الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح تكتب: اللغة العربية والهوية
القرار التاريخى من الأمم المتحدة فى الثامن عشر من ديسمبر فى العام 1973 بإعتبار اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية التى يتم العمل بها فى جدول أعمال الأمم المتحدة بكافة أقسامها هو قرار نتج عن جهود عربية دبلوماسية يجب أن يخلده العرب ويعطونه حقه وخاصة أن هذا اليوم إعتبرته الأمم المتحدة اليوم العالمى للغة العربية فالحديث عن اللغة العربية هو من أصعب الحديث وشاق وليس حديثا يسيرا بالمرة وذلك فى حالة إن أردنا أن نعطى لغتنا الجميلة حقها وأن نصفها بالوصف الذى يليق بجلالها وهيبتها ، كيف لا وهى أثرى لغات الأرض بمفرداتها والتى تربو على إثنى عشر مليون مفردة وما تحويه مكوناتها أيضا من نحو وبلاغة وصرف فى حين أن أكثر اللغات المعاصرة إنتشارا لا تتعدى مفرداتها نصف المليون ،وهى أكثر اللغات عراقة وأصالة وتأثير حقيقى فى تاريخ العديد من الحضارات والأديان المختلفة .
ويكفينا فخرا أنها لغة القرآن العظيم وهو رسالة السماء الخاتمة لكل الرسالات والإنذار الأخير للعالمين فهى لغة أثرت القرآن بمفرداتها والقرآن هو الذى ضمن لها الخلود والبقاء مما جعل الكثير من المتخصصين فى اللغات يعتبرها أكثر اللغات الغير قابلة للإنقراض ، فهى لغة الصلاة عند المسلمين وتستخدم أحيانا كلغة شعائرية فى بعض الكنائس المسيحية فى العالم العربى وكتب بها أيضا اليهود أعمالهم الأدبية والدينية وتخاطبوا بها فى العصور الوسطى .
ولكن ..!!
ماذا حدث للغة العربية لكى لا تحظى بالإهتمام من أبنائها بالشكل الذى يليق بها ؟! وأنا لا أستثنى نفسى من بعض التقصير والتطوير ، لأننا يجب أن نتوقف طويلا أمام هذه الإشكالية بالتحديد ! وهل سبب هذا الإهمال هم أهل التخصص الذين ينعزلون بها عن العامة؟! أم عموم الجماهير العربية التى لا تهتم كثيرا للدرجة التى أوهنت عزيمة المتخصصين فى التواصل معهم ؟! … وأنا بدورى أحيل هذا السؤال إلى المسئولين عن وزارة التربية والتعليم والمجلس الوطنى للثقافة والفنون والآداب فى دولة الكويت وإلى كل مسئول عربى فى مجال الثقافة والتعليم والإعلام لكى يكونوا حلقة وصل بين المتخصصين والعوام وأن يتبنوا مشروعا لتبسيط مناهج اللغة العربية وخاصة فى النحو والبلاغة وهما قابلان للتبسيط بسهولة ويسر بخلاف علوم الفقه والأصول والتى يظل تبسيطها بعيد المنال عن الأغلبية من عوام الناس .
أتمنى فى القريب العاجل أن يلبى بعض الإخوة المسئولين المحبين للغتنا العربية مشروعا لتبسيط اللغة لكى يسهل على عوام الناس حتى التعامل بالحد الأدنى من أساسياتها وأنا على يقين إن نجح مشروع كهذا سيغير مجتمعاتنا للأفضل من حيث الرقى اللفظى والسلوكى ويعزز بالتأكيد مفهوم الهوية والأصالة فى نفوس شبابنا والذين نخشى عليهم دائما من ثقافة التغريب التى تهدد أصالتنا وهويتنا وتراثنا وحضارتنا ونحن أهل القرآن وحراس العقيدة وخير أمة أخرجت للناس .. فهل من مستجيب ؟!!