كتاب أكاديميا

الامير الوالد رمز الوفاء والشجاعة و الصمود … بقلم الشيخة حصة الحمود السالم الحمود الصباح  

 
 

 

 

 

حديثنا اليوم عن رجل المهمات الصعبة وأحد جواهر عقد الوطن العزيز ،، حديثنا اليوم عن الوالد الراحل سمو الأمير الشيخ سعد العبدالله السالم والذى تمر علينا الذكرى الثامنة لرحيله محملة كعادتها بمشاعر الحب والوفاء والعرفان لرجل عظيم أحب الكويت والكويتيين فبادلوه نفس العطاء وهى مشاعر لا يستطيع أى كاتب أن يصفها بحروف ولكن لا يشعر بها إلا نحن أبناء هذا الوطن الذى نعشق ترابه ونتنفس حبه ،فقلما تجد شعبا يرتبط بحكامه مثلنا نحن فى بلدنا الكويت .

لقد عرف والدنا الراحل سمو الأمير الشيخ سعد العبدالله السالم رحمه الله بحبه لوطنه الكويت ولقد ترجم هذه المشاعر إلى إنجازات وتضحيات من أجل خدمة وطنه الكويت ، فكانت أيام حياته المجيدة صفحات مضيئة سطر عليها بعرقه وجهده إنجازات تدعمها خبرة الحياة والسنين اكتسبها من احتكاكه بمختلف شعوب الأرض ودرايته بطبيعة مجتمعاتنا العربية والإسلامية فكان رحمه الله مزيج من الخبرة والحكمة والصبر والإيثار على النفس فإستحق مكانة عالية ليس فى قلوب الكويتين فحسب ولكن فى قلوب كل من تعامل معه على مستوى الإقليمين العربى والدولى .

ولد سمو الأمير الراحل الشيخ سعد العبدالله عام 1930 وهو الإبن الأكبر لأمير الكويت الحادى عشر الشيخ عبدالله السالم والذى كان حريصا على تنشئته منذ الصغر ليكون سياسيا بارعا وقائدا حكيما وقد كان كذلك فى كل منصب تقلده ، بعد أن أكمل تعليمه فى المدرسة المباركية فى الكويت ابتعثه والده إلى بريطانيا للدراسة فى كلية هاندن العسكرية عام 1951 وحصل على دورات متخصصة فى شئون الأمن العام والشرطة لمدة اربع سنوات ، وبعد تخرجه برتبة ضابط عاد ليتدرج فى مختلف المناصب الأمنية حتى عين نائبا لرئيس الشرطة واستمر كذلك حتى تم دمج الشرطة بالأمن العام فترأس كليهما معا ،وبعد إستقلال الكويت عام 1961 تم إختياره ليكون عضوا فى اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور ومع أول تشكيل وزارى عام 1962 تم إختياره وزيرا للداخلية ثم وزيرا للداخلية والدفاع عام 1964 وقد أنجز فى عقد الستينات مهام عديدة حيث شكل المجلس الأعلى للدفاع وقام بجولات خارجية لعقد صفقات تسليح الجيش الكويتى وتعزيز القدرات الدفاعية وحماية الحدود من التسلل للداخل ، كما قام بتشكيل لجان الدفاع المدنى لحماية المنشآت الحيوية والصناعية بالإضافة إلى وضع آلية لتنظيم إقامات الوافدين ومشكلة التجنيس .

فى عام 1978 تم تعيينه رئيسا لمجلس الوزراء ثم تزكيته بمرسوم أميرى ليكون وليا للعهد وخلال ربع قرن من الزمان (1978_2003) شغل العديد من المناصب وهى رئيسا للسلطة التنفيذية ورئيس المجلس الأعلى للدفاع ورئيس مجلس الأمن الوطنى ورئيس مجلس الخدمة المدنية ورئيس مجلس إدارة الصندوق الكويتى للتنمية الإقتصادية العربية ورئيس المجلس الأعلى للإسكان ورئيس المجلس الأعلى للتخطيط ، وكل ما سبق ذكره من مناصب تقلدها إن دل فإنما يدل على خبرات وكفاح السنين وعلى عشقه لخدمة أبناء هذا الوطن ولو على حساب راحته وحياته الخاصة ، وقد شهدت رئاسته لمجلس الوزراء انجازات عديدة على مستوى البنية التحتية وإنشائه لمؤسسة البترول الكويتية كشركة أم تضم شركات البترول الأخرى المحلية حفاظا على الثروة القومية للدولة كما اهتم بما استجد من مشكلات التجنيس وأيضا مشكلات الضمان الإجتماعى والإسكان والتوظيف .

