بالصور .. مشروع مدينة صباح السالم الجامعية يجمع بين الجمال والحداثة

 
كتبت زينب باقر : 

 العلم من أجل نعم الله علينا فكما أنعم الله عز وجل على الإنسانية بنقلها من ظلمة العدم إلى نور الوجود كذلك أنعم عليها بنعمة العلم الذي يخرج الناس به من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة ، وللعلم أهمية بالغة في حياة الأفراد والمجتمعات والحضارات ، فلم تكن البشرية لتتقدم وتتطور وتصل إلى ما وصلت إليه في زماننا من دون العلم والتعلم والبحث العلمي ، فالإهتمام بالعلم وتحصيله هو من أسباب إزدهاز العديد من الحضارات على مر العصور والأزمان، وإهمال العلم وتحصيله هو السبب في تخلف الكثير من الشعوب وشيوع الجهل فيها، فالعلم هو مقياس الإزدهار والتحضر والتطور في الدول والمجتمعات .

 وما كان لأهمية الجامعة والحياة الجامعية لطلبة العلم سعت جامعة الكويت من خلال إنشاء مدينة صباح السالم الجامعية إلى ترجمة الحلم الذي طالما راود أبناء المجتمع الكويتي في أن يكون لهم مدينة جامعية متكاملة المرافق ، تضم بين جنباتها جميع كليات الجامعة .

فقد تم تخطيط وتصميم وتنفيذ مرافق ذلك الحرم الضخم بحيث تساير أحدث ما وصلت إليه المنشآت الجامعية الحديثة بالعالم ، لتصبح مفخرة لجميع أبناء هذا البلد بتحقيقها للتميز ليس فقط على المستوى المحلي وإنما على المستوى الإقليمي والعالمي ، ويجري تنفيذ المدينة الجامعية الجديدة على مساحة أرض تبلغ 6 مليون متر مربع إلى الجنوب الغربي من مدينة الكويت بحيث تضم جميع كليات ومرافق الجامعة في حرمين منفصلين أحدهما للطلاب والآخر للطالبات لتستوعب ما يقارب 40 ألف طالب وطالبة . 
وكان مشروع الحرم الجامعي الجديد يعرف بموقع ” جامعة الكويت – الشدادية ” قبل أن يصدر المرسوم الأميري بإطلاق إسم مدينة صباح السالم الجامعية على المشروع تكريماً من حضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح للدور التعليمي والتربوي لشخصية الأمير الراحل الشيخ صباح السالم رحمه الله . 
ليس مستغرباً إطلاق لقب مدينة على الحرم الجامعي الجديد فمساحة المشروع من الضخامة بحيث يمكن أن تسمى مدينة لإحتواءها على كافة مكونات المدن والتي تسمح لسكانها بالبقاء فيها دون الحاجة إلى الإنتقال لأي مكان آخر نظراً لتوفر كافة الإحتياجات والمرافق المطلوبة للسكان ، فضلاً عن كونها بذات المساحة التي كانت تشغلها مدينة الكويت المصغرة وهي من موقع أبراج الكويت إلى موقع دوار فندق الشيراتون.   
تميز وإبداع
يعتبر مشروع مدينة صباح السالم الجامعية المشروع الرائد في الخطة التنموية لدولة الكويت من ناحية التنمية البشرية ، ويعتبر كذلك المشروع الأكبر في تاريخ دولة الكويت خارج القطاع النفطي ، حيث تمتاز هذه المدينة عن نظيراتها في المنطقة بالنظرة الإبداعية والفنية والرغبة في إنشاء مدينة جامعية مكونة من كليات جامعية تمثل كل واحدة منها تحفة معمارية تنسجم جماليتها مع فلسفتها التعليمية وخصوصيتها الدراسية ، وقد حصدت كليات مدينة صباح السالم الجامعية العديد من الجوائز العالمية في مجال التصميم . 
لذلك تطمح جامعة الكويت إلى تسخير أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا التعليم وتقنيات التدريس في سبيل خدمة الطالب في الحرم الجامعي الجديد بحيث يمثل نقلة نوعية في الميدان الأكاديمي اقليمياً وتوفير بيئة تساعد وتحفز الطالب على التعلم والإبداع ، بحيث تتوافر بها جميع وسائل التعليم الحديثة ووسائل الترفيه التي تدعم العمل التعليمي . 

المخطط الهيكلي للمدينة الجامعية
ترتكز فكرة تصميم المخطط الهيكلي لمدينة صباح السالم الجامعية على إنشاء مدينة أكاديمية على ضفتي واحة عريضة من أشجار النخيل والحدائق المزروعة الخضراء حيث المكان المناسب للفكر والإبداع الأكاديمي ، ولم تغفل جامعة الكويت عن ضرورة أن يوفر الحرم الجامعي الجديد الأجواء الجاذبة للشريحة الشابة والبيئة التعليمية الثرية بالتواصل ، والتي تلبي كافة احتياجات جيل المستقبل ، بصورة تجعل من الجامعة مكاناً محبباً ومسلياً تبتعد أجواءه كل البعد عن الرتابة والملل ، فقد تم تنظيم كل حرم جامعي على جانبي مسار للمشاة ” رواق – جاليري ” وهو عبارة عن طريق مشاة مسقوف ومكيف للحماية من العوامل الجوية وذو طابع حضاري تحيط به الأنشطة الطلابية مما يحقق الترابط الوظيفي لكل حرم جامعي ويعطي الإحساس المتميز بالمكان الذي سوف يتذكره كل طالب وزائر للحرم الجامعي.
وتعبر كل كلية عن التزام الجامعة باستحداث بيئة تعليمية للطلبة وذلك عن طريق تصميم مساحات مشتركة للحوار والنقاش بالإضافة إلى الاستراحات الدراسية كما تتضمن الكليات أنظمة إضاءة وتهوية متطورة لضمان استدامة المباني . 
مكونات المدينة الجامعية
تنقسم مشاريع مدينة صباح السالم الجامعية إلى قسمين أولهما مباني الكليات والمرافق وثانيهما مشاريع البنية التحتية ؛ حيث تضم مدينة صباح السالم بداخلها 13 كلية و 3 مواقع لكليات مستقبلية تم تصميمها وفقا لأعلى المواصفات ، حيث أعدت التصاميم بعد دراسات عالمية ومقارنات لأعرق وأحدث المباني في العالم ، لتكون الجامعة الجديدة مزيجا فريدا من الأصالة والحداثة وقد تم تجميع الكليات ذات الصلة في ثلاثة قطاعات