40 من طلبة جامعة الكويت لا يعرفون تاريخ وقوع الغزو العراقي!
خلصت دراسة أكاديمية الى ان التجمعات الأخيرة التي نظمت بواسطة الشباب أو بمشاركتهم قد لا ترجع الى معرفة أو انها تستند الى معلومات بقدر ما انها ناجمة عن ظاهرة انفعالية تعبر عن سمات هذه الشريحة، مشيرة الى ان الصراع العاطفي والتمرد على السلطة من سمات المراهقين في المجتمع المعاصر، «ما يحدث قد لا يرتبط بالضرورة بالمعرفة والمعلومة التي يمتلكها الشاب، ولكن سر اندفاعه وحماسه يعود الى بعض التأثيرات الخارجية والعاطفية المرتبطة بشخصية الشاب نفسه، كما ان اهتمامات الشباب ليست لها علاقة بالأوضاع السياسية ولا حتى في حدودها الدنيا.وأشارت الدراسة التي قام بها أستاذ علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في كلية العلوم الاجتماعية بجامعة الكويت الدكتور يعقوب يوسف الكندري، وحملت عنوان: «الثقافة الدستورية والتاريخية ودورها في تعزيز المواطنة: دراسة على عينة من الشباب الكويتي»، أشارت الدراسة الى وجود ضعف معرفي في المعرفة التاريخية والدستورية لدى طلبة جامعة الكويت، مبينا ان أعلى النسب وفقا للبحث في المعلومات التاريخية بلغت %61 تقريبا وهي المعلومة التي تتعلق بتاريخ الاحتلال العراقي الغاشم لدولة الكويت، الأمر الذي يعني ان ما يقارب من %40 من أفراد العينة لا تعرف التاريخ الفعلي للاحتلال العراقي الغاشم.وأوضحت الدراسة: ان أهمية هذا الحدث – الغزو – تحديدا لانه ذو بعد هام جدا فيما يتعلق بمفهوم المواطنة، لأنه أثناء فترة الاحتلال العراقي الغاشم هنالك العديد من الأمثلة والأدلة على تماسك وتلاحم المجتمع الكويتي وتكاتف أطيافه وشرائحه وفئاته تحت مظلة واحدة، اذ ان التجرية تعتبر من دروس التعاون والتعاضد بين الشرائح الاجتماعية.وتهدف الدراسة الى تسليط الضوء على أحد الجوانب أو الأبعاد الرئيسة للمواطنة والتي تتمثل بالخلفية والثقافة المعرفية للمواطنة عند شريحة الشباب وتحديداً طلبة جامعة الكويت.مؤكدة على ان اللحمة الوطنية ونتائجها وافرازاتها يفترض ان تكون درسا من دروس ترسيخ القيم المواطنية، الا ان النتائج التي كشفت عنها – الدراسة – تفيد بأن أبسط المعلومات المتعلقة بها غير معروفة والمتمثلة بتاريخ هذا الاحتلال.«عندما تبلغ نسبة %40 تقريبا لا تعرف هذا التاريخ ومن الطلبة الجامعيين والشباب، فان هذا يعطي مؤشرا لوجود خلل واضح في طريقة نقل هذه المعرفة والمعلومة للطالب أثناء فترة التعليم العام».وألقت الدراسة بأوجه القصور على منهاج التعليم العام، وقالت: «ذلك الأسلوب التقليدي الذي يعتمد على الحفظ والتلقين وليس على الأساليب الحديثة في عملية طلب المعلومة وترسيخها في عقلية الطالب ووجدانه كونت في النهاية أساسا قيميا يرتبط بسلوكه».مشددة على ان الحوادث التاريخية التي سجل خلالها الكويتيون صورا هامة من صور التعاون والتماسك والعلاقة المتينة بين بعضهم بعضا، وكذلك علاقتهم مع النظام الحاكم قد تغيب عن هذا الجيل.وعددت الدراسة أحداثاً مهمة في تاريخ الكويت منها أحداث بناء السور الثالث، وأزمة عبدالكريم قاسم، وغيرها من الأحداث التاريخية الهامة وما تعكسه من صور وعلاقات قد تكون غائبة عن عقل ووجدان الطلبة، اذ احتلت أزمة عبدالكريم قاسم، وبناء السور ذيل القائمة التاريخية من حيث المعرفة الطلابية، «لم تتجاوز نسبة الاجابات الصادقة عن هذين السؤالين %2.6 فقط، على الرغم من كون هذه الأحداث تحمل قيماً مرتبطة بالمواطنة، والتي يجهلها غالبية أفراد العينة من فئة الشباب».ولا يختلف الوضع كثيرا فيما يتعلق بالمعرفة الدستورية هذا ما تقوله الدراسة، فهناك ما يقارب %40 تقريبا لا يعرفون سن الترشيح لعضوية مجلس الأمة ولا مدة العضوية فيه، وهو المجلس الذي يعتبر أساس الديموقراطية في الكويت.