أساتذة جامعيون : «طبيات الطلبة» تثير الشكوك
لاشك في أن ظاهرة الأعذار الطبية التي تتفاقم خلال فترة الاختبارات الفصلية والنهائية أصبحت تثير شكوك العديد من الأساتذة في الجامعة، من حيث مصداقيتها، كما قال البعض من الأساتذة إنها «مزورة»، ولا تطابق واقع الطالب في الجامعة، لأن الجهات المصدرة لتلك الأعذار هي جهات خاصة وليست حكومية، وأن بعض الطلبة يحصل عليها مقابل مبلغ مالي، لتكون عذراً مناسباً في تأجيل الاختبار الذي لم يستعد له.
وفي هذا الصدد، قالت العميدة المساعدة لشؤون الطلبة بكلية العلوم في الجامعة د. أديبة الحربان إن ظاهرة الأعذار الطبية شائعة في مختلف كليات الجامعة، وإن العديد من الطلبة يلجأ إليها وقت غيابه وعدم حضوره الى الجامعة، ويقوم بتبرير ذلك من خلال تقديم عذر طبي من أحد المستشفيات الخاصة.
وأضافت الحربان لـ«الجريدة»: «من خلال ملاحظتنا لأعذار الطلبة الذين يغيبون خلال فترة الاختبارات، وجدنا أن جميع التشخيصات الطبية لهؤلاء الطلبة متشابهة، مع اختلاف التاريخ واسم الطالب، وهذا يعطي مؤشرا غير جيدا، بأن الطلبة يلجأون الى المستشفيات الخاصة لخلق أعذار طبية مزيفة».
وتابعت أن جميع الاقسام العلمية تفضل أن يحضر الطالب عذرا طبيا من المستشفيات الحكومية وليس الخاصة، لأن الجهات الحكومية أكثر مصداقية وحرصاً في هذا الشأن، بعكس المستشفيات الخاصة التي تحرص على تقديم مثل هذه الأعذار مقابل «المال»، لافتة إلى أن البعض يلجأ إلى الأعذار الطبية لتأجيل اختبار ووقف قيد، وهذا يكون عذرا طبيا سميناً، حتى يحصل الطالب على مراده.
وأوضحت الحربان أن إدارات كلية العلوم بالجامعة تتقبل الأعذار النفسية، والتي تخص أمر الطالب في الشؤون الداخلية له، والتي على صعيدها يتم قبول عذر الطالب من قبل الأساتذة.
تمييز الأعذار
ومن جانبه، قال عضو هيئة التدريس في كلية الآداب بالجامعة د. عبدالهادي العجمي: «من خلال ملاحظة الأساتذة لسلوكيات الطلبة في الجامعة يعرفون مدى مصداقية الأعذار الطبية التي تقدم لهم، فكل أستاذ بحسب الملاحظة يستطيع تميز إذا كانت الأعذار صادقة أو مزورة»، موضحا أن ظاهرة الطبيات موجودة في جميع الجهات الحكومية والخاصة بالدولة، ولا تقتصر فقط على طلبة الجامعة.
وأضاف العجمي لـ«الجريدة» أن الطالب يمهل للغياب مدة ست ساعات فقط، ويسمح خلال تلك الفترة أن يغيب بها، وإذا تعدى الطالب تلك الفترة فهو بالأصل غير جاد في الدراسة، ويتم النظر في الأعذار التي يقدمها للأساتذة في الجامعة، فتلك الأعذار تزداد خلال فترة الاختبارات الفصلية والنهائية حتى يتم تأجيل الاختبار للطالب، موضحاً أنه: «لو قدم الطالب مئة عذر طبي فسوف يصدقها عضو هيئة التدريس، لأنه قدّم دليلاً يثبت وجود حالة صحية غير مستقرة أو ما شابه ذلك».
منطلق إنساني
وقال أستاذ القانون في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. سامي الدريعي، إن هناك العديد من الأطباء في وزارة الصحة يتساهلون مع الطلبة من منطلق إنساني، وذلك بتقديم أعذار طبية لا تطابق الواقع، مشدداً على ضرورة ان تكون هناك رقابة مشددة من قبل وزارة الصحة في إعطاء تلك الأعذار، مبينا أن العديد من الطلبة في الجامعة يحضرون خلال فترة الاختبارات النهائية أعذاراً من المستشفيات الخاصة حتى يتم تأجيل اختباراتهم.
وأضاف الدريعي لـ«الجريدة»، أن «ظاهرة الاعذار الطبية في الجامعة أصبحت في ازدياد، مما يثير شكوك العديد من اعضاء هيئة التدريس في مصداقيتها، ولاحظنا في الآونة الأخيرة أن هناك العديد من الدارسين يقدم أعذارا، كي لا يخوض الاختبارات في الوقت الذي تحدده الجامعة، وهذا يعطي مؤشراً غير جيد في العملية الدراسية».
وبين أن «هناك أحد الطلبة في الجامعة، وتحديدا في «الحقوق» قدم إليّ إحدى الطبيات من أحد المستشفيات، وأنا أصابتني حالة من الشك في صحتها، الأمر الذي أرغمني بمراسلة الجهة المختصة بإصدار ذلك العذر، ومن ثم لم نجد رداً من قبل الجهة المانحة لذلك العذر، الأمر الذي جعلنا نراسل وكيل وزارة الصحة، ولم نجد أي رد!»، موضحا أن الأعذار الطبية التي تثير شكوك أكثر اعضاء هيئة التدريس هي التي تصدر من المستشفيات الخاصة.
العذر النفسي
ومن جهته، قال رئيس قسم المحاسبة في كلية العلوم الإدارية بجامعة الكويت د. صادق البسام: «من خلال ملاحظتنا لحالات غياب الدارسين في جامعة الكويت وتحديدا كلية العلوم الادارية، وجدنا ان نسبة غياب الطلبة أكثر من الطالبات، بغض النظر عن اعداد الطالبات اللاتي يقدمن الاعذار خلال فترة الاختبارات، وهناك العديد من الأمور التي نتطلع لها كي نعالج ظاهرة الهروب من الاختبارات.
وأوضح البسام أن العديد من اعضاء هيئة التدريس في كلية العلوم الادارية يحرصون على ان تكون الأعذار الطبية من المستشفيات الحكومية لأنها أدق وأكثر جدية في تشخيص حالة الطالب المرضية، بعكس المستشفيات الخاصة في الكويت».
وأضاف: «في حالات الغياب طويل الأمد للطالب والذي يكون من الأسبوعين وما فوق فإن الطالب في هذه الحالة يقدم العذر الى العميد المساعد لشؤون الطلبة في الكلية، حتى يتم له مواصله الدوام الدراسي»، مبيناً ان قبول العذر النفسي موجود لدينا كوننا نتعامل مع الطالب على أنه انسان وليس آلة إلكترونية، مما يتطلب أن يقدم لنا عذر الغياب، وفي حالة الوفاة يجب تقديم شهادة وفاة أو ورقة حادث إذا تعرض الطالب الى حادث مروري».
المصدر: الجريدة