محمد الأنصاري: شروط الابتعاث في جامعة الكويت… تعجيزية
محمد الأنصاري لـ«الراي»: شروط الابتعاث في جامعة الكويت… تعجيزية
- عضو «الهيئة الأكاديمية المساندة» كشف أن العديد من مبتعثيها حديثي التخرج رجعوا للبلاد دون أن يجيدوا التدريس
- تحديد سن الابتعاث في الجامعة بـ 30 عاماً حرم الكفاءات من مواصلة دراستهم العليا
- إحدى الجامعات الأجنبية تتجه إلى عدم قبول كويتيين لعدم التحاقهم بسبب شروط الابتعاث التعجيزية
- منح الخريجين الفرصة لإكمال دراستهم العليا سيرفع تقييمها ويجعلها في مصاف الجامعات المتميزة
- حملة الماجستير لا يستطيعون الحصول على الدكتوراه من كلية الطب إلا بعد الاستقالة من التدريس
شدد عضو لجنة الهيئة الأكاديمية المساندة ومدرسي اللغات في جمعية أعضاء هيئة التدريس في جامعة الكويت محمد الأنصاري على المسؤولين في الجامعة ضرورة إعادة النظر في لائحة البعثات التي تم إقرارها قبل 4 سنوات وتسببت في تعطل الابتعاث في العديد من الأقسام في الجامعة رغم حاجتها الماسة لأعضاء هيئة تدريس.
ورأى الأنصاري في حوار لـ«الراي» أن اللائحة تمثل للمتقدم للابتعاث حجر عثرة كبيرة في اشتراطها عدم تعدى عمر المتقدم 30 عاماً وهو شرط تعجيزي يصعب تحقيقه، فالكثير من الجامعات لا تقبل إلا من كان لديه نشر علمي واكتشافات وخبرة في التدريس والأبحاث ومثل هذه المميزات تستغرق سنوات طويلة.
وقال إن نتيجة هذا النظام بدأنا نرى العديد من حديثي التخرج من أكمل البعثة ورجع إلى البلاد ولا يجيد التدريس أو توصيل المعلومة للطالب، وهذا يؤثر على معدل الطالب وتحصيله العلمي، ومنهم من قال صراحةً «أنا لا أجيد التدريس، أريد ان أكون فقط موظفاً في مجال الأبحاث»، وهناك من قال إنه يخاف من تدريس الطلبة بسبب «الفوبيا» من الطلبة.
وأضاف أن الدولة تكبدت نفقات باهظة من أجل أن يعود هؤلاء المبتعثين ليخدموا الجامعة في التدريس، إلا أنهم لم يجدوا أنفسهم في مجال التدريس بسبب عدم وجود معايير حقيقية للابتعاث.
وتساءل: كيف يتم ابتعاث أناس لا يتمتعون بخبرة في التدريس ولا يعرفون كيف يدرسون في حين يتم تجاهل حملة الماجسيتر الذين يحظون بتقييم عال في التدريس من الطلبة؟
وكشف ان إحدى الجامعات الأجنبية تتجه إلى عدم قبول كويتيين لأنهم يحجزون مقاعد للدراسة ولا يستطيعون الالتحاق بها بسبب شروط الابتعاث التعجيزية.
وأشار إلى أن برنامج الدكتوراه في الجامعة يتعامل بابتزاز مع المتقدمين من العاملين في كلية الطب، فحملة الماجستير لا يستطيعون أخذ الدكتوراه من جامعة الكويت في كلية الطب إلا من خلال تقديم الاستقالة من التدريس وهذا الشرط غريب بحد ذاته ومن شأنه أن يعطل العديد من الكفاءات من إكمال مسيرتهم التعليمية.
وإلى نص الحوار:
• لديكم اعتراض على نظام الابتعاث الحالي في جامعة الكويت…هل لك أن توضح لنا سبب هذا الاعتراض؟
-من أهم المعايير التي يتم من خلالها تقييم الدول المتقدمة في التعليم هو حجم حملة الشهادات العليا انطلاقاً من شهادة الماجستير وما فوقها، وخصوصاً شهادات الهيئة التدريسية ككل في جامعة الكويت وهذا يصب في جودة التعليم ومخرجاته وتقييم الجامعة، وعند مقارنة حالنا – على الأقل – بما هو موجود في الدول العربية، نرى أننا في جامعة الكويت (الواجهة التعليمية الأبرز في البلد ومن أوائل المؤسسات التعليمية في الخليج) ليست من بين أفضل 10 جامعات في الشرق الأوسط، ولكي نصل إلى ذلك لابد أن نهتم بدرجة كبيرة بالدراسات العليا وبشكل رئيس بأعضاء هيئة التدريس وتسهيل عملية الابتعاث لهم لاسيما أعضاء الهيئة الأكاديمية المساندة من مدرسي لغات ومدرسين مساعدين وموجهين ومحاضرين ومهندسين والذين يبلغ عددهم أكثر من 200 عضو هيئة تدريس كويتي، فلو منح جزء كبير منهم الفرصة في إكمال دراستهم العليا سواء داخل جامعة الكويت أو من خلال الابتعاث فإن ذلك سيرفع من تقييم الجامعة ويجعلها في مصاف الجامعات المتميزة، وسيمكن الطلبة من التعلم على أيدي حملة دكتوراه لديهم خلفية علمية مميزة، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على قوة تحصيلهم العلمي.
