كلية الصحة العامة عقدت الندوة الافتتاحية ” مستقبل الصحة العامة في الكويت وما بعدها”
كتبت: نادية الراشد
تحت رعاية وحضور مدير جامعة الكويت الأستاذ الدكتور حسين أحمد الأنصاري عقدت كلية الصحة العامة الندوة الافتتاحية للكلية تحت عنوان: ” مستقبل الصحة العامة في الكويت وما بعدها”، وذلك يوم السبت الموافق 12 مارس 2016 في تمام الساعة ٢ ظهراً على مسرح مركز العلوم الطبية في الجابرية.
وقد حضر الندوة الوكيل المساعد لشئون الصحة العامة بوزارة الصحة الدكتورة ماجدة القطان، ووزير الصحة السابق الدكتور عبد الرحمن العوضي، ووزير الصحة السابق الدكتور هلال الساير ، ونواب مدير الجامعة وعمداء الكليات، وعدد كبير من الأساتذة والمهتمين من جامعة الكويت ووزارة الصحة.
وبهذه المناسبة ألقى مدير جامعة الكويت الأستاذ الدكتور حسين أحمد الأنصاري كلمة قال فيها أن هذه الندوة التي تنظمها كلية الصحة العامة تهدف إلى تسليط الضوء على التحديات التي تواجه الرعاية الصحية في الكويت ومستقبلها واقتراح الحلول المناسبة بالإضافة إلى كونها تفتح آفاق واسعة لتبادل الخبرات بين الصفوة من المتخصصين في الرعاية الصحية.
وأكد أ.د. الأنصاري على أن هذه الندوة وما تضمه من أبحاث ومناقشات ستكون بداية جادة على طريق تلمس التحديات التي نواجهها في مجالات الصحة العامة في الكويت واقتراح الحلول المناسبة، مشيرا إلى أن جامعة الكويت قد تبنت فكرة إنشاء كلية الصحة العامة التي تقدم بها مركز العلوم الطبية خلال السنوات الماضية، حتى رأت الكلية النور وصدر المرسوم الأميري بإنشائها في ديسمبر ٢٠١٤.
وأضاف قائلا:” إننا نتطلع في جامعة الكويت إلى أن تكون هذه الكلية إضافة هامة للكليات الأربع الأخرى التي تقع ضمن مركز العلوم الطبية لما لمخرجاتها سواء على مستوى البكالوريوس أو على مستوى الدراسات العليا من دور إيجابي بإذن الله على تحسين وتطوير الخدمات المقدمة في مختلف قطاعات الصحة العامة، وتلبي احتياجات سوق العمل بكوادر متخصصة ومدربة على مستوى عالي في مجالات الصحة العامة “.
وتابع أ.د. الأنصاري قائلا:” تحظى هذه الندوة بأهمية كبيرة لأهمية القضايا والموضوعات التي ستناقشها والتي تمس مجالات الصحة العامة ، كما أود أن أؤكد أن مجالات الصحة العامة هي أداة هامة للوقاية من الأمراض وتعزيز الصحة وجودة الحياة “.
وأشار أ.د. الأنصاري إلى أن مفهوم الصحة العامة يمتاز بالنظرة الشمولية التي تربط بين الصحة وبين الجوانب السلوكية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية لتجعل من مسؤولية الحفاظ على الصحة مسؤولية مشتركة بين الفرد والمجتمع والمؤسسات الصحية إضافة للمؤسسات الأخرى ذات العلاقة.
وأعرب أ.د.الأنصاري عن سعادته أن تكون هذه الندوة بتواجد ومشاركة ممثلين عن وزارة الصحة وأيضاً عن مركز دسمان للسكر مما يعكس روح التعاون والمشاركة الإيجابية بين المؤسسات التعليمية ومؤسسات الدولة الأخرى ذات الصلة.
وختاماً تقدم أ.د. الأنصاري بالشكر الجزيل لجميع الحضور والمشاركة خصوصاً السادة الذين تحملوا عناء السفر، كما شكر كل من ساهم في الإعداد لهذه الندوة وعلى رأسهم الدكتور ناصر بهبهاني لما بذلوه من جهود طيبة ، والشكر موصول للباحثين المتخصصين الحضور، متمنياً التوفيق والنجاح في أعمال الندوة ، والوصول إلى الكثير من النتائج والتوصيات المفيدة والحلول المناسبة والتي ستساعد في تطوير وتعزيز الرعاية الصحية والحفاظ على صحة الإنسان.
وفي كلمة لها بهذه المناسبة أعربت الوكيل المساعد لشئون الصحة العامة بوزارة الصحة الدكتورة ماجدة القطان عن سرورها واعتزازها بالمشاركة في الندوة الافتتاحية لكلية الصحة العامة بجامعة الكويت، تحت عنوان “مستقبل الصحة العامة في الكويت و ما بعدها”.