ويرتفع العدد الى ما يقارب نسبة %60 من أفراد العينة التي لا تعرف عدد المرشحين الذين يفترض ان يتم اختيارهم، الأمر الذي يبين بشكل واضح ضعف المعارف الدستورية الديموقراطية لدى الشباب الجامعي.ونوهت الدراسة بأن العينة المستهدفة في الدراسة ترتبط بفئة الشباب والذين يعتبرون الصفوة المثقفة لهذه الشريحة العمرية تحديدا، فهم يختلفون بما يمتلكونه من محصلة علمية عن الشريحة الأخرى نفسها في المجتمع. حتى المتابعة الخاصة بالأوضاع الدستورية العامة والتي تتمثل في المعرفة بما يسمون بوزراء السيادة فان نسبة الاجابات الصحيحة لا تحقق الطموح، حيث جاءت نسبة الاجابات الصحيحة بما يقارب 20 فقط من اجمالي العينة مع فروق واضحة بين الذكور والاناث في هذا الشأن والذي يعتبر بشكل عام منخفضا أيضا.فروق جنسيةوتكشف نتائج الدراسة أيضا بعض الفروق في النسب بين الذكور والاناث في المعرفة الدستورية والتاريخية لصالح الذكور، اذ انها تشير الى ان الذكور يمتلكون معرفة وثقافة فكرية أكثر بالمعلومات الدستورية والتاريخية عن الاناث.واستطردت: قد يكون من غير المستغرب الحصول على مثل هذه النتيجة فيما يتعلق بالمعرفة الدستورية بحكم ان الذكور هم أكثر وأقدم ممارسة بالعملية الديموقراطية مقارنة بالاناث، مذكرة بأنه سمح بحق الترشيح والانتخاب للمرأة فقط منذ نحو 3 سنوات تقريبا، وهذا يعطي مؤشرا على ان هناك حاجة ملحة لانخراط الاناث ليس في عمليتي التصويت والانتخاب فحسب، وانما بزيادة الوعي الانتخابي والدستوري وهو الأمر الذي افتقدته بشكل واضح العينة المستهدفة في البحث.وتشير الدراسة الى ما يقارب نصف الأسئلة الدستورية جاءت الاجابة الصحيحة فيها بنسبة أقل من %30.ولفتت الدراسة الى ان تفوق الذكور على الاناث في المعرفة التاريخية انما يكشف الخلل في النظام التعليمي والمنهاج المدرسي بشكل كبير، فمن المعروف ان الاناث هن أكثر تفوقا من الذكور في التحصيل المعرفي بشكل عام، وهذا ما تكشف عنه نتائج الثانوية العامة ودخول أعداد أكبر من الاناث للجامعة بالمقارنة بالذكور.ولكن قد يكون من أبرز أسباب هذه الاختلافات بين الجنسين لصالح الذكور في المعرفة التاريخية الى طبيعة المجتمع الذكوري بشكل عام والتي انعكست عليها المناهج التربوية التي ترتبط بهذه الطبيعة، فالاسهامات والانجازات التاريخية تسطر أحداث الرجال وما قدموه وتتجاهل أو لا تكشف عن أي اسهامات للمرأة الا فيما ندر.تجانس اجتماعيوفي قضية تعكس موضوع التجانس النسبي بين فئات المجتمع الكويتي من خلال المعرفة التاريخية والدستورية، كشفت الدراسة عن عدم وجود فروق بين الشرائح الاجتماعية المختلفة سواء كانوا سنة أو شيعة، أو من حيث الأصول التاريخية الحضرية أو القبلية البدوية.وترى ان عدم وجود هذا التفاوت في المعرفة قد يعود الى ان العمليات التربوية التي تمر بها هذه الشرائح واحدة، والتأثيرات الخارجة عن هذه العمليات محدودة، فتشابه المعلومات مرده الى تشابه المعرفة وتشابه التفاعل المجتمعي من خلال مؤسساته المتعددة.ولعل ما ارتبط بطبيعة المعرفة هي متغيرات تعليمية ارتبطت بالوالدين مثلا وعملية التنشئة الاجتماعية بشكل عام.كما أشارت الدراسة الى وجود علاقة ذات دلالة احصائية بين المعرفة الدستورية والمعدل الدراسي في المرحلة الجامعية، والمستوى التعليمي للأب والأم، لكنها لم تكشف عن وجود علاقة بين المعرفة الدستورية والتاريخية وبين المعدل الدراسي في المرحلة الثانوية.الثقافة التاريخية والدستوريةوعرضت الدراسة سؤالا جوهريا مفاده: هل يمكن ان تتحقق مفاهيم وأبعاد وجوانب الولاء والانتماء وفي النهاية المواطنة دون محصلة معرفية تتجسد في أبرز الجوانب التي تتعلق بتاريخ الأرض التي ينتمي اليها الفرد؟ وهل يمكن ان تتحقق هذه المفاهيم دون ان تكون هناك معرفة معلوماتية بالأساليب الديموقراطية التي تجعل من المواطن يمارس المواطنة من خلال المعرفة الدستورية والتي تعتبر كأبرز أبعاد المواطنة كما تمت الاشارة اليها؟ وتلفت الى ان العديد من الدراسات أوضحت أهمية المؤسسة التربوية في غرس المفاهيم القيمية المرتبطة بالمواطنة، وان المعارف التاريخية والدستورية قضية هامة في غرس مفاهيم المواطنة والولاء والانتماء.وتكمن أهمية الدراسة من خلال ثلاثة جوانب رئيسية: الأول في مساعدة متخذي القرار وراسمي السياسة الاجتماعية والتربوية في البلاد لتقويم الوضع العام للمؤسسة التربوية ودورها وأدائها، وأيضا باعتبار ان موضوع المواطنة يعد من المفاهيم الهامة والتي لاقت صدى متسعا في المناقشة والعرض في ظل التطورات والأحداث الحالية المحلية والخارجية، وأخيرا نظرا للنقص الكمي بالمكتبة المحلية لمثل هذا الموضوع على وجه التحديد.أسئلة الدراسة.. وإجابات مثيرةحظي السؤال الأول في الدراسة والخاص في عدد الدوائر الانتخابية بالنسبة الأكبر من حيث الاجابة الصحيحة عند الفئتين (ذكور واناث)، وفي مجموع العينة كاملة احتلت المعرفة الخاصة بعدد الدوائر الانتخابية الترتيب الأول، فيما حل ثانيا المعرفة باسم وزير التربية ووزير التعليم العالي، بينما حل بالمرتبة الثالثة المعرفة بسن الاقتراع لعضوية مجلس الأمة، ومن ثم معرفة اسم رئيس مجلس الأمة، أما الترتيب بالمعرفة في عدد السلطات في النظام الكويتي والمتمثلة بالسلطة القضائية والتشريعية والتنفيذية فقد حل خامسا.وأخيرا احتل الترتيب المعرفة في العام الذي حل فيه مجلس الأمة أول مرة، وقبل الأخير سنة افتتاح مجلس الأمة، وقبلها عدد مواد الدستور.وفيما يتعلق بالسؤال الخاص بتاريخ احتلال الكويت من العراق حظي بالنسبة الأكبر من الاجابة الصحيحة عند العينة كاملة، محتلا الترتيب الأول (%60)، فيما حل ثانيا المعرفة بالحاكم الذي تعرض لاعتداء وتم تفجير موكبه (وهو الترتيب الأول عند الذكور)، وحل بالمرتبة الثالثة المعرفة سبب تسمية الكويت بهذا الاسم، ومن ثم معرفة اسم السنة التي نزلت فيها أمطار غزيرة وهدمت كثير من المنازل، وحل بالترتيب الخامس المعرفة في عهد من صدر دستور دولة الكويت.وقد احتل الترتيب الأخير المعرفة بسنة بناء السور، وقبل الأخير السنة التي هدد فيها عبدالكريم قاسم الكويت، وقبلها سنة الانضمام الى منظمة الأمم المتحدة.أما فيما يتعلق بالاجابة على التساؤل الخاص اذا كان هناك علاقة بين المعرفة الدستورية والتاريخية وبعض المتغيرات التعليمية للمستجيب، فقد تم استخدام معامل الارتباط بيرسون للاجابة على هذا التساؤل.والجدول (9) يوضح هذه العلاقة.مفهوم المواطنة..أفادت الدراسة بأن مفهومي الانتماء والولاء يعدان من المفاهيم المتداخلة بالمعنى مع العديد من المفاهيم الأخرى من جهة، وكمفهومين بحد ذاتهما من جهة أخرى. فهناك من يفرق ما بين مفهومي الانتماء والولاء وهناك من يجمع بينهما بالمعنى، وهناك أيضا من يربط مفهومي الولاء والانتماء بمفاهيم أخرى مثل مفهوم المواطنة، والوطنية، والهوية الوطنية، والهوية الثقافية، والوحدة الوطنية وغيرها من المفاهيم.ولقد تعددت التعريفات الخاصة بهذا الموضوع في العديد من الأدبيات.كما ان هناك من ينظر الى ان المواطنة بشكل أشمل من مفهوم الانتماء والولاء ويجمعها في اطار واحد، فالانتماء هو شعور وجداني يرتبط بالمكان، ويقابله سلوك يتوافق مع هذا الشعور، ويقابله مفهوم أكثر اتساعا يتمثل في مفهوم المواطنة.وشددت على ان المواطنة قيمة وسلوك تصل في النهاية لتحقيق هدف عام يجمع الجميع في اطار من المساواة والعدالة الاجتماعية.ومن هذا الشعور هو الانتماء والولاء للأرض التي يعيش فيها الانسان في محيطه، وتتلخص مظاهرها في عدة سلوكيات مثل: المشاركة التطوعية في المجتمع، والالتزام بالهوية المجتمعية الوطنية، وحماية الممتلكات العامة، واحترام القانون، واحترام الرأي والرأي الآخر، واحترام الثقافات الفرعية، واحترام الوطن والدفاع عنه، ومحاربة الفساد وغيرها من المظاهر المتعددة.