علي مبارك وإصلاح التعليم المصري بقلم: وسمية المسلم
بدأت النهضة الفكرية في الاتجاهات التربوية الحديثة في مصر في القرن التاسع عشر واتسعت الآفاق الفكرية بدراسة بعض المصريين في اوروبا بعد الربع الأول من القرن التاسع عشر وعادوا الى أوطانهم ليسهموا في رقي وطنهم محققين آمالهم في رفعة شأن أوطانهم، ومن هؤلاء المفكرين التربويين علي مبارك رائد التعليم والمصلح التربوي الذي دفعته التجربة والخبرة الى الإصلاح فأصلح في نظام التعليم مؤمنا بأن طريق تقدم الوطن وإصلاحه يتم عن طريق التربية والتعليم وعماد الوطن وركيزته ونهضته بالإصلاح التعليمي.
علي مبارك ولد في احدى قرى الدقهلية في مصر عام 1823م ولتفوقه في الدراسة تم اختياره ضمن مجموعة من المتفوقين للسفر الى فرنسا في سنة 1844م في بعثة دراسية أتقن اللغة الفرنسية ورأى ثقافة مختلفة، وصل علي مبارك في عهد الخديو اسماعيل الى أكبر منصب تربوي فكان ناظرا «وزيرا» للمعارف فقد أهله منصبه ان يضع آراءه محل التنفيذ ووضع لائحة رجب في سنة 1868م تعتبر قفزة في ميدان التعليم المصري واهتم بالمباني المدرسية واهتم بتزويد المدارس بالمدرسين الذين يدرسون الخط والحساب والصرف والجغرافيا والتاريخ ولغة اجنبية وفي المكاتب الصغيرة يدرس القراءة والكتابة والعد والقرآن الكريم، ونظم المدارس في المناطق القروية واهتم بالرعاية الصحية بين التلاميذ فرتب في كل جهة طبيبا خاصا واهتم اهتماما كبيرا بالطلبة المتفوقين وتخضع جميع المدارس بتنظيمات وترتيبات حسنة ومنتجة وامتحانات سنوية وملاحظات وتفتيشات من طرف الحكومة وهذا لتحسين حالهم ولمنفعتهم واهتم بتنظيم الموارد المالية التي تصرف على المدارس وبإنشاء المدارس الأهلية من قبل الأهالي وإنشاء المدارس لتعليم البنات واهتم بتحسين طرق التدريس والمناهج الدراسية وإعداد المعلمين ونشر الثقافة بينهم، ومن الشروط الواجبة قبل التحاق المعلم بوظيفته ان يكون حسن الأخلاق ولديه القدرة على تعليم القرآن الشريف كما ينبغي ويكون لديه دراية بأمور الحساب وان يكون ذا وقار ويتقن اللغة العربية والأدب، كما اهتم بإعطاء التلاميذ فترة للراحة يمرحون ويلعبون وتكون متخللة بين أوقات التعليم والمذاكرة لئلا يطول عليهم الجلوس فيقل نشاطهم وفترة للمذاكرة والاطلاع ومنع ضرب التلاميذ مطلقا ويستبدل بإسداء النصيحة والإرشاد لما للضرب من عواقب وخيمة ومكافأة المجتهد والمتفوق من التلاميذ وذلك من أجل زيادة الاجتهاد بالتحفيز والتشجيع واهتم بإنشاء مدرسة دار العلوم واختار لها من خيرة طلبة الأزهر وخيرة علماء الأزهر ويعلم طلبتها العلوم الدينية وعلوم الرياضة والجغرافيا والتاريخ والطبيعة الفيزياء والكيمياء وجعلها مدرسة لتخريج المعلمين.
علي مبارك يتميز بتنوع ثقافته وكان رجلا موسوعيا وعالما ألف مجموعة كتب وألف بعضا من الكتب المدرسية ومساهمته في إنماء الفكر الثقافي بإنشاء دار الكتب يرجع اليها المعلمون للاستعانة على التعليم وأمدها بالكتب وأدوات التعليم ونظم عملية إدارة المكتبة وأوجد لائحة لها بإباحة الانتفاع بها للطالبين والمطالعة والمراجعة فيها والنسخ والنقل منها، توفي في القاهرة بعد ان اشتد مرضه في عام 1893م.
علي مبارك كان راغبا بصدق في تحسين التعليم في مصر وتنظيمه بإسداء آرائه وأفكاره العلمية الواضحة وبوضوح أعماله الإنسانية وبإنجازاته العلمية والثقافية التي سطرها في صفحاته المبهرة في الخير والعطاء والنماء ليخلده التاريخ في سجلات الشرف وبأعماله الجليلة والمضيئة في تاريخ مصر الحديث.
[email protected]
الأنباء