هل سرعة الضوء تأخذنا برحلة إلى الماضي؟ كتبت سندس الفارسي
لو تمكن الإنسان في المستقبل من صنع مرآة ضخمة تضاعف مساحتها مساحة الأرض، ووضعها في مدار على حدود المجموعة الشمسية، ثم وجه إليها عدسة تلسكوب بقوة تلسكوب هائل مثلاً ليرى انعكاس صورة الأرض، فهل تعرف أنه يمكن آنذاك أن نرى الماضي؟
وما حدث حولنا قبل بضع ساعات بالتدقيق، وفي كل مكان من نصف الكرة الأرضية المقابل للشمس، هل تعرف كيف سيغير ذلك الأمر حياة البشر اليومية على سطح الأرض رأساً على عقب؟
إن الفكرة تماماً أعتمدها باستنادي لمفهوم النسبية والسفر عبر الزمن وسرعة الضوء؛ الفكرة هي أن الضوء يستغرق وقت للوصول من الأرض للمرآة، حيث ينعكس ثم ينطلق نحو الأرض مرة أخرى ليرصده تلسكوب هائل، وقت ذهاب وعودة الضوء يكون تقريباً بضع ساعات، لذلك عند عودة الضوء سيكون ضوء من الماضي القريب للأرض، لذلك نظرياً ممكن جداً هذه الفكرة لشرح الفكرة.
انسوا قصة المرآة لوهلة، عندما تنظر إلى الشمس وترى انفجاراً شمسياً يقع عليها، فهذا الانفجار وقع فعلياً قبل ثمان دقائق، وكذلك الأمر لو نظرت إلى المريخ عبر التلسكوب من الأرض لتشاهد مثلاً هبوط مركبة كيوريوسيتي، فهي قد هبطت فعلياً قبل نصف ساعة، وما تراه من صورتها الآن هو ما حصل قبل نصف ساعة، و هي مدة وصول الضوء إلينا من المريخ والدقائق الثمان هي مدة وصول الضوء من الشمس؛ فلو عكسنا الآية وكنّا على سطح مجموعة ألفا سينتوري (الشعري) وهي الأقرب إلى الأرض ونظرنا إلى كوكب الأرض بتلسكوب جبار، فسنرى أحداثاً حصلت قبل أربع سنوات ونصف، وهي مدة انتقال الضوء بين الأرض والنجم، يعني لو كان هناك مخلوق الآن في هذه اللحظة في مجرة تبعد ستين مليون سنة ضوئية وكان معه آلة تمكنه من رؤية التفاصيل على كوكب الأرض، فلا بد أنه يستمتع الآن بمشاهدة الديناصورات تدبّ على كوكبنا.
إن الأمر بحد ذاته يعتمد على موقع تلك المرآة في المجموعة الشمسية، فكلما كانت بعيدة كان الماضي بعيداً عنا نحن وكان ذو أهمية.