ولعل كارثة الغزو الصدامى الغاشم صيف 1990 هى أكبر الكوارث التى واجهت وطننا العزيز فى تاريخه ، وكان للوالد الراحل الشيخ سعد العبدالله دورا كبيرا فى عقد اجتماعات مع كبار قادة دول العالم لتشكيل تحالف دولى يواجه هذا العدوان مستثمرا فى ذلك سابق جهوده الدبلوماسية وعلاقاته المتميزة مع مختلف دول العالم حتى تم تحرير كامل التراب الوطنى بفضل الله عز وجل وجهود سموه وقادة الدول الشقيقة والصديقة المحبة للخير والأمن والسلام ،وكان دور المغفور له باذن الله لم يقتصر على خدمة وطنه حيث كانت له إسهامات في القضايا العربية ونصرته للحق العربي في كافة المجالات وفي المحافل الدولية لاسيما القضية الفلسطينية ودعمه لحقوق الشعب الفلسطيني في العيش بسلام وأمان واستقرار والذي عكس سياسة الكويت وقناعته الشخصية بضرورة إعادة الحقوق المغتصبة الى أهلها.

 

بعد تحرير الوطن العزيز من العدوان الصدامى الغاشم أنجز سموه عملية إعادة إعمار البلاد على الرغم من الأزمة الإقتصادية الحادة الناتجة عن أزمة المناخ والتى أدت إلى هبوط أسعار النفط وإفلاس عدد من كبار رجال الأعمال حيث قام سموه بتعويض خسائرهم حفاظا على الإستثمار وحتى تجاوز هذه الأزمة ، ويحسب لسموه أيضا دوره فى تعزيز مفهوم الوحدة الوطنية وتماسك النسيج المجتمعى الكويتى ضد محاولات بعض المتطرفين حيث وقف فى عام 2001 فى مجلس الأمة قائلا « الكويت أولا »مرددا ذلك ثلاثا ومحذرا من يريد إزكاء روح الفتنة الغريبة عن المجتمع الكويتى .

وفى يناير 2006 أصبح أميرا للبلاد خلفا للوالد الراحل سمو الأمير الشيخ جابر الأحمد الصباح ، ولكن لأسباب صحية تم نقل الصلاحيات لمجلس الأمة والذى نقل بدوره الصلاحيات لوالدنا الحبيب حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح حفظه الله ورعاه ليكمل مسيرة العطاء لنهضة ورفعة وطننا العزيز .

 

وفى 13 مايو 2008 رحل عن عالمنا الوالد سمو الأمير الشيخ سعد العبدالله السالم تاركا خلفه رحلة طويلة من العطاء الغير منقطع وترك بداخلنا أسمى مشاعر الحب والوفاء والعرفان لرجل قلما يجود الزمان بمثله.

 

ولا يسعنى فى نهاية هذا الحديث فى ذكرى رحيل الوالد سمو الأمير الشيخ سعد العبدالله السالم إلا أن ندعوا الله سبحانه وتعالى أن يتغمده بواسع الرحمة والمغفرة وأن يجازيه عنا خير الجزاء ، ونسأله سبحانه وتعالى أن يبارك فى عمر والدنا الحبيب حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير الإنسانية وقائدها وولى عهده الأمين الشيخ نواف الأحمد الصباح وأن يوفقهما ويسدد خطاهم لإكمال مسيرة العطاء من اجل رفعة الوطن .. واعلاء شأنه.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock