كتاب أكاديميا

التخطيط التربوي.. بين التطوير والفوضى | د. محمد الشريكة

في هذه الزاوية منذ ما يقرب من (12) سنة كنت ومازلت أركز في معظم مقالاتي على الشأن التعليمي والتنموي، وآخر هذه المقالات نشرت بتاريخ 26/10/2016م، بعنوان «إصلاح التعليم في الكويت: حلول ممكنة»، وركزت في ذلك المقال على عناصر النجاح بالإدارة، وما تعانيه وزارتنا العزيزة من اختلالات إدارية متمثلة في ضعف بعض الأدوات الإدارية لدى مجموعة من قياديي الوزارة ـ سواء على مستوى الأجهزة الإدارية أو المدرسية ـ كما تضمنت المقالات بعض المسائل الجوهرية التي تتطلب تدخلا إجرائيا لإصلاحها سعيا لتحسين الوضع التعليمي في الكويت.

واليوم لفت انتباهي تصريح لمعالي وزير التربية د.محمد الفارس يوجه فيه لجنة التيسير لعرض برنامج أو خطط تطوير التعليم على الميدان، وأكد على أهمية الأخذ بتلك الآراء والاستفادة منها، هذا إلى جانب تصريح آخر يؤكد فيه معاليه على تدريب المعلمين.

هذه التوجيهات والأطروحات التي قدمها معالي الوزير خلال هذه الفترة القصيرة تشير بوضوح إلى أن معالي الوزير يتسم ببعد النظر وعمق الرؤية، وهذا ما أثبته خلال فترات سابقة حين تولى مهام أساسية في جامعة الكويت، ومنها عمله مساعدا لنائب مدير الجامعة للتخطيط، وآخرها أمينا عاما للجامعة.

وهنا عزيزي القارئ أود تقديم رسائل لمعالي الوزير أزعم أنها قد تسهم في إصلاح نظامنا التعليمي.

في فترات سابقة وبصورة اتسمت بالنمطية، دأبت وزارة التربية على إعداد الخطط التطويرية للتعليم، وهنا أشدد على أن التخطيط له عدة مستويات من أهمها التخطيط العام للدولة ـ وهو غائب ولا توجد لدينا رؤية حكومية شاملة ـ ومنها ما يقع على عاتق وزارة التربية باعتبارها الجهة المختصة بالتنفيذ، وهي أعلم باحتياجاتها ومعوقات العمل الميداني، إلا إن أغلب هذه الجهود والخطط يكون مصيرها الفشل بسبب عوامل عديدة منها عدم المضي قدما باستكمال مثل تلك الخطط.

ومن هذه الخطط ما سوق له وزير التربية السابق د.نايف الحجرف بمسمى «الإطار المرجعي التنفيذي لبرنامج وزارة التربية نحو تطوير المنظومة التعليمية في الكويت».

وهي الخطة الاستراتيجية التي وإن احتاجت إلى تحديث وتطوير، إلا أنها خطة حملت أفكارا جوهرية يجب أن تنفذ ووصفت أدوار المؤسسات المعنية بشأن التعليم العام بصورة دقيقة يجب أن تعتمد.

إن هذه الخطة وإن كانت تمثل اجتهادا جيدا للوزارة، لكن من يحتاج أن يقتنع بعناصرها الرئيسة هو مجلس الوزراء ومجلس الأمة، لأن أجزاء أساسية منها تتطلب تعديلات تشريعية منها تعديل قانون إنشاء المجلس الأعلى للتعليم، وتعديل قانون إنشاء المركز الوطني لتطوير التعليم.

إن هذا النموذج التطويري المقترح لإعادة هيكلة المؤسسات يعتبر محاكاة لأفضل التجارب العالمية لتحقيق التميز في المنظومة التعليمية، بحيث يتم نقل عناء ومشقة إعداد الدراسات والبحوث والخطط، وآلية دراستها واعتمادها إلى المجلس الأعلى للتعليم بعد تفعيل دوره، على أن يكون دور المجلس الأعلى للتعليم وفقا لهذه الآلية منصب على القضايا الكلية وليست الجزئية، كما يتحول مع هذا النموذج دور المركز الوطني لتطوير التعليم للاهتمام بالتقويم والقياس وتشخيص الواقع، واقتراح حلول ومعالجات في ضوء نتائج التقويم، كما تتفرغ الوزارة بهذه الهيكلة للتنفيذ والمتابعة والرصد والتنسيق بعيدا عن أي انشغالات أخرى، مع أهمية تعزيز دور المناطق التعليمية وتطبيق مفاهيم اللامركزية بصورة متطورة.

وبذلك تهيكل المؤسسات بصورة ذكية جدا وتوضح الأدوار بأسلوب عملي لا لبس فيه.

كما لا أنسى التأكيد على ما تفضل به معالي الوزير د.محمد الفارس من أهمية التدريب للمعلمين للارتقاء بالعملية التعليمية، وهنا أقترح أن يتم التدريب على خطين متوازيين أولا أن يربط الترقي إلى الوظائف الإشرافية ذات الطابع التعليمي بمسار أكاديمي تطبيقي بالتنسيق والتعاون مع مؤسسات التعليم العالي، بحيث يلتحق من يرغب في الترقي بدورة أكاديمية مدتها لا تقل عن ثلاثة أشهر، ويمر بالإجراءات التقويمية المعتادة في الدورات الأكاديمية، ومن ثم تتم مقابلته وتقييمه مرة أخرى في أروقة الوزارة، لقناعتي المطلقة بأنه متى ما كان القائد التربوي (وخصوصا مدير المدرسة) يمتلك قدرات ومهارات متميزة سينقلها للمعلمين بالتبعية، وسيحثهم على التعلم الذاتي من خلال الاطلاع أو التشارك المعرفي مع الأقران.

والخط الآخر يتمثل بطموح كبير في إيجاد أكاديمية تدريبية ملحقة بالوزارة تنقل لها اختصارات التدريب والابتعاث والدراسات والبحوث التنفيذية.

إن الوزارة تملك القدرات وتملك الخطط وتملك القيادات الراغبة في التطوير، لكن هل مجلس الوزراء مهتم بإصلاح التعليم؟!

@dralsharija

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock