11 محرقة كتب في تاريخ الديكتاتوريين حول العالم
في زمن الفاشية الهتلرية سقط اسم كاتب ديمقراطي نمساوي سهوًا من قائمة الممنوعين، فكتب عنه برتولد بريخت في قصيدته “حرق الكتب”:
نسوا كتبه فاستشاط غضبًا فهرع إلى مكتبه
وخط إلى الحاكمين سطرًا على عجل:
“احرقوني! احرقوني! لا تسيئوا إلي!
ألم أقل الحقيقة فيما كتبت؟ لم تعاملونني ككذاب؟
آمركم أن تحرقوني!”
الصقت تهمة حرق الكتب بالعرب لقرون طويلة وبالحكام المسلمين، متسببين بذلك في فقدان مكتبة ابن حزم الأندلسي والغزالي وابن المقفع وأبي نصير سابور وغيرهم، مستخدمين الحرق علانية كتقنية موحدة لإتلاف الكتب ونشر العظة.
ولكن يبدو أن عداء المستبدين للكتب، وتاريخ حرق المكتبات يتجاوز العرب أو المسلمين نحو علاقة أكثر ارتباطًا بالاستبداد والطغيان على مر الزمان واختلاف العصور.
مكتبات العراق في عهد داعش
عمليات متكررة تجاه الكتب قادتها داعش بقصد القضاء على المكتبات العامة، كان آخرها إحراق المكتبة المركزية بالموصل، ومكتبة جامعة الموصل، والمكتبة المركزية شمال شرق بعقوبة، وقضاء المقدادية بمحافظة ديالي الشرقية, وباقي المكتبات العامة والخاصة، ومصادرة المكتبات الصغيرة بالمنازل. وقد أقدم التنظيم على جمع كل الكتب الأدبية والتاريخية والعلمية من المكتبات، ما عدا الكتب الإسلامية، ووضعها في أكياس إلى منطقة المجموعة الثقافية وحرقها أمام أنظار الأهالي بوسط الشوارع والحاويات الحديدية.
مكتبة “السائح” في طرابلس
قبل ذلك بقليل من العام الماضي أشعل مجهولون النار في مكتبة السائح في طرابلس شمالي لبنان, المكتبة العريقة كانت تضم نحو 80 ألف كتاب، من بينها كتب إسلامية ومصاحف ومملوكة لقس مسيحي, وذكرت مصادر محلية أن منشورًا مسيئًا للإسلام عثر عليه في المكتبة دون علم مالكها، ليتم ربط الحادث بالنزاع المسلح الأخير في سوريا، وما شهدته لبنان مؤخرًا من عنف طائفي, وقد التهمت النيران ثلثي محتويات مكتبة السائح وأتلفت مياه الإطفاء بقية الكتب.
مكتبة الإسكندرية القديمة
أنشأ الإسكندر الأكبر أول وأعظم مكتبة عرفت في التاريخ منذ أكثر من ألف عام، وضم فيها كتب العالم القديم، والتي وصل عددها إلى 700 ألف مجلد، منها أعمال هوميروس ومكتبة أرسطو, لكن في عام 48 ق.م. قام يوليوس قيصر بحرق 100 سفينة على شاطئ الإسكندرية بجوار المكتبة التي امتدت النيران إليها، ليتم تدميرها بالكامل. فيما قيل إن حرقها كان مقصودًا, كانت المكتبة قد شهدت حادثًا آخر في عام 640 ميلاديًّا عند فتح مصر.
مكتبة سراييفو
رمز سراييفو القديم و”جبل المعرفة” لدى العالم الذي تم حرقه على يد الجيش الصربي عند حرق مدينة سراييفو عام 1992، دون مس ممتلكات النمساويين من نوادٍ ومصانع إنتاج الخمور، ثم منع المياه من الوصول للمكتبة لإخماد الحريق, وكانت المكتبة تضم مليوني كتاب، و300 مخطوطة عالمية، وكتب غرب البلقان القديمة وآلاف الروايات والكتب التاريخية والرسائل الجامعية, وتدق صفارات الإنذار كل عام في 25 أغسطس للتذكرة برمز سراييفو.
المكتبة الوطنية في صربيا
دمرت قوات الرايخ الهتلرية المكتبة الشعبية بصربيا وحدها خلال الحرب العالمية الثانية عام 1941, فقصدها الجيش بالقنابل الحارقة التي نالت من حوالى 350 ألف كتاب، إلى جانب مدونات من القرون الوسطى، ومجموعة من المخطوطات التركية مع ما يزيد عن 200 كتاب قديم مطبوع من القرن الخامس عشر حتى القرن السابع عشر، وخرائط قديمة، ولوحات فنية، وصحف، وكافة الكتب المطبوعة في صربيا والبلدان المجاورة منذ عام 1832، لتقدر محتوياتها بأكثر من 2,6 مليون كتاب.
مكتبة القسطنطينية
وفي عام 473 ميلاديًّا، احترقت آخر المكتبات الكبيرة بالعالم القديم مع بداية الحكم المسيحي وغلبة صحوتهم, فقاموا بحرق مكتبة القسطنطينية بعاصمة الدولة البيزنطية, وفقدت المكتبة 120 ألف مخطوطة بعدما كانت حافظًا للمعرفة القديمة لليونان والإغريق لأكثر من ألف عام، حتى نالت منها الحروب.
مكتبة ناصر خسرو
كانت أكبر المكتبات العامة بأفغانستان وأفضلها, فحوت المكتبة 55 ألف مطبوعة بين كتب ووثائق ومخطوطات نادرة تم حرقها كاملة على يد جماعة طالبان في أغسطس 1998، بعدما انسحب الروس ودخل المجاهدون الأفغان إلى كابل، لتفقد المكتبة 367 ألف كتاب قديم.
مخطوطات تمبكتو
وفي 2013، أحرق فرع القاعدة بمالي كامل مكتبة أحمد بابا في تمبكتو التي كانت تضم 700 ألف مخطوطة أغلبها باللغة العربية ولغات محلية, وقد عانت المكتبة من التجاهل لسنوات لجهل الماليين باللغة العربية، وظلت الكتب في وضع سيء ومهدد حتى حادث الحريق الأول في 1913، عند قيام بعض المجموعات بحرق 30 ألف مخطوطة، وقيام السكان المحليين بحماية أغلبية محتويات المكتبة، ليتم القضاء عليها بالكامل منذ عامين.
مكتبة بيت الحكمة
مكتبة بغداد التي أسسها هارون الرشيد ورعاها ابنه المأمون لتكون مركزًا للفكر العربي الإسلامي, ضمت المكتبة كتب التراث الإسلامي والسير والتراجم، وكتب الكيمياء والطب والرياضيات والفلسفة والأدب, وحوت المكتبة مرصدًا فلكيًّا للتحقيق في كشوف بطليموس، وأقام فيها مجموعة من المترجمين لنقل العلوم.
تم تدمير المكتبة على أيدي المغول عند اجتياحهم بغداد، وألقوا بجميع محتوياتها وأكثر من 300 ألف كتاب في نهر دجلة، حتى حوله مداد الكتب للون الأسود, هذا إلى جانب ستة وثلاثين مكتبة عامة أخرى ببغداد تم إغراقها.
دار العلم
أنشأها الخليفة العزيز بالله الفاطمي في قصره بالقاهرة حتى بنى لها ابنه الحاكم بأمر الله مبنى خاص بجوار القصر, وتم تقسيم المكتبة للفقهاء ولقراء القرآن الكريم وللمنجمين وأصحاب النحو واللغة وهناك قسم أخير للأطباء, وبلغ عدد القاعات المفتوحة لعامة الناس ثماني عشرة قاعة للاطلاع على ثلاثة ملايين ومئتين مجلد، وهو ما يعادل عشرين ضعفًا مما حوته مكتبة الإسكندرية القديمة.
في عام 1068، شهدت مصر مجاعة كبيرة منعت الخليفة آنذاك من دفع رواتب الجنود الأتراك والسودانيين؛ مما دفعهم للهجوم على المكتبة فنزعوا أوراقها واتخذوا من جلودها أحذية, ليتم تدمير باقي المكتبة في عهد صلاح الدين الأيوبي، فتم توزيع الكتب على رجال الدولة، وتجار الكتب، وكهدايا للقضاة، وكان هناك يومان من كل أسبوع لبيع الكتب الذي استمر عشر سنوات ليقضي على خزائن ممتلكات الفاطميين.
مكتبة بني عمار العامة
المكتبة السورية التي حوت ثلاثة ملايين كتاب حرقها الصليبيون في القرن العاشر الميلادي، معتقدين أن جميع محتوياتها هي نسخ من القرآن الكريم, وهذا بعدما زار القسيس برترام سنت جيل قاعة القرآن الكريم حتى أعطى أمرًا بحرقها, وكان للمكتبة أكثر من مائة وثمانين ناسخًا يتناوبون على العمل بها ليلاً ونهارًا
المصدر :
ساسة بوست