فى اليوم العالمى لـ”العربية”: المثقفون يرصدون قضايا تهدد لغة الضاد
العربية من أقدم اللغات السامية، وأكثر لغات المجموعة السامية متحدثينَ، وإحدى أكثر اللغات انتشارًا في العالم، يتحدثها أكثر من 422 مليون نسمة ويتوزع متحدثوها في المنطقة المعروفة باسم الوطن العربى، بالإضافة إلى العديد من المناطق الأخرى المجاورة، وهي من بين اللغات الأربع الأكثر استخدامًا في الإنترنت، وكذلك الأكثر انتشارًا ونموًا، متفوقةً على الفرنسية والروسية، اللغة العربية ذات أهمية كبيرة لدى المسلمين، فهي لغة القرآن، ولا تتم الصلاة في الإسلام إلا بإتقان بعض من كلماتها.
اليوم العالمي للغة العربية يُحتفل به باللغة العربية في 18 ديسمبر من كل سنة، وتَقرر الاحتفال باللغة العربية في هذا التاريخ لكونه اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190، والذي يقر بموجبه إدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة، بعد اقتراح قدمته المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية خلال انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو.
اللغة العربية تواجه فى مجتمعنا خطرا، قد يؤثر على هوايتنا الثقافية، بسبب عدم الاهتمام بها، ويتضح ذلك يوميا على صفحات التواصل الاجتماعى فيس بوك، والصحف الإخبارية، والروايات الأدبية الحديثة.
فى هذا الإطار يقول الدكتور حسين حمودة، أستاذ الأدب العربى، بجامعة القاهرة، هناك مشكلات عديدة تواجه اللغة العربية منذ زمن بعيد، ومن هذه المشكلات ما يرتبط بالحياة المعاصرة التى تستدعى الكثير من الجهود بحيث تتطور اللغة العربية، وبحيث تستطيع ان تغتنى بكلمات وبتعبيرات جديدة، لكى تناسب هذه الحياة.
وأضاف “حمودة”،: “كذلك من هذه المشكلات ما يرتبط بالقائمين على شئون اللغة العربية، والمسئولين تدريسها فى مراحل التعليم المختلفة، وكثيرون منهم يختارون نصوصا للتدريس تنتمى إلى ذوق تقليدى، إلى أفكار لم تعد مناسبة باهتمامات الطلاب، وتكون النتيجة أن هؤلاء الطلاب لا يقرؤون اللغة العربية.
وتابع: “وأيضا من هذه المشكلات غياب الاهتمام باللغة العربية فى وسائل الإعلام المتننوعة ، مما يجعل هذه اللغة بعيدة عن الانتشار السليم، وصعبة على الاستخدام”.
وأوضح، أستاذ الأدب العربى بجامعة القاهرة”: “أتصور أن الحلول لكل هذه المشكلات، تتمثل فى أن نؤمن بكون هذه اللغة، جزءا من حياتنا المعاصرة، ولأننا مسئولون عنها، كما كان القدماء مسئولون عنها، وأن نسعى لتطويرها، ونشرها، والحفاظ على قدرتها فى التعبير عن عالمنا.
من جانبه يقول الشاعر إبراهيم داود، أن المشكلة تكمن فى نظام التعليم الموجود حالياً، والتى تصل إلى حد كره التلاميذ لتعلم اللغة، نتيجة استخدام مناهج معقدة و”مكلكعة”، على حد وصفه، موضحا أن فى العصور السابقة كان هناك اهتمام خاص باللغة فى المدارس على عكس الآن.
وأضاف “داود”، أن الأزمة طالت الآباء، وليست وزارة التعليم فقط، بسبب تفضيل بعض أولياء الأمور إتقان أولادهم تعلم الإنجليزية، حتى وإن كانت على حساب اللغة الأم – العربية-.
وأشار صاحب ديوان “الشتاء القادم”، إلى أن الشباب أصبحوا يعانون من افتقادهم التعبير عن أنفسهم باللغة العربية، وتابع قائلا: يسبب ذلك شرخا فى الهوية، خاصة أن اللغة العربية هى لغتنا القومية ولغة الدين الإسلامى”.
وطالب “داود”، باستخدام وزارة التربية والتعليم، لمناهج “خفيفة” تكون قادرة على تعليم الأطفال.
من جانبه قال الناقد الدكتور أحمد درويش، مقرر لجنة الدراسات الأدبية واللغوية بالمجلس الأعلى للثقافة، إن الوضع فى مصر مختلف، إذ إننا نهمل اللغة العربية إهمالا شديدا، يمثل خطرا، ليس على اللغة فقط، بل على هويتنا الثقافية، خصوصا أننا دولة مركزية أو مفترض أن نكون هكذا، ويجب أن يكون لنا مركز ثقافى ونمتلك القوة ناعمة للتأثير والتعاون مع دول الجوار وخاصة الدول العربية.
وأشار “درويش” إلى أن المشكلة ليست فى تدريب الكوادر أو فيمن يعملون فى تدريس اللغة، لكن أيضا فى الساسة، قائلاً “إذا كان مسئولا كبيرا ويخطئ أكثر من 10 أخطاء فى دقائق قليلة، وذلك حسب الإحصائيات، فكيف تكون مباحثاته وقراراته السياسية ذات التأثير”، موضحا “اللغة فى السياسة ليست حلية بل هى جزء رئيسى”.
واستشهد “الشاعر والناقد الأدبى”، بتونى بلير رئيس الوزراء البريطانى الأسبق، والذى استطاع أن يصل إلى منصبه وأن يكون ذا ثقل سياسى عالمى بفضل تعلمه للغة العربية، كما أنه يعتقد أن من ضمن أسباب وصول أوباما لمنصبه – رئيسا للولايات المتحدة- هو إتقانه للغته.
وطالب “درويش” جميع المسئولين عن تعليم اللغة العربية، والقضاء والصحفيين والمحامين، كأشخاص معنيين باللغة، أن يعطوا اللغة اهتماما كبيرا، مؤكدا “ليس عيبا على المسئول تعلمه أو تطوير ثقافته تجاه اللغة العربية، خاصة أنها لغتنا القومية”.