2015 .. عام مليء بالتطلعات الأكاديمية والطموحات التعليمية
إن الإستثمار الحقيقي يكون في الإستثمار البشري، فبتقدمه تسود الأمم وينتج عنه تطوير جميع جوانب الحياة المدنية والتعليمية والإقتصادية والسياسية. ومن أهم قواعد بناء الإنسان .. التعليم، فلا تجد بلد متطور إلا وتكون جامعاته في مصاف الجامعات الأولى، وتجد النظام التعليمي مميزاً جداً، ولنا بأمريكا وأوروبا وسنغافوره واليابان خير مثال.
وواقع المجتمع الكويتي بعيد مع الأسف عن ميدان التطور بالرغم من وجود الموارد المالية التي تساعد على تأسيس مجتمع تعليمي مميز، بل وفي الكويت الكثير من المخلصين والمحبين للتقدم والتطور، ولكنهم لا يجدون المساحة الكافية لإظهار ما عندهم، بسبب بيروقراطية التركيبة السياسية وطول الدورة المستندية في إقرار القوانين الهادفة في تطوير التعليم وتحسين الجوانب الأكاديمية. وتطلعات المجتمع الأكاديمي في الكويت كبيرة في عام 2015 والمطالبات تحتاج من يتبنها، ولعل من أهمها:
.
جامعة الشدادية
من أهم المشاريع المنتظرة هي جامعة الشدادية، لإنتهاء العمر الإفتراضي في الكثير من مباني جامعة الكويت الحالية، بل ولقلة تجهيز المباني والقاعات بأحدث الوسائل التكنولوجية التعليمية. على الرغم من أن هذا المشروع لن يضيف الكثير من حيث المساحة الإستيعابية للطلبة، فعدد طلبة الجامعة حالياً يفوق الـ40 ألف طالب ومشروع الشدادية يحوي هذا العدد بالضبط، ولكن التطلعات والآمال الأكاديمية كبيرة من حيث إحداث نقلة نوعية في مجال التعليم الجامعي. فيكفي ما ناله هذا المشروع من تأخير بسبب طوام سياسية كبيرة .. وحسب أخر موعد سيتم إنشاء المشروع بـ15 سنة!! والدول الأخرى تشييد الجامعات في سنتين وثلاث.
.
جامعة جابر
حين نتحدث عن التطور الجامعي في الكويت، فإن الحديث عن جامعة جابر يطول، فالكويت رغم الطفرة المالية والنضوج العلمي لدى الكويتيين إلا أن لديها جامعة حكومية وحيدة، ودولة البحرين الشقيقة أصغر منا مساحة وأقل منا عدداً ومع هذا لديها 4 جامعات حكومية. وقد كتبت سابقاً مقالاً تحدثت فيه أن مشروع جامعة جابر هو بمثابة جنين تم تشوهيه قبل أن يولد، فقد تم تغير مسار المشروع وتفريغ محتواه ليظهر هذا المشروع بشكل أعور لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع. فتنبأت كغيري بأن مسلسل تشويه القانون لن يقف عند ذلك، وبالفعل تم تغيره لأكثر من ٦ مرات، بل وللتو رد وزير التربية د. بدر العيسى المشروع لأسباب “دستورية” مطالباً مجلس الأمة بتعديله. فيحق لنا أن نتسائل: ألهذه الدرجة إرضاء الجامعات الخاصة أصبح آساساً تعليمياً؟ ومتى ستتحرك الحكومة لإنتشال القطاع الأكاديمي في الكويت من وحل التخلف والرجعية؟
.
مشكلة الشعب المغلقة
الشعب المغلقة ليس حدثاً كويتياً فحسب، بل تعاني منه الكثير من الدول بسبب قلة الأساتذة مقابل كثرة الطلبة، ولكنه في الكويت تعدى من كونه “مشكلة” إلى أن أصبح “هاجس” لكل الطلبة. وأصبحنا نسمع أحداث وأخبار الشعب المغلقة كما نسمع عن أحداث حياتنا اليومية. وتستطيع الجامعة والتطبيقي فتح باب التعيين للأساتذة وفق شروط تتأكد من خلالها إختيار المناسبين لهذه الوظيفة. نعم، نحن نعذر المؤسسات التعليمية عن هذا الخلل كون المشكلة ليست بأيديها، ولتدخل الجانب السياسي كثيراً في هذه القضية. ولكننا نتأمل أن تنتهي هذه القضية مع هذا العام الجديد.
.
الأساتذة بحاجة للدعم
لا يمكن عزل الأساتذة من العملية التعليمية، فهم عنصر مهم وجوهري في بناء المجتمع وتخريج أجيال قادرة على قيادة البلد مستقبلاً. نرجو من إدارات المؤسسات الأكاديمية في الكويت الإلتفات إلى مطالبهم، ومشكلتنا في الكويت أن الإدارات الأكاديمية تنظر بأن الأستاذ دوره التدريس فقط، وهذا مناف لطبيعة تكوينه، فالجامعات التي يحصلون منها أساتذتنا على شهادات الدكتوراه تجهزهم ليصبحوا أكاديميين، فيجب تشجيعهم على الإنتاج العلمي وإجراء البحوث التي تبين نواقص التعليم في الكويت وتطرح حلولاً لها. وعلى الإدارات أن لا تنظر لمطالباتهم على أنها مجرد “دلع”، بل دعم البحوث وتقديم التسهيلات لحضور المؤتمرات والمشاركة بها لها منافع كثيرة. صحيح هناك من الأساتذة من يستغل هذه المزايا للسفر والعبث، ولكن لنحسن الظن بالأغلبية ولا نعمم.
.
التدخلات السياسية
كل ما ذكرته سلفاً لا يمكن أن يتم دون الإبتعاد عن التدخلات السياسية، لوحظ مؤخراً أن التدخلات السياسية تمت بشكل كبير حتى أنها وصلت للوصايا على إقامة ندوات سياسية في أسوار المؤسسات التعليمية الحكومية الكويتية. فإن السياسة ما أن دخلت في شيء إلا وزادته سوء، فكيف بالتعليم؟ نحترم وجهات نظر النواب والحكومة والسياسيين في الجوانب التعليمية العامة في البلد، ولكن تدخلهم في التعيينات والقبول وما يتم من الناحية الأكاديمية فهذا مرفوض. بل وقام بعض النواب مؤخراً بمحاولة تهميش دور العمل الطلابي النقابي مستندين على أنه لا يحق للإتحادات الطلابية إقامة الندوات السياسية في الخارج، فأين حرصهم على زرع مفهوم دولة المؤسسات والحريات في أذهان طلبتنا إذا كانت هذه حجج السياسيين؟
.
الأكاديميون .. هم من يقودون المؤسسات الأكاديمية
نرجو أن تسند مقاليد الأمور في المؤسسات التعليمية إلى الأكاديميين ذوي الإختصاص، ولا أن تسلم للسياسيين. الإستقلال الأكاديمي والإداري مطلب للكثير من القياديين في جامعة الكويت والتطبيقي، فهم أدرى بشؤونهم وهم الأقرب لمعرفة مواطن الخلل وما يصب في مصالحهم.
.
عبدالله العازمي
عضو هيئة تدريس في التطبيقي
رئيس تحرير جريدة أكاديميا