وفي الواقع نواجه حالياً في الجامعة تحديات كبيرة في الدراسات العليا في ظل نظام ابتعاث تعجيزي، يعد الأصعب في الوطن العربي، حيث يشترط أخذ قبول غير مشروط للدراسات العليا في التخصص المطلوب من إحدى أفضل 50 جامعة في الترتيب العالمي من أصل 20 ألف جامعة، وهذه الجامعات لا تعطي القبول غير المشروط لأي شخص، وهذا الشرط للابتعاث تقوم به الجامعات الحكومية في مصر الشقيقة لخفض العدد الهائل من المتقدمين مع وضع شرط سن منطقي يبلغ 35 عاماً للحصول على قبول من أفضل جامعات العالم، ولكن للأسف فإن لائحة جامعة الكويت وضعت شرطاً أصعب من اللائحة المصرية وهو شرط تعجيزي في تحديد السن المتقدم وتقليصه ليكون 30 عاماً بعدما كان 35 عاماً قبل 4 سنوات، وهذا الشرط تسبب في حرمان العديد من الكفاءات من مواصلة مشوارهم العلمي في الدراسات العليا.
ولدينا حالياً مذكرة تتضمن 53 متضرراً من هذا القرار وفي الكثير من التخصصات المهمة من النادر أن يتقدم للبعثة من هم في سن 30 أو دون ذلك، فالكثير من الجامعات لا تقبل إلا من كان لديه نشر علمي واكتشافات وخبرة في التدريس والأبحاث ومثل هذه المميزات تحتاج أن يكون الشخص قد أمضى عدداً من السنوات كي يحققها.
ووجدنا أن العديد من الأقسام في الجامعة قد تعطل الابتعاث لديها بسبب هذا الشرط رغم حاجتها لأعضاء هيئة تدريس.
وسبب تخفيض سن الابتعاث يرجع إلى رؤية مدير الجامعة السابق الدكتور عبداللطيف البدر وبعض العمداء الحاليين في ابتعاث الطلبة في عمر أصغر لأن المعلومات التي درسوها مازالت عالقة في أذهانهم وأنهم يستطيعون أن يخدموا سنوات أكثر عند ابتعاثهم في عمر أصغر، إلا أننا لا نرى هذا المبرر سببا مقنعا، فهناك من هم في مجال دراستهم يعملون كأعضاء هيئة أكاديمية مساندة خدموا سنوات في التدريس، هؤلاء لديهم خبرة ومعلومات أكثر من حديثي التخرج ويمارسون عملهم في مجال تخصصهم وهم أولى بالابتعاث، وسيكونون قادرين وأكفأ من حديثي التخرج بالتدريس في الجامعة عند حصولهم على درجة الدكتوراه، وحتى ابتعاثهم لن يكلف الدولة الكثير لأنهم يحملون شهادة الماجستير ويحتاجون للبعثة لإكمال الدكتوراه فقط، فذلك وقت أقصر للمدة التي ينتظرها القسم العلمي وأوفر لميزانية الدولة.
• كيف تقيمون نظام اللائحة الجديدة في البعثات؟
-نتيجة هذا النظام بدأنا نتلمسها في الآونة الأخيرة، وقد رأينا العديد من حديثي التخرج من أكمل البعثة ورجع إلى البلاد ولا يجيد التدريس أو توصيل المعلومة للطالب وهذا يؤثر على معدل الطالب وتحصيله العلمي ومنهم من قال صراحةً «أنا لا أجيد التدريس، أريد ان أكون فقط موظفاً في مجال الأبحاث»، وهناك من قال إنه يخاف من تدريس الطلبة بسبب (الفوبيا) من الطلبة وبالتالي نجد أن الدولة خسرت أموالاً طائلة من أجل أن يعود هؤلاء ليخدموا الجامعة في التدريس، إلا أنهم لم يجدوا أنفسهم في مجال التدريس بسبب عدم وجود معايير حقيقية للابتعاث، فكيف تبتعث أناساً لا تعرف الخبرة التي لديهم في التدريس ولا يعرفون كيف يدرسون وتترك في الوقت نفسه حملة الماجستير والذين يحظون بتقييم عال في التدريس من قبل الطلبة ومن لديه خبرة في الأبحاث والعمل الأكاديمي؟.
