ا.د.لطيفة الكندري تكتب : «برافو» فتيات الخليج العربي
تخطو الفتاة الخليجية الجامعية خطوات ثابتة وواثقة نحو تغيرات حاسمة، وإنجازات مستحقة في ميادين الحياة المدنية، وقبل أيام سنحت لي الفرصة لألتقي مباشرة بالعشرات منهن في مجالات ثقافية وعلمية. انشغلتُ مع عدد من الزملاء والزميلات ـــ على مدار أربعة أيام كاملة ـــ مع الوفود الخليجية، التي تشرفت دولة الكويت باستضافتها واحتضانها، حيث نظمت الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب فعاليات جمعت طائفة من فتيات الخليج.
كان الهدف الأساسي من الملتقى الثقافي العلمي، تنمية مدارك طالبات الجامعات، وإثراء مهاراتهن وإنماء شخصياتهن وتمكينهن من المشاركة المجتمعية وتشجيعهن عمليا على الاستفادة من خبرات المؤسسات المناظرة. وفي هذا الصدد، وبالتنسيق مع الأمانة العامة بمجلس التعاون لدول الخليج العربية، استضافت الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب فعاليات الملتقى، خلال الفترة من 20 وحتى 23 مارس الجاري، وذلك تحت رعاية كريمة من وزير التربية وزير التعليم العالي د. محمد عبداللطيف الفارس. وكان شعار الملتقى «المرأة الخليجية وتحديات القرن الحادي والعشرين»، وجاءت المشاركات الطلابية لتكشف عن الطاقات النسائية المضيئة في العديد من المجالات، التي شملت مُسابقات في القرآن الكريم، والمناظرات، والبحوث، والملصقات، والمبتكرات العلمية. جرت الاستعدادات قبل عدة أشهر، وشارك عدد كبير من المختصين بالإشراف الدقيق على المسابقات، وبكل صبر وأناة تمكنت اللجنة المنظمة، بمن فيها من باحثين وإداريين، من خلق بيئة فاعلة أوقدت قناديل التنافس، وأشعلت مصابيح الابتكار بين الجموع الطلابية.
لقد تحققت آمال طالباتنا في التعبير عن مواهبهن ومهاراتهن وإبداعاتهن. شاهدنا مشاريع طلابية ذكية، وتعاونا طلابيا مثمرا، ومهارات بحثية واعدة، يُرجى معها الخير العميم. حرص المهتمون بالتعليم العالي على حضور الجلسات الصباحية والمسائية من دون ملل.
كانت المشاركات الطلابية من 11 جامعة خليجية، تنافست تنافسا علميا أثلج صدورنا، ولقد رأيت التعلم التعاوني واضحا، كما شاهدنا تبادل الخبرات والجلسات العلمية والحوارية، والمناقشات تستحوذ على الأجواء، وتشيع روح العطاء العلمي. رأيت خلال تلك الأيام عرسا ثقافيا جميل الملامح، جليل الغاية لترسيخ مفاهيم كبرى تؤكد أن الحياة الجامعية تتعدى أسوار الجامعة لتلتحم بحركة الحياة، حيث تحقق الفتاة ذاتها في فضاء المجتمع، فلا تخضع لضغوطات تكرهها، ولا تستسلم لعقبات تواجهها.
وفي ختام الملتقى تحديداً ظهرت النتائج لجميع المسابقات، وبفرحة غامرة تم توزيع الشهادات التقديرية، والهدايا التذكارية للفائزات والمشاركات، وكانت الفرحة ملء القلب والسمع للحاضرين، لا سيما أهالي الطالبات اللاتي رفعن أعلام بلادهن فخرا وفرحا، والكل مبحر في أهازيج فرحا بالإسهامات الطيبة.
ردد بعضهن أنشودة «خليجنا واحد»، وهي من الشعارات العميقة والاستراتيجية التي ترسم بحكمة هويتنا الأصيلة، وتحدد مصالحنا المشتركة، وطموحاتنا المشروعة. ولا شك أن تقديم برامج رفيعة المستوى لبناتنا في مثل هذه المنتديات الثقافية ضرورة حضارية لبناء مستقبل مشرق.
تابعت بشغف قنوات التواصل الاجتماعي، والصحف الخليجية، وهي تتناقل أخبار الملتقى، الذي لعب دورا كبيرا في التوعية بأهمية جودة الخدمات المقدمة لفتياتنا. وردتني تعليقات كثيرة عن الملتقى ونتائج المسابقات والأوراق البحثية المقدمة، مما يدل على التعطش للملتقيات الثقافية، وهذه دلالة على وعي بأهمية الملتقيات الخليجية والعربية والدولية في تنمية فتياتنا.
إن تعزيز أسس التنافس الشريف وترسيخ الأمانة العلمية وإبراز مواهب المرأة الخليجية في صلب رسالة الملتقى. لقد بلغ عدد إجمالي المسجلات في فعاليات الملتقى 1426. وفي هذا السياق ساهمت كلية التربية الأساسية ــ عمادة الشؤون الطلابية للبنات ــ بعمل ركن خاص بمعرض البحث التربوي، حيث تم استعراض أهم منجزات الطالبات في هذا المجال، من أجل توليد الشغف اللائق بالبحث والاستكشاف. نجحت الفتاة الخليجية الجامعية في الملتقى، وأثبتت بجدارة قدراتها الريادية في تمثيل بلدها، والحفاظ على هويتها، ومواكبة عصرها.
أ. د. لطيفة حسين الكندري