنوب والآثام وبدء صفحة جديدة فى دفتر الحياة لا يكتب فيها إلا الحسنات وما يتقرب به العبد من ربه ولا يعود إلى ظلم نفسه والآخرين معه .
فريضة الحج هى منحة إلهية وهدية ربانية لكل موحد فى أن ينجو من الهلاك والغرق فى ظلمات المعصية والشقاء هى لفتة ربانية لكى يتدبر فيها كل منا عظمة الخالق ورحمته بعباده فجعل الله هذه الفريضة لمن يستطيع أن يؤديها وكتبها أيضا لمن يرجوها ولم يستطع أدائها فكلاهما فاز بالأجر والثواب وبجنات عرضها السماوات والأرض وذلك هو الفوز العظيم وتلك هى الرحمة الواسعة والتى لا يفطن إليها إلا كل محب متقرب يرجوا عفو ربه ويُحرم من تدبرها كل شقى لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، أجواء موسم الحج وعيد الأضحى يمتزج فيها عطر الإيمان بنسيم المحبة والسلام النفسى لتنطلق الروح فى آفاق رحبة من الفرح والسكينة متحررة من قيود الشحن والبغضاء والخصام والإكتئاب والملل ، وهى فرصة من الفرص العظيمة التى شرعها الله ليراجع كلٌ منا ما فرط فيه فى الحقوق والواجبات الدنيوية والأخروية ولنعلم الحكمة من العبادات وما ترسخه فى النفوس من قيم وأخلاقيات ومنهج ومعنى حقيقى للسعادة فالحكمة ضالة المؤمن.