طلاب الهندسة المدنية يبتكرون إشارة مرورية تقلِّل الازدحام وتخفِّض 22% من الملوثات
يعتبر «سبتمبر» من كل عام موعداً مع الزحمة المرورية «الخانقة» للشوارع والبيئة، بعودة طلبة المدارس والجامعات وانتهاء العطلة الصيفية، في مشهد بات متكررا لانبعاثات عوادم السيارات التي تنهش البيئة وصحة الانسان، متسببة في نحو %11 من تلوث الهواء في البلاد، حاملة امراضاً واعراضاً كثيرة، نتيجة لاستنشاق مواد خطرة كالنحاس والرصاص.
وفي الوقت الذي تواصل الجهات العلمية والاكاديمية الكويتية عطاءها بالدراسات والمشاريع الهادفة لحل المشكلات العالقة في البلاد، يغفل صنّاع القرار عن تنفيذها وتبقى الأفكار والحلول حبيسة الأدراج، في ظل تخبّط إداري واخفاق في اتخاذ تدابير حقيقية ومدروسة، لتبقى «الزحمة» من الملامح السائدة بقوة في البلاد.
وتم رصد أحد ابرز الحلول والمشاريع الحديثة التي تقدم بها طلبة جامعة الكويت للتحكم في الإشارة المرورية بطريقة ذكية تقلل من زحمة السير، بالاضافة الى خفض الملوّثات بنسبة %22، وخفض استهلاك الوقود بنحو %18.
التفاصيل في ما يلي:
كشف استاذ الهندسة المدنية بجامعة الكويت د.دعيج الركيبي عن تصميم طلبة جامعة الكويت نموذجا لاشارة مرور ضوئية ساهمت في خفض نسبة الملوثات وانبعاثات عوادم السيارات بنحو %22، الى جانب تقليل الزحمة المرورية في مناطق اختبار المشروع.
وذكر الركيبي ان أشارة المرور البيئية تعتمد على قياس نسبة انبعاثات عوادم السيارات والملوثات كمعيار للتحكم بالاشارات الضوئية، موضحاً ان الضغط على مكابح السيارات بشكل متكرر اثناء الوقوف الاشارة يتسبّب في الاحتراق الجزئي للوقود، ما يؤدي الى ارتفاع نسبة انبعاثات العوادم في التقاطعات والطرق المزدحمة.
وتابع: ان تحديد الوقت بشكل مسبق من دون مراعاة المتغيرات الاخرى اسهم في استمرار ظاهرة التكدس المروري في البلاد، داعياً الى ضرورة التحكم باشارة المرور بهذه الطريقة المبتكرة والمدروسة لخفض «الازدحام»، فضلاً عن المساهمة برفع جودة الهواء وتقليل المخاطر الصحية على المجتمع، وبالتحديد على سكان المناطق المتاخمة للطرق المزدحمة.
المنصورية والدعية
من جهته، قال احد الطلبة المشاركين في مشروع ملاحظة تقاطعين co2 الطالب احمد الرشيدي إنه جرى اختيار تقاطع منطقتي القادسية والمنصورية وتقاطع الدسمة والدعية، لكونهما من التقاطعات المزدحمة بشكل مستمر وتقع على مقربة من مناطق سكنية، لافتاً الى ان دراسة حالة سكان المناطق من خلال الاستبيانات والاحصائيات رصدت ارتفاعاً بنسبة الامراض الصدرية والربو والصداع النصفي والمزمن على المدى الطويل، نتيجة التعرُّض الدائم للملوثات.
وذكر الرشيدي انه وفقاً لتطبيق الخرائط الحرارية لرصد الملوثات، وبيانات رصد الانبعاثات في المناطق المذكورة، تبين ان جميع المنازل هناك متضررة بنسب مختلفة، وان الرسم الحراري للملوثات في الطرق والمناطق المتضررة سجل انخفاضاً بلغ %22، وبالتالي انعكاس ذلك بشكل ايجابي على صحة سكان المناطق على المدى البعيد.
استهلاك الوقود
وكشف الرشيدي ان الاشارة البيئية قللت الازدحام وفترات وقوف السيارات في التقاطعين، ما ساهم في تقليل استهلاك الوقود بنسبة %18 لمرتادي التقاطع، موضحاً ان عملية الدعس على «البريك والبنزين» بشكل متكرر يستهلك الوقود بشكل اكبر من السير بخط ممتد، فضلاً عن اتخاذ البعض طرقا أطول تجنّباً للإشارة الضوئية، ما يرفع نسبة استهلاك الوقود.
تطبيق «الزحمة»
أشار الركيبي الى ان جامعة الكويت ومن خلال الاقسام المتخصصة تعمل على تطبيق خاص لرصد الزحمة المرورية والملوثات في آن واحد، من خلال مؤشرات واضحة ومفهومة للمستخدم، داعياً الى تعاون الجهات المختصة، كالهيئة العامة للبيئة ووزارة الداخلية وبلدية الكويت لتدشين مثل هذه المشاريع والحلول التي تقدمها الجهات العلمية بشكل فصلي.
«البيئة»: تجربة ناجحة
في تعليق لهيئة البيئة على امكانية تطبيق مشروع «اشارة المرور البيئية» الذي طرح على الهيئة، قال رئيس ادارة جودة الهواء ايمن بوجبارة: «من المهم تعميم مثل هذه المشاريع، خصوصا بعد نجاح التجربة في عدد من المناطق، فانبعاثات العوادم تعتبر من المسببات الرئيسية في انخفاض جودة الهواء، لكن يبقى قرار التطبيق بيد ادارة المرور في وزارة الداخلية».
«المرور»: 294 إشارة ضوئية
كشف رئيس قسم الاشارات المرورية بالإدارة العامة للمرور المقدم عبدالله المخيال ان عدد الاشارات الضوئية في البلاد يبلغ 294 اشارة، ويختلف التكدّس المروري فيها من مكان لآخر ومن فترة لاخرى، مشيراً الى ان «تقاطع كبد» يعتبر من التقاطعات المزدحمة في العطل الربيعية.
وحول امكانية تطبيق مشروع اشارة مرور بيئية قال: «لم تتقدم جهة رسمية بكتاب رسمي او بطلب حول هذا الامر».
المصدر: القبس