وأرى انه من المفترض أن تكون الأولوية للعاملين في قطاع التدريس ومن لديهم تقاييم بدرجة امتياز من الطلبة، ومن المهم في الابتعاث أن يكون المبتعث حاصلاً على شهادة الماجستير، على أن تتيح الجامعة إمكانية تدريس الماجستير لديها بكافة التخصصات لكي يرتفع مستوى النشر العلمي وخريجي الدراسات العليا في البلد، وكذلك تصفية المتقدمين إلى البعثات ليكون الاختيار للمتقدم الجاد والأكفأ، وكي يمكننا أن نختصر الوقت في نظام الابتعاث (دكتوراه فقط) ونوفر الميزانية على الدولة.
• لماذا تعاني كلية الطب من هذه المشكلة بشكل أكبر من بقية الكليات؟
-في اجتماع اعضاء الهيئة التدريسية في نهاية العام الدراسي سأل رؤساء الأقسام العلمية العمادة عن عدم وصول ملفات المتقدمين للبعثات وكان الرد أنه قد تم الإرسال وطالما أنه لم يكن هناك ملفات قد وصلت فإنه لا يوجد متقدمون.
وهناك الكثير من أعضاء هيئة التدريس في الأقسام العلمية شارفوا على سن التقاعد، بالاضافة إلى وجود نقص في أعداد الأساتذة علماً بأن هناك أقساما علمية في الكلية لم تستطع أن تبتعث طلبتها منذ 4 سنوات، وهذا من الأشياء النادرة وهو أمر يؤكد وجود خلل واضح في نظام الابتعاث لعدة سنوات وله تأثير خطير على الجامعة في المستقبل القريب ويجب تعديله من مجلس الجامعة فوراً.
• هل هناك تحركات معينة قامت بها كلية الطب لحل هذه المشكلة؟
-عميد الكلية الدكتور عادل الخضر قام بجهود ومحاولات واضحة لحل مثل هذه القضية، فخلال هذا العام بادر عميد الكلية باقتراح لتخفيض المعدل المطلوب لابتعاث طلبة الطب، حيث تم تخفيضه من 3 نقاط إلى 2.67 بعد أن وجد صعوبة في تطبيق نظام 3 نقاط بسبب صعوبة الدراسة في الكلية وهذا دليل على تميز الكلية وقوتها في أن تخرج أطباء ذوي كفاءة عالية، كما يسعى العميد إلى المبادرة في طلب رفع السن إلى 35 بالنسبة للمبتعثين من الأقسام العلمية للكلية وقد سعت جمعية أعضاء هيئة التدريس لتعديل هذا الشرط على مستوى الجامعة.
• هل تؤيد توحيد شروط الابتعاث في كافة الأقسام أم تفضل أن يكون لكل قسم شروطه المعينة؟
-يفترض أن تكون هناك شروط مقبولة تختلف من كلية إلى أخرى، تبعاً لطبيعة التخصص وحاجة القسم، ومن المفارقات أن القسم الذي أعمل به، منذ سنوات يقدم إعلاناً لطلب الابتعاث لكن دون ان يتقدم أحد، ورغم ذلك تم تعيين دكتور غير كويتي والآن عندما ننظر إلى هذا القسم نجد أن معظم العاملين فيه حتى في المختبرات من غير الكويتيين.
وأنا شخصياً لدي قبولان من أفضل 50 جامعة في العالم، لكن شيئا محرجا أن تعتذر لهذه الجامعات وتقول لهم لا يستطيع بلدي إيفادي إليكم للدراسة بسبب شرط السن، وحقيقة هذا الشيء يقلل من مصداقية الكويتيين، وخلال مراسلتي أخيراً لإحدى الجامعات أكد لي مشرف البرنامج هناك أن الجامعة تتجه إلى عدم قبول الكويتيين لأنهم يحجزون مقاعد للدراسة ولا يستطيعون الالتحاق بالجامعات بسبب شروط الابتعاث التعجيزية.