وأضافت د. القطان قائلة :” يسعدني وبالأصالة عن نفسي، و بالنيابة عن كافة العاملين في مجال الصحة العامة في دولة الكويت، وكافة المهتمين بشؤون الصحة العامة على المستويين المحلي و الدولي ، أن أبارك للجميع على إنشاء كلية الصحة العامة، ككلية جديدة ضمن مركز العلوم الطبية بجامعة الكويت، لتكون إضافةً تعليمية مهمة و مساهمةً فعالة في رفع القدرات و الكفاءات المحلية في مجال الصحة العامة، و خطوةً إيجابية جادة نحو إعداد الكوادر الوطنية و تنمية مهاراتها و تأهيلها للعمل في مجالات الصحة العامة و ميادينها “.
وأكدت د. القطان على أن إنشاء كلية الصحة العامة بجامعة الكويت يعكس اهتمام دولة الكويت المستمر بمجال الصحة العامة، ويعكس الإدراك الواسع للدور الرئيسي الذي تلعبه الصحة العامة في حماية صحة الافراد والمجتمعات والعمل على تحصينها، و يعكس كذلك دورها الفاعل في تعزيز صحة المجتمع من خلال مكافحة الامراض ككل وخلق الوعي الصحي و محو الأمية الصحية و تشجيع أنماط الحياة الصحية لدى الافراد بالمجتمع.
وأوضحت أن إنشاء كلية الصحة العامة بجامعة الكويت يعكس أيضاً حرص الدولة على الارتقاء بالقدرات و الكفاءات و الخبرات الوطنية في مجالات الصحة العامة في دولة الكويت، مما سيساهم ودون أدنى شك مساهمةً إيجابيةً في تعزيز صحة المجتمع في دولة الكويت.
وأردفت د. القطان قائلة :” إن دولة الكويت في اهتمامها المستمر بالصحة العامة و حرصها على استقطاب و تطوير القدرات و الكفاءات في مجالات الصحة العامة، ليست بمعزل عن المجتمع الإقليمي والدولي، حيث تولي الدول و الأنظمة الصحية في السنوات الأخيرة اهتماماً متزايداً لعلوم الصحة العامة و أساليبها، و تبذل الجهود الكبيرة في سبيل تطوير قدراتها الوطنية و استقطاب الكفاءات الأجنبية في مجالات الصحة العامة، و ذلك ضمن توجه عالمي يتخذ من أساليب الصحة العامة و طرقها منهجاً “.
وأشارت د. القطان إلى أن الصحة العامة لم تعد خياراً استراتيجياً فحسب، بل ضرورةً وطنيةً مُلِحّة خاصةً في ظل المتغيرات الكبيرة التي تشهدها الساحة المحلية والدولية، كازدياد نسبة كبار السن بين إجمالي السكان، وظهور الأمراض المعدية المستجدة، و انتشار الأوبئة، و قلّة الموارد المتاحة للصحة، مبينة أن كل هذه التحديات وغيرها تجعل من الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة للصحة ضرورة وطنية لا غني عنه، مشيرة إلى أن طرق الصحة العامة و أساليبها والتي تركز على الوقاية من الأمراض و مكافحة الأوبئة و تعزيز الصحة و تقديم رعاية صحية آمِنة وذات جودة عالية، هي الوسيلة الأمثل لتحقيق صحة أفضل للجميع، وذلك تأكيدا لمقولة الوقاية خيرٌ من العلاج.
وبدوره توجه عميد كلية الصحة العامة د. ناصر بهبهاني بالشكر لجميع الحضور على مشاركتهم في الندوة الافتتاحية للكلية، ومن ثم تطرق إلى فكرة نشأة الكلية والتي بدأت كفكرة وليدة من قِبل الدكتور/ عبد الله بهبهاني في 2010 الذي بادر بإنشاء الكلية وأنجز الدراسة التمهيدية لها، ثم استلم هذه الفكرة الدكتور / باسل النقيب الذي رعاها وأعطاها الكثير من الجهد والطاقة ، إلى أن أقرّ مجلس الجامعة الموقر إنشاءها في ديسمبر 2013 ، حيث ضمت الكلية من خلال الدراسة التفصيلية لإنشائها خمسة أقسام أو تخصصات وهي 1) الصحة البيئية والمهنية 2) السياسة والإدارة الصحية 3) علم الأوبئة والإحصائيات الحيوية 4) ممارسة الصحة العامة 5) العلوم السلوكية والاجتماعية، معربا عن سعادته ببدء أول فعالية لهذه الكلية.
