د.مروى مجدي تكتب: حلم الدراسة في أمريكا .. لماذا؟!
يراود حلم الدراسة في أمريكا عقول معظم الطلاب حول العالم لا سيما دول الشرق الأوسط، وقد ازداد الإلحاح لهذا الحلم في الوقت الحالي؛ لزيادة الوعي الثقافي لدى الجيل المعاصر وثورة التكنولوجيا والإنترنت، فبات الشباب يدرك جيدًا واقع التعليم في بلاده ومقارنته بغيره في الخارج وبخاصة بعد التصنيفات الدولية الأخيرة للجامعات التي كان أقربها في العام الماضي، والتي أسفرت عن وجود الجامعات العربية في ذيل القائمة.
وكان البعض في السابق يعد الجامعات الأمريكية في الشرق الأوسط البديل الأفضل عن الدراسة بالخارج، ولكن بات هذا البديل مشبوهًا أيضًا لمرور هذه الجامعات ببعض الأزمات، اعترفت بها أمريكا نفسها بناءً على الدراسات التي يقيمها معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط؛ لتقييم الجامعات التي تتبع نظام التعليم الأمريكي في المنطقة العربية ومحاولة الوصول إلى التحديات التي تواجهها في ظل عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي الذي تعيشه هذه الدول.
وكان أبرز هذه الأزمات في الجامعات الأولى في المنطقة ـ وفقًا للتصنيف وهي (الجامعة الأمريكية في مصر والجامعة الأمريكية في بيروت وجامعة لبنان الأمريكية) – أن هذه الجامعات لا تستطيع تطبيق نظام التعليم الأمريكي لأسباب كثيرة، منها أن أعضاء هيئة التدريس لا يملكون الفرصة لعمل الدراسات الهادفة أو حتى التحضير الجيد والتواصل مع الطلاب، كما أن القرارات دائمًا ما تكون موكلة إلى الإدارة، فالفجوة واسعة بين الأساتذة وصناع القرار وأيضًا تتعرض هذه المؤسسات لقيود من قبل حكومات بعض هذه الدول، باختصار أصبح التعليم بهذه الجامعات مطعمًا بالنكهة العربية، ولذلك لم يجد الشباب الطموح بدًّا سوى السفر والتعليم بالخارج وفي المقدمة الولايات المتحدة الأمريكية.
ولكن لماذا أمريكا ؟
لم يقتصر الحلم الأمريكي على الشباب العربي فقط ولكن أضحت الدراسة في أمريكا حلم كل من يرغب في التميز وبناء شخصية مثقفة وواعية، فضلاً عن انفتاح سوق العمل أمامه بعد حصوله على الشهادة الجامعية، للشهرة الواسعة التي تتمتع بها كل جامعات أمريكا، ولم تأت هذه الشهرة من فراغ فهي حقًّا جامعات مميزة، احتلت المراكز الأولى في أكثر من تصنيف، فضلاً عن أسباب جذب أخرى تتعلق بطبيعة الحياة في الولايات المتحدة سواء ما يتعلق بالمناخ أو بالحياة الاجتماعية هناك، وهي تتكون من خمسين ولاية وكل ولاية تتمتع بجو مختلف، من المعتدل إلى الحار إلى البارد، ولذلك فهي تناسب جميع الجنسيات من كل قارات العالم، بالإضافة إلى تنوع الديانات والأعراق وما ينتج عنه من تنوع الحياة الاجتماعية والثقافية وثراء تجربة السفر والتعلم، فلا يجد الطالب العربي مشكلة في وجود مساجد أو كنائس وكذلك المطاعم العربية والمحلات التجارية وغير ذلك من مظاهر الحياة التي تركها في بلاده، كما تقوم الدولة بعمل بعض التسهيلات للطلاب المغتربين تتعلق بالنواحي المادية مثل تخفيض أجور المواصلات وتوفير فرص عمل للطلاب في أيام العطلات.
أما عن طبيعة الدراسة هناك، فكانت ولا تزال أمريكا الوجهة الأولى للطلاب؛ لتميز التجربة التعليمية بها لأسباب كثيرة، لا يسعها مقال واحد بل يحتاج الحديث عنها لأكثر من مقال ولكن أهمها يتمثل في النظام العلمي المتطور والإمكانات المتقدمة للطلاب من مكتبات شاملة ومعامل وأحدث أجهزة الحاسوب وكذلك الدعم المعنوي والمساندة الدائمة من قبل الأساتذة والموظفين وبناء الشخصية العلمية المستقلة للطالب، فكل هذه العوامل وغيرها كانت وراء استقطاب أمريكا سنوياً لأكثر من 30% من الطلاب من جميع دول العالم ولاسيما الطلاب العرب.
بقلم : د.مروى مجدي