• ماذا عن برنامج الدكتوراه في الجامعة؟
-برنامج الدكتوراه في جامعة الكويت فرصة مميزة تمكن الطالب من إكمال تعليمه لكن هناك جانبا سلبيا فيه وهو تدوير التعليم بحيث سيدرس الطالب البحث نفسه الذي يقدمه له الدكتور المتعلم، وبالتالي فإن الأفضل هو الابتعاث حتى يتحصل الطالب على خبرة جديدة.
ورغم ذلك فإن هذا البرنامج يتعامل مع المتقدمين من العاملين في الكلية نفسها بابتزاز، فنحن حملة الماجستير لا نستطيع الحصول على الدكتوراه من جامعة الكويت في كلية الطب إلا من خلال تقديم الاستقالة من التدريس وهذا الشرط غريب بحد ذاته ومن شأنه أن يعطل العديد من الكفاءات من إكمال مسيرتهم التعليمية.
• هل لديك مطالبات توجهها للمسؤولين؟
-لدينا نظام ابتعاث في جامعة الكويت يعاني الكثير ويؤثر على بعض الأقسام لعدم وجود متقدمين لعدة سنوات ما يؤدي إلى تعيين أساتذة من خارج الكويت، ونتمنى أن يتطور نظام التعليم إلى الأحسن خاصة وأن يكون هناك طلب أكثر مع افتتاح جامعة الشدادية، ولكن للأسف لم يتم التصويت من قبل مجلس العمداء على رفع السن حتى هذا العام.
وفي وقت سابق قابلت وزير التربية والتعليم العالي الدكتور بدر العيسى وتفهم الموضوع وأكد على أهمية النظر فيه، وقد قابنا مدير الجامعة الدكتور حسين الأنصاري هو أيضاً ضد هذا الشرط لكن لا يكون التغيير إلا من خلال موافقة مجلس العمداء، وقد أكد لي نائب مدير الجامعة للأبحاث الدكتور عصام العوضي أنه سيلبي مطلب أي عميد يتقدم بطلب تعديل لائحة البعثات إن كان هناك متضررون منه.
وندعو وزير التربية ومدير الجامعة وعمداء الكليات إلى إنقاذ نظام الابتعاث فالأقسام تعطلت وهي بحاجة إلى تزويدها بالمبتعثين، وبات عدد الكويتيين فيها قليلاً جداً، فهناك أقسام يوجد فيها 6 كويتيين من أصل 20 موظفاً، وأحياناً يوجد فيها محسوبيات وواسطات من قبل غير كويتيين.
ونحن نؤيد التنوع لكن الأولى أن يكون التعيين للكويتيين أو حتى البدون الذين ترعرعوا وأخلصوا لهذا البلد.
تقاعد بلا تجديد
قال الأنصاري إن هناك الكثير من أعضاء هيئة التدريس في الأقسام العلمية شارفوا على سن التقاعد، بالاضافة إلى وجود نقص في أعداد الأساتذة علماً بأن هناك أقساما علمية في الكلية لم تستطع أن تبتعث طلبتها منذ 4 سنوات، وهذا من الأشياء النادرة وهو أمر يؤكد وجود خلل واضح في نظام الابتعاث لعدة سنوات وله تأثير خطير على الجامعة في المستقبل القريب ويجب تعديله من مجلس الجامعة فوراً.
خبرة المبتعثين الكويتيين
توقع مصدر مسؤول في إحدى الجامعات المصنفة ضمن أفضل 50 جامعة في العالم (فضل عدم ذكر اسمه) أن تتقلص فرص تأمين مقاعد الدكتوراه للمبتعثين الكويتيين من الجامعة بسبب قلة خبرتهم.
وبين أن جامعته لن تتمكن من قبول الطلبة الكويتيين المبتعثين في المستقبل لأن شروط الابتعاث في الجامعة تقدم لنا طلبة حديثي التخرج، ليست لديهم خبرة، لافتاً إلى أن فرصة فشلهم كبيرة في برامج الدكتوراه.
وأضاف أن تقليل سن الابتعاث وبالتالي استبعاد حاملي درجة الماجستير من البعثات، سيقتل نظام الابتعاث في الجامعة.
وشدد على أهمية منح حملة شهادات الماجستير أصحاب الخبرة المجال لإكمال دراستهم في نظام البعثات لأن فرصتهم ستكون أفضل في القبول في أفضل الجامعات، مؤكداً أن أفضل الجامعات في العالم تقبل في برامج الدكتوراه لديها من يحمل خبرة في العمل والبحث وتعطي الأولوية لحملة الماجستير ذوي الخبرة.