مؤرخ ألماني: لولا الإسلام لما كانت هناك جامعات أو علوم بأوروبا
اعتبر المؤرخ الألماني ميشائيل بورغولته، المتخصص في حقبة العصور الوسطى، أن العلماء المسلمين ساهموا بشكل كبير في فهم الفلسفة اليونانية وتقدم العلوم الطبيعة، وإيصالها إلى أوروبا.
وأوضح بورغولته في لقاء له مع موقع قنطرة رداً على سؤال حول اعتبار حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي أن الإسلامَ ليس جزءاً من ألمانيا، أن الحزب المذكور ليس الوحيد الذي يجادل في هذا الشأن، بل إن سياسيين آخرين يعتبرون المسلمين جزءاً من ألمانيا لكن ليس الإسلام في حد ذاته، واصفاً هذا الجدال بأنه غير مفيد، موضحاًَ أنه كمؤرخ متخصص في العصور الوسطى عليه أن يعكس الأولويات ويقول إنه ليس المسلمين من ينتمون لألمانيا وإنما الإسلام ينتمي لأسس الثقافة الأوروبية والألمانية.
وقال المؤرخ الألماني في معرض توضيحه عما يستند إليه في قوله هذا، إن ذلك يعود من جهة إلى أن عدداً كبيراً من المسلمين يعيشون في ألمانيا منذ ١٩٦١، على الرغم من وجود قلة منهم كدبلوماسيين أو كأسرى حرب فيها في القرنين التاسع والثامن عشر، لكنهم لم يكن لهم تأثير يُذكر، مضيفاً أنه من الجهة الثانية فإن العلماء المسلمين ساهموا بشكل كبير في فهم وشرح الفلسفة اليونانية والعلوم الطبيعة، وإيصالها بعد ذلك إلى أوروبا اللاتينية سواء كان هذا في بغداد أو في إسبانيا خلال الحكم الإسلامي فيها، لافتاً إلى أن علماء المسلمين قاموا بتحويل النصوص إلى اللغة العامية ومنها تمت الترجمة إلى اللاتينية.
دون الإسلام لما كان هناك مدرسة
وأكد بورغولته الذي يعمل أستاذاً بجامعة “هومبولدت” في برلين، أنه من دون الإسلام لما كان هناك “مدرسية” أو جامعات أو علوم على النحو الذي عليه في وقتنا الحاضر، مبيناً أنه من دون إيصال الممتلكات الثقافية القديمة عبر المسلمين واليهود لما كان هناك صعود للغرب الأوروبي منذ أوج العصور الوسطى، مؤكداً أنهم مازالوا يستفيدون اليوم من العلماء المسلمين.
ورداً على سؤال فيما إذا كان يرى تأثير المسلمين الذي يتحدث عنه اقتصر على فترة محدودة، أكد صحة ذلك، وأن المسيحيين اللاتينيين أنجزوا الكثير مقارنةً معهم اعتماداً على ما وصلهم من منتوج فكري، إلا أنه أكد أنهم تابعوا البناء اعتماداً على أسس غريبة، مشيراً إلى أن الإسلام طوّر ثقافة بحث لم يكن هناك نظير لها.
وفيما يتعلق بشأن مسيحية أوروبا أوضح بورغولته أنه لم يسبق أن كانت هناك مسيحية على نحو متسق، فإلى جانب الديانات الوثنية كانت هناك الديانات التوحيدية كالإسلام واليهودية، مؤكداً أن الإسلام كان جزءاً من أوروبا منذ القرن الثامن الميلادي، وبعد إخراجهم من شبه الجزيرة الأيبيرية تقدم العثمانيون من الشرق.
ولدى سؤاله عما إذا كان الإسلام يتناسب مع أوروبا وألمانيا من وجهة نظر تاريخية، بيّن البروفيسور المختص في تاريخ العصور الوسطى أن الآلية الناجحة للتاريخ الأوروبي تكمن في قدرته على التحاور المستمر مع العوامل المؤثرة الغريبة.
وأشار إلى أن المسلمين واليهود والمسيحيين قاتلوا بعضهم بعضاً أحياناً، لكن ذلك لم يؤد إلى استئصال أحدهم، لافتاً إلى أن هذه الأديان تضمنت أحكام حماية، وأنه كان هناك حوار ونجاح في العيش المشترك.
وقال بورغولته إن أوروبا تشكلت ومازال عبر تفاعل الاندماج والتفكك، مضيفاً أن هذا الأمر شاقّ لكنه إبداعي.
احتدام الجدل حول انتماء الإسلام لألمانيا
وكان اعتماد حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني الشعبوي بداية الشهر الجاري نهجاً مناهضاً للإسلام في برنامجه السياسي وتبنيه عبارة “الإسلام لا ينتمي لألمانيا”، قد أعاد فتح النقاش مجدداً حول انتماء الإسلام إلى هذه البلاد.
ولا يعد هذا النقاش جديداً، إذ كان الرئيس الألماني السابق كريستيان فولف قال في عام 2010 إن “الإسلام جزء من ألمانيا، تماماً مثل اليهودية والمسيحية”، ثم عادت وقالت المستشارة أنجيلا ميركل العبارة نفسها مطلع العام الماضي، وتعرضت لانتقادات حتى من داخل حزبها.
وقال فولكر كاودر، رئيس كتلة التحالف المسيحي، مطلع مايو/أيار الحالي إن نحو 4 ملايين مسلم يعيشون في ألمانيا هم جزء من البلاد وليس الإسلام، مؤكداً في الوقت نفسه ضرورة عدم تهميش المسلمين، وأن “يتمتعوا بحرية ممارسة عقيدتهم، وبالتالي فمن الطبيعي أن يبنوا مساجد ويشيّدوا المآذن”.
وقال بيورن هوكه، الذي يتزعم حزب “البديل من أجل ألمانيا” في ولاية ثورنجيا، أول أمس الأربعاء، خلال احتجاج نظمه ضد بناء مسجد للجماعة الأحمدية الإسلامية في إيرفورت٬ إنه يخشى من ظهور الهلال الذي يرمز للإسلام حول كاتدرائية المدينة مستقبلاً.
وقال هوكه إنه إما أن يتم نزع فتيل الإسلام أو ليغادر، مضيفاً أن للإسلام موطن، لكنه لا يسمى إيرفورت أو ألمانيا.