وتابع د. بهبهاني قائلا :” يجب أن نعترف أنه لولا النظرة الثاقبة لقسم طب المجتمع والعلوم السلوكية في كلية الطب ومباركتهم ودعمهم إنشاء كلية الصحة العامة لاستشعارهم بأهميتها للمجتمع الكويتي لما خرجت هذه الكلية إلى حيز الوجود، وفي نفس الوقت يجب أن نشيد بالقسم ونهنئه على بداية برنامج ماجستير الصحة العامة بتخصص الوبائيات والإحصاءات الحيوية (Epidemiology & Biostatistics) خلال السنتين الماضيتين “.
وأردف قائلا :” لكن في نفس الوقت أود أن تُعْطى كلية الصحة العامة مسئولية تطوير هذا البرنامج وإضافة تخصصات أخرى مثل السياسة والإدارة الصحية والصحة البيئية والمهنية وغيرها من التخصصات حيث يعتبر برنامج الماجستير في الصحة العامة حجر الأساس لأي كلية صحة عامة، ونود أن يستقطب هذا البرنامج بالإضافة للأطباء العديد من أصحاب المهن الصحية لكي نتمكن من غرس مفاهيم الصحة العامة للقياديين في مجلات عديدة مثل التمريض والتغذية والصيدلة والاقتصاد الصحي وغيرها “.
وأشار د. بهبهاني أنه بالنسبة لبرنامج بكالوريوس الصحة وخدمات المجتمع (Health and Community Services) الجاري إعداد منهجه بشكله النهائي فهو برنامج جديد كلياً ليس على مستوى الكويت فقط وإنما على مستوى منطقة الشرق الأوسط ، لافتا إلى أن القائمين على كلية الصحة العامة يرون أن مثل هذا البرنامج ستساهم في إعداد كوادر تحتاجها وزارة الصحة في إداراتها المختلفة مثل إدارات الصحة العامة وتعزيز الصحة والصحة الوقائية ومراقبة الأداء وغيرها، ناهيك عن مؤسسات الدولة الأخرى التي بإذن الله ستستفيد من مخرجات هذا البرنامج.
وتطرق د. بهبهاني إلى عدد من العناوين والمفاهيم الأساسية التي يشملها التعريف الحديث للصحة العامة وهي :
• العناية بالأصحاء قبل أن يصابوا بالمرض
• أن تكون السياسات العامة لمختلف مؤسسات الدولة بتفاصيلها وليس بعمومياتها مراعية لصحة الإنسان في هذا البلد
• الوقاية من الأمراض (Disease prevention)
• حماية الصحة (Health Protection)
• تعزيز الصحة(Health Promotion)
واستطرد قائلا :” لكن دعوني أذكركم بمبدأ بسيط تعلمناه في المدارس ونحن صغار، ألا وهو “درهم وقاية خير من قنطار علاج”. هذا المبدأ الذي يلخص بشكل جميل جداً كل ما تصبو إليه الصحة العامة، ولنكن واقعيين، نحن كمجتمع متمدن بعيدين عن تطبيق هذا المبدأ وخير دليل على ذلك النسبة العالية للسمنة، وقلة الحركة وممارسة الرياضة، والعادات الغذائية الخاطئة ونسبة التدخين العالية في مجتمعنا سواء من السجائر أو الشيشة، نعم أخواني وأخواتي، هذه هي الحقيقة وهذه هي الأسباب المؤدية للوباء المتزايد أو ما يسمى بالأمراض المزمنة غير المعدية التي يجب أن نواجهها ونعمل على تغييرها”.
ولفت د. بهبهاني إلى أهمية الالتفات إلى مكان العمل والإجراءات الوقائية لمنع الإصابة خصوصاً بين العمال سواء في مجال البناء أو غيرها هو من صميم عمل الصحة العامة، حيث أن السقوط من علو يأتي في المرتبة الثانية من أسباب الوفاة بسبب الحوادث بعد حوادث السيارات.
وأفاد د. بهبهاني أن هذا التصور الجديد للصحة العامة المبني على المحافظة على الصحة وحمايتها وليس التركيز على علاج الأمراض فقط وخلق الكوادر المؤهلة لقيادة هذا التوجه هو أهم الأهداف التي من أجلها أنشأت جامعة الكويت كلية الصحة العامة، آملا أن تكلل جهود هذه الكلية بمشاركة حليفها الاستراتيجي وزارة الصحة وبتعاون أخواتها الكبار وهم كليات مركز العلوم الطبية ومركز دسمان للسكر. آملا أن تنجح جهود هذه الجهات مجتمعة لكي يكون لها بصمة في تغيير هذا المسار التصاعدي لمشاكلنا الصحية.
