تَقَهْقُر مستوى جامعة الكويت عالمياً وعربياً والسبب..! | د. طلال الجسار
لن نشيع سرا أو نهتك سترا عندما نقول ان مستوى جامعة الكويت في انحدار متواصل، لأن من يعلم ببواطن أمور الجامعة سيجد أن هذا الانحدار نتيجة طبيعية بسبب الفساد، فقد ذكر موقع «Quacquarelli Symonds» الخاص بتصنيف الجامعات على مستوى العالم ان جامعة الكويت قد حلت في المركز 701 عالميا والثلاثين عربيا، وذلك بعد أن كانت في المركز 601 عالميا حتى العام 2012، في المقابل احتلت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن المركز 199 عالميا والأول عربيا، وجامعة الملك سعود المركز 237 عالميا والثالث عربيا. وهذا من المحزن لأن الجامعة لبنة أساسية مهمة في التطور والنهضة وليست عنصرا جماليا في إكمال شكل الدولة، وغرس العادات السامية في الطلبة ليسلكوا السلوك الاجتماعي الصالح ولذلك يلخص المفكر الألماني مولر جاكيب تعريف الجامعة بأنها «فلسفة التربية الحديثة».
ومما أذكر من أمثلة راقية عن الجامعات الألمانية ورفضها أي نوع من الفساد هو عندما قام 30 ألف طالب جامعي ألماني عام 2010 حسب صحيفة SZ بإرسال رسائل للمستشارة انجيلا ميركل يطالبونها بإقالة وزير الدفاع الألماني الأسبق «كارل تيودور» بعد أن ثبت أنه قام بالسرقة الأدبية في الدكتوراه، وبالتالي كانت رسائل الطلبة الغاضبة توضح أن تيودور لا يستحق أن يحمل شهادة الدكتوراه من جامعة ألمانية، لأنه سبب إحراجا وطعنة لنظام التعليم الألماني المعروف برقيه فتمت إقالته، كذلك عندما قدمت وزيرة الثقافة الألمانية «أنيته شافان» استقالتها تحت ضغط إعلامي وشعبي عام 2013 بعد أن سحبت منها جامعة دوسلدورف لقب الدكتوراه، لتورطها بالسرقة الأدبية، ولكن ما الدافع لكل هذا القول، إنه للإجابة على سؤال العنوان.
لقد انتشر في جامعة الكويت داء قديم كان السبب في هلاك أمم ألا وهو الظلم، والحط من كفاءة المتقدمين المجتهدين للحفاظ على السطوة والصدارة، لذلك نسأل أولا الأخ الأمين العام للجامعة كم عدد القضايا الإدارية التي رفعت على جامعة الكويت خلال السنوات العشر الأخيرة فقط؟ بل وكم نسبة النجاح فيها؟ لأن هذا سيؤكد ما اطرحه من عدمه، ويبين مدى الظلم بسبب الحسد والضغينة، بعد أن أصبح الاعتماد على المحسوبية والمصالح الضيقة في تقدير الكفاءات، فأين نحن من الغرب كما ذكر أحمد زويل الذي يدعم الفاشل حتى ينجح، بينما نحن نحارب الناجح حتى يفشل؟ ولنضرب أمثلة بسيطة من تيار جارف، انتشار نظام التوريث في الجامعة، فهناك من المدرسين الذين يسعون جاهدين لتعيين الأقرباء، وإن سلمنا بحق الأقرباء في العمل في الجامعة لكن هذه الكثرة تصيبك بالذهول، فانظر لرئيس قسم سابق تم توظيف قريبين له في نفس القسم، بعد أن تم ابتعاثهما إلى نفس الدولة العربية وتحت إشراف نفس الدكتور وكل ذلك بمحض الصدفة، ثم الآن يسعى لتوظيف زوجته الجديدة معيدة بعثة في نفس القسم، ولسان حاله، الأقربون أولى بالمعروف، ثم المحسوبية في الاختيار فقد استطاع أيضا عميد كلية سابق أن يقدم بعثة لطالب مع أن معدله التراكمي أقل من 3 نقاط، أي حتى ان القانون لا يسمح له بتقديم أوراقه لإدارة البعثات، بل كيف تتوقع أبحاثا عميقة وقوية وقسم علمي يضم خمسة مدرسين درسوا الدكتوراه تحت نفس المشرف في بلد عربي!
وإذا أردت العجب فدكتور في لجنة البعثات لأحد الأقسام حاول إلغاء بعثة طالب متفوق بعد أن أنهى مرحلة الماجستير بحجة أن موضوع الرسالة بعيد عن التخصص الذي بعث لأجله، مع العلم بأن هذا الدكتور حاصل على الدكتوراه من جامعة عربية وبالتالي لا يجيد اللغة الانجليزية الإجادة المتقنة التي تؤهله لهذا الحكم التعسفي السريع بإنهاء مستقبل طالب، فقام عميد الكلية بتشكيل لجنة لتبحث صدق هذه الدعوى، وكانت النتيجة مغايرة تماما لما ادعى هذا الدكتور، الذي لم يعرف في حياته منصة التفوق الجامعي، أما أخيرا وليس آخرا فهي كوميديا سوداء بامتياز تبعث على الضحك حتى الثمالة، لجنة في أحد الأقسام ترفض قبول معيد سابق، هو الأول على دفعته أنهى الدكتوراه في ألمانيا، حسب رغبة القسم وبعد دراسة متواصلة استمرت تسع سنوات، وبلا أية أسباب أكاديمية أو قانونية، ثم الغريب أنهم اتخذوا هذا القرار بعد أن اطلعوا على رسالته في الماجستير والدكتوراه والمكتوبة باللغة الألمانية، مع العلم أنهم لا يجيدون هذه اللغة ولا أي لغة أجنبية إجادة عميقة! ثم درءا للكلام بعثوها لمحكم يجيد لغة الرسالة، فجاء قراره إيجابيا، إلا أنه مع ذلك تم رفضه بالإجماع. وهذه أمثلة مما يحدث في جامعة الكويت من حسد وضغينة ووقيعة، بدلا عن البحث العلمي الرصين، والتكاتف لإعلاء سمعة الجامعة، فهذا صوت ضعيف لكنه مخلص بإذن الله لأولياء الأمور حفظهم الله على إعادة النظر في أمور الجامعة ومحاربة الفساد والظلم، والله المستعان.