حوار خاص لـ”أكاديميا” مع أحد دكاكين بيع الشهادات الوهمية
- يمكنك ببساطة أن تحدد التخصص والجامعة وسنة التخرج .. بل ومعدلة العام!
- عملية البيع تتم كاملةً عبر الهاتف عن طريق الواتساب
- سهولة شراء الشهادات تدق ناقوس الخطر للعملية التعليمية
اكاديميا| خاص
العلم جهاد يُقضى في سبيل تحصيله العديد، حيث يجتهدوا من أجل نيله، وبعضهم يغترب بعيداً عن دياره وأهله ليرجع مثقلاً بالسهر والإجهاد ومتفاخراً بنتيجة نجاحه.
ومع الشهادة تأتي الإمتيازات الأخرى، كالوظيفة المضمونة والترقيات، وبالطبع لا ننسى “البرستيج” الذي يرافق أصحاب الشهادات خصوصاً العليا منها مثل حرف الدال وهيبتها عند الطلاب وغيرها الكثير.
ولكن بدأت منذ فترة ليست بالقصيرة تجارة بغيضة، فقد سمعنا عن الكثير من التجارات الغريبة مثل تأجير الأبقار ومقاهي القطط، بل وأيضاً هناك تجارة مشفى مجهز كامل للدمى! ولكن أن تصل بنا شهوة جمع المال إلى بيع الشهادات والتجارة بالعلم! هنا يجب عمل وقفة جدية لمراجعة الخلل! ووضع الأسئلة وبدء التحقيق في هذة التجارة.
من هذا المنطلق، ومع إنتشار الحسابات التي تُسوِّق لهذه التجارة الفاسدة -وياله من تسويق- فهناك عروضات وإغراءات لجذب النفوس الضعيفة مثل “نوفرها لكم بأسرع وقت وبسرية تامة” وإن كان هذا لا يكفي فهناك عرض “تصل شهادتك إلى بيتك موثقة ومختومة”! قمنا بـ “أكـاديميا” بالتواصل مع أحد أصحاب هذه الحسابات كأحد الزبائن المتلهفة للحصول على الشهادة لنرى كيفية سير العملية، وهذا ماحصل:
في البداية، تم البدء بطلب شهادة بدرجة بكالريوس وبشروط حسب المزاج والرغبة، أي أراد “الزبون” أن تكون شهادته تخصص “حقوق” ومن أحد جامعات مصر الشقيقة، فتم تلقي الرد بكل ثقة وبالتأكيد على توفير هذه الشهادة بشروطها المحددة وبالإضافة إلى إعتمادها من الملحق الثقافي، بالإضافة إلى كشف الدرجات بالتاريخ الذي يُحدده المشتري، وبكل يُسر طرح “بائع الشهادات” سؤاله بالإختيار عن نوع التعليم إن كان تعليم عن بعد أم نظامي!
كما أضاف “بائع الشهادات” أن المدة لإستخراج الشهادة تتراوح فيما بين ١٨ إلى ٢٥ يوم، بمعنى أنه باستخدام “العصا السحرية غير الشرعية” يمكنه أن يختزل كل السنوات الدراسية والتعب في هذه الأيام المعدودة، وعن طريقة إستلامها فإما تكون بالمقابلة الشخصية أو بإرسال الشهادة عن طريق الفيديكس، وعلى “الزبون المخضرم” أن يحدد المعدل حسب طلبه ورغبته، وطريقة الدفع عن طريق تحويل المبلغ من ويسترن يونيون، وإن كانت هذه الطريقة السهلة المغرية ليست كافية، فتستطيع أن تسلم نصف المبلغ وتُكمله بعد إستلامك الشهادة، وهذا إن دل فإنه يدل على ثقة التاجر بعمله وضمانِه سهولة توثيق الشهادة!
وحين سؤالنا عن مدى مصداقية الشهادة وضمان مشروعيتها مع ذكرنا “تخوفنا” خصوصاً في الوقت الحالي في الكويت، حيث تعتبر قضية “الشهادات الكرتونية” الشغل الشاغل في الأحاديث الأكاديمية، أوضح “تاجر الشهادات” بأنه لا يوجد أي سبب للخوف من هذا الموضوع، بل أكد بأنه حسب خبرته في هذا المجال غير الشرعي والتي تعادل ثلاث سنوات قام بإستخراج شهادات مزورة لعدد يتعدى الـ ٧٠ شهادة لأشخاص كويتيين، وبكل ثقة أضاف بأنهم توظفوا بسببها ومنهم مبتعثين الآن!
أما عن متطلبات الحصول على الشهادة فهي صورة لكل من: جواز السفر، شهادة الميلاد، شهادة الثانوية العامة، وصورة شخصية ومبلغ 2500$ للبكالريوس. ومن بعدها نقول لك “مبـروك على الشهادة”!
هذا الحوار القصير في كلماته، كشف لنا الجانب المظلم من هذه التجارة، فهي كما يقال “السهل الممتنع”، كما وُضح في الحوار مع التاجر خطوات الحصول على الشهادة فهي ليست بتعقيد علم الصواريخ ولا بلاغة لغة شكسبير، ووقت استلامها لا يتجاوز 1.7% من الوقت الذي تقضيه أربع سنوات لتحصيلها. فلم لا؟ لم لا نتواصل مع هذا التاجر ونتقدم بطلب للحصول على الشهادة التي حلمنا بها وبالمعدل الذي يسمح لنا بالوظيفة والإبتعاث؟
عند التفكير بالإجابة هنا نجد المفارقة! وهنا نجد الأسباب التي أدت بالأساس إلى إستحداث مثل هذه التجارة وإزدهارها خصوصاً بالكويت. إن كنّا نريد حقاً حلاً لهذه المعضلة، فلنفكر أولاً بتغيير “مفهوم الشهادة” فبدل أن تكون وسيلة لتنوير العقل أصبحت -للأسف- غاية لتنوير المحفظة والحصول على الترقيات بسرعة .
والخطوة الثانية، مُساءلة من يمتلك الصلاحية بوقف هذه التجارة والتحقيق فيها وكشف أسماء المتورطين فيها والمستفيدين منها ليكونوا عظة وعبرة للباقي ولربما تكون خاتمهم -إن أُتخذت الإجراءات الرادعة بحقهم- سبباً مقنعاً لإطفاء رغبة المشترين الجُهلاء، وبالتالي خسارة هذا السوق السوقي وإنقراضه من الوسط الأكاديمي الكويتي.