كتاب أكاديميا

يوسف عوض العازمي يكتب: شهادات .. و قلة بركة !

” الْعِلْمُ أَفْضَلُ مِنَ العَمَلِ لِمَنْ جَهِلَ، وَالْعَمَلُ أَفْضَلُ مِنَ العِلْمِ لِمَنْ عَلِمَ ”

( الزهري ) رحمه الله

نحن في عصر الشهادات العليا ، ما ان تمر شارعا او سكة إلا و وجدت حامل شهادة عليا ، و اغلبها استخرجت ( لاحظ إني قلت أستخرجت و لم اقل درست ! ) من دولة واحدة ، هي تعتبر الدولة الأشهر في تصدير الفساد الإداري بأنواعه ، رغم تاريخها المشرف و عراقتها ، لكن حاضرها محزن ، و مؤلم ، صحيح بها جامعات مميزة ، ولا شك في اكاديميتها و مهنيتها ، لكن للأسف الغث غطى على السمين !

حاملو الشهادات اصبحوا فقط ذوي وجاهة إجتماعية لاتقدم ولاتؤخر ، مجرد ارقام في سجل حاملي الشهادات ، ولامنفعة تنتظر منهم ولا فائدة ، مجرد حرف ( د ) يسبق الاسم يعلم الغالبية بأنه ليس دالا” حقيقيا” ، فقط واجهة مزيفة ، و إلا كيف حامل ( د ) لايفهم في تخصصه ؟
تخصصه .. و ليس تخصص آخر !

لذلك برزت ( زاهرة ) الشهادات المزورة ، ومن يتتبع الزاهرة او الظاهرة سيصل لقناعة إنها اتت نتيجة تراكمات تجمعت بها اسباب ذات عمق مجتمعي و ثقافي و اكاديمي كذلك !

القضية ليست في البلد الذي اصدر الشهادة ، ولا في مستواه الاكاديمي أو المالي او الإداري ، إنما في الكيفية التي من خلالها صدرت او اعطيت الشهادة ، وياما هناك دول فقيرة جدا” ، لكنها تتمتع بالنزاهة و الامانة الاكاديمية و العلمية ، فقر الدولة ليس عيبا” ، لكن السلوكيات المنحرفة هي العيب ..

أعتقد ان القضية مجتمعية بالدرجة الاولى ، فنحن مجتمع يحتقر الصناع و اصحاب الحرف ، مع انهم هم القاعدة الاساسية للتطور ، و نقرب اصحاب الشهادات الرديئة التي و إن كانت حقيقية لكنها لاتقدم إنجازا” علميا” و لا جهدا” اكاديميا” ينفع البلاد و العباد ، بمجرد إستلام الشهادة تنتهي مهمة حاملها ، ولاتسأل عن ابحاث و لا عن جهود علمية !

في حوار مع صديق ، أكد لي أنه ممكن فتح باب أمل للمشكله ، وهو اننا بحاجة ان نركز علي الايدي الفنية العامله المنتجه ، ويكون المثال واضح بالدول المنتجه كاليابان والصين ، إذ أن صاحب القرار لا تجد امام اسمه حرف الدال ،
والحرفي الفني يعمل بكفاءة ولا يملك دال و لا ذال ، بل يعمل وينجز وحتى ان كان يملك حرف الدال ، ويتساءل صديقنا : هل نريد العنب أم الناطور ؟
هل نريد ان نلبس ما نصنع ، ونأكل ما نزرع ؟
أم نريد حرف الدال والعطر الفرنسي برائحة دهن العود ؟

أتفق تماما” مع صديقنا ، إن القضية اكبر من شهادة تعلق على الحائط ، او حرف دال يسبق الاسم ، القضية الحقيقية ان الشهادة اصبحت في كثير من الاحيان مجرد إعطاء واجهة إجتماعية ، و زيادة في الراتب فقط لاغير !

لو ان حامل الشهادة استمر بالبحث و بتحصيل العلم لربما شئ يرفع شئ ، و على الاقل يكون أفاد في علمه ، لكن الاكثرية تنتهي مهمتهم العلمية ( إن افترضنا إنها فعلا” علمية ! ) بإستلام الشهادة ، و ينسى حاملها بأن الدكتوراة ليست نهاية العلم ، بل هي جسر يفتح له ابوابه لمعلومات أكثر ، و فائدة علمية اكبر !

ما أجمل الأكاديمي الذي يستمر في تلقي العلم و البحث فيه حتى بعد الحصول على المؤهلات ، فهو الفائدة الحقيقية ، و هو المنفعة و رأس المال للبلد ، و الإضافة المميزة و القدوة الطيبة للنشء و للشباب ..

يوسف عوض العازمي..
alzmi1969@

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock