سوسن إبراهيم تكتب: ورطة صديق
تُرى هل نتغير في أعين الآخرين اذا ما تغيرت احتياجاتهم؟منذ مدة استوقفتني زميلة لي على مقاعد الدراسة وحاصرتني بأسئلتها التي بدت وكأنها لن تنتهي إلا بانقضاء اليوم الدراسي بأكمله. فما كان مني إلا أن أنسل من ثرثرتها العقيمة والتواري عن أنظارها كمجرم حاول تضليل العدالة!بعد انقضاء عدة أيام بعد هذه “الورطة” رأيتها مرة أخرى وقد وثبت أمامي كشخصية كرتونية تظهر من العدم فجأة وجعلت تلومني على تجاهلي لها _غير المقصود_ وانشغالي الشديد الذي حال دون مقابلتها في أوقات “فراغها” خلال تلك الأيام.ولكن كيف السبيل إلى الهرب من شِباك لومها ونظراتها الحادة التي جعلت تقذفها علي بلا تريث؟!ما حدث بعد ذلك ليس بالشيء المُلفت ولكن الشيء الذي استوقفني هو أن العديد من الأشخاص _كزميلة الدراسة تلك_ يعتقدون بأنهم يملكون أوقاتنا بل ولهم الحق في تخصيص مواعيد محددة تناسبهم وحدهم؛ متناسيين بذلك أولوياتنا التي قد تحول دون الإيفاء بواجباتنا الاجتماعية، والتي تضطرنا على الانصياع في بعض الأحيان لإلحاح الطرف الآخر في التصرف وفقا لما يطلبه تحت ذريعة الصداقة او الزمالة.في حين أن هناك أصدقاء تبقى مودتهم تعذرنا ولا تبصر التقصيرات التي قد تبدر منّا والذين قد لا نلتقي بهم الا كل فينة وفينة ولكنهم مدركون لمساحاتنا الشخصية ومسؤولياتنا التي يجب احترامها وتقديسها لأنها تمثل جزء جوهري في حياتنا والتي تُعيننا على تنظيم أولوياتنا أكثر.احترام الوقت ومعذرة الآخرين هما مظهر مهم وأساس من مظاهر احترام وتقدير الأخر. ولكي تكون علاقاتنا الاجتماعية صحية علينا أن نتعامل مع الآخرين كما نحب أن نُعامل. كما يجدر علينا أن نسعى لتوطيد علاقاتنا مع الآخرين من خلال هذه السلوكيات التي تؤكد وتوضح مدى الوعي والنضج العقلي الذي تتميز به والتي بدورها تحررك من الأنانية المفرطة التي قد تستحيل بسهولة لأزمة اجتماعية منفرة وبغيضة إذا ما تم تداركها. سوسن إبراهيم