المرحلة الجامعية.. المشقة التي تطارد المواطن العربي! | سلمان بن أحمد الشعبي”
المرحلة الجامعية ليست كغيرها أبداً في المراحل الدراسية، وما يجعلها مختلفة عن غيرها من المراحل عدة أمورٍ مترابطة ولا تُشبه ما قبلها وما بعدها من مراحل، فالكثير من الناسِ لا يعلمون ما يحدثُ للطالبِ أو الطالبة في المرحلة الجامعية من ضغوطٍ وإرهاق قد يؤدي بهم إلى عدة أعراضٍ كالصداع المتلازم وقلة النوم من شدةِ القلق من اختبارٍ ما.
وهناك مَن يعاني أيضاً من مسافة الطريق، فهناك من تبعد عنه الجامعة بمسافةِ سفرٍ، وهناك من هي قريبة منه، والازدحام سيد الموقف، ولكن كل ما ذكرته هنا يعتبر من الأمور الطبيعية التي قد تحدث، أو قد تكون ربما في كل المراحل الدراسية، ولكن ما جعل الجامعة متميزة عن غيرها من المراحل هو وجود ديكتاتورية الدكاترة وبجنسياتٍ مختلفةٍ فيها، بغض النظر إن كانت عربية أو أجنبية، فتجد دكتوراً يهدد أحدهم بالرسوب في مادته، وهناك من يقسو عليهم في أمورٍ يصعبُ عملها كبحوثٍ وواجباتٍ لا تنتهِي، وكأنك تدرسُ مادتهُ وحده.
ليس هذا فحسب؛ بل هناك من يُرسب طالباً عدةَ مراتٍ فقط لأنه خالفهُ في مسألةٍ طرحها أو قاطعه دون قصد، فالطالب هنا لا يجدُ فرصةً أخرى؛ بل يعيد أربعةَ أشهرٍ أخرى، لأنه ربما تحدث مع زميله وزميله هوَ من بدأ بالسؤال! وهناك مَن هو مِن جنسيتك وتظن أنه سيكون مبتسماً على الأقلِ معكَ وتتفاجأ بأنه أقبحُ من الذي ظننتهُ أسوأهم! وأنا هنا لا أتكلم عن جامعةٍ درستُ فيهَا؛ بل أتكلم بلسان الكثيرين ممن درسوا في عدة جامعات في الوطن العربي.
فتخيل أنتَ يا من لا تعلم شيئاً عن معاناةِ طالب أو طالبة الجامعة أن تستيقظ يومياً وتتجه مسافةَ سفر لتصل إلى الجامعة، وتجد ذلك اللسان السليط قائلاً لك: لقد تأخرت أكثر من خمس دقائق عن محاضرتي.. اخرج لا أريدك فيها! تخيل أيضاً أن تكون تقطع نفس المسافة يومياً لمدة أربعة أشهرٍ، وتجد نفسكَ راسباً والسبب ليس سوء درجاتك، بل دكتوراً قال لكَ لن تنجح وأدخلك تحدياً معه لا تعلم به!
وعندما أتكلم عن نفسي في حياتِي الجامعية في بدايتها كنت سعيداً؛ لأن حياتِي تغيرت من نظامٍ إلى نظامٍ آخر، وفي نصفها كنتُ أخافُ فقدان درجةٍ وأعمل جاهداً من أجل نسبةٍ أريدها “معدل”، وفي آخرها تراكمت حولِي أقوال الناس بأنك لن تجد وظيفة، ومعدلك ليس بذلك الأهمية، فأصبحتُ حينها غير مهتمٍ فعلاً بمعدلِي، والمهم النجاحُ فحسبْ، فلو كنت مكاني ويزيد فوق همك هذا دكتور متغطرس فماذا أنت فاعلٌ يا تُرى؟
البعض قد يقرأ ما أكتبهُ فيظنُّ أنّني أنفر الناس من الجامعة ولكن ليس هذا قصدي من مقالي، فالعلم نورٌ مهمَا حاولَت ديكتاتوريتهم إطفاءهُ فينَا، ولكن توجد للمشاكل حلول كأن يتم عملُ اختباراتٍ ليست لتخصص كل دكتورٍ في مادته؛ بل لكيفية تعاملهِ وأخلاقه مع مَن يُدرسهم، وأيضاً كعمل لجنة لتصحيح اختباراتنا بشرطٍ ألّا تكون لها أيّ صلةٍ بالدكتورِ نفسهْ!
وكنصيحةٍ منّي لمن لم يُكمل دراستهُ الجامعية، أو مقبل عليها: تجنب دائماً الناس التِي تتشاءم من حولكَ ولا تماشيهم وكن مع المتميزين، وإن كنت لستَ منهم، فربمَا تصبح أفضل منهم إن صادقتهم، وأيضاً إن لم يصل صوتِي لمن يهتم بي وبك كجامعيين لا تتحدث مع الدكتور الوقح أبداً، وتذكّر أنه قد يعرف اسمك ويميزكَ عندما يرى ورقةَ اختباركْ، حتى وإن كنت على حق، فقط تقبل رفع صوتهِ عليك، وتحمل تكبرهُ حتى تنتهِي من مادتهِ، والصبر مفتاح الفرج.
سلمان الشعبي
نقلاً عن huffpost