وتوجه بالشكر للدكتور علاء العلوان على قبوله الدعوة للمشاركة، وأيضا توجه بالشكر للدكتور ياكو تومليهتو على المشاركة، كما توجه بالشكر لإدارات جامعة الكويت المتلاحقة على دعمها ومساندتها لهذه الكلية، متطلعا إلى مزيد من الدعم لمواصلة المشوار تحت راية أمير البلاد المفدى الشيخ صباح الأحمد وولي عهده الأمين.
ومن ثم ألقى الدكتور علاء العلوان – مدير المكتب الاقليمي لمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط التابع لمنظمة الصحة العامة محاضرة بعنوان : ( الصحة العامة في منطقة الخليج تحديات وأولويات) بين من خلالها التحديات الصحية في دول الخليج العربي .
وأشار د. العلوان إلى سلسلة من التحديات الصحية التي تهدد الصحة في منطقة الخليج والتي ينبغي التصدي لها ، وهذه التحديات قد نوقشت مع وزراء الصحة في عام 2012 ، وقد اتفق كل وزراء الصحة في الإقليم على أن يتم التركيز على خمس أولويات :
1. مكافحة الأمراض السارية أو المعدية ( الأمن الصحي في الدول )، مشيرا إلى أنه جزء لا يتجزأ عن الأمن الوطني في كل بلد ، وأهميته في تعزيز قدراتنا في مجال مكافحة الأمراض، وتعزيز قدراتنا في مجال تنفيذ متطلبات اللوائح الصحية الدولية .
2. الأمراض غير السارية ( القلب والأوعية الدموية- السكري- السرطان- أمراض الرئة المزمنة) والتي تكون المسبب الأول للوفيات المبكرة في هذا الإقليم، موضحا أن هناك رؤية واضحة جدا وخارطة طريق للسيطرة عليها والتصدي لها والمطلوب التزام سياسي قوي وتنفيذ لخارطة الطريق هذه بما في ذلك الإجراءات التي ينبغي أن تتخذ من قبل كافة الأطراف الحكومية وغير الحكومية ليس فقط القطاع الصحي وإنما بقية القطاعات الأخرى .
3. صحة الأمهات والأطفال.
4. كيفية تقوية أنظمة المعلومات الصحية وخاصة في مجال مراقبة وتقييم التقدم المحرز من قبل البلدان في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة التي أقرت من قبل الأمم المتحدة والجمعية العامة في شهر سبتمبر الماضي 2015 .
5. الأزمات والاستجابة والتأهب للأزمات .
وتم طرح العديد من التساؤلات حول حوادث الطرق وكيفية مكافحة وخفض الإصابات والوفيات الناتجة عن حوادث الطرق، وحول موضوع تلوث الهواء كمشكلة صحية، وتغير المناخ وتأثير تغير المناخ على الوضع الصحي في الإقليم.
وفي الختام أكد د. العلوان على أن تعزيز قدرات أي بلد في مجال الصحة العامة أساسي للتصدي لهذه الأولويات، وإذا لم تكن لدينا قدرات كافية واختصاصيين في الصحة العامة في مجالاتها المتعددة لن نستطيع أن نتصدى لهذه التحديات ، مشيدا بدولة الكويت وجامعة الكويت ووزارة الصحة على دعمها في إنشاء كلية الصحة العامة والذي يعد إنجازا يصب في مصلحة دولة الكويت ودول الخليج، ومصلحة الإقليم بشكل عام.
كما أكد على أن منظمة الصحة العالمية ستعمل جاهدة لكي تدعم هذا المشروع ، وتقدم بالشكر لجامعة الكويت لهذه الدعوة.
بعد ذلك ألقى الدكتور ياكو تومليهتو – الرئيسي التنفيذي للمهام العلمية في معهد دسمان للسكر محاضرة بعنوان: ( التدخلات المطلوبة لتحسين الصحة العامة على مستوى المجتمع )، حيث أشار إلى
أهمية الوقاية والسيطرة، والحد من آثار مرض السّكري والمشكلات الصحية ذات الصلة في دولة الكويت، من خلال برامج فعالة في مجال البحث، والتدريب، والتعليم، والتوعية الصحية، وذلك من أجل تحسين نوعية حياة السكان.
وأوضح أن برامج التوعية الصحية تهدف إلى الحد من الزيادة السريعة المسجلة في حالات السكري من النوع الثاني، وغيره من الأمراض المزمنة في الكويت الناجمة عن قلة الحركة واتباع نمط حياة غير صحي، وذلك بتوفير معلومات موجهة إلى الشباب وسائر الفئات العمرية عن سبل الوقاية من هذه الأمراض ومخاطرها وأساليب التعامل معها، وبشكل خاص إلى الأكثر عرضة للإصابة، وبناء عليه سيصبح كل فرد قادراً على اتخاذ قرار واعٍ لتحسين نمط حياته والحد من مخاطر الإصابة بهذه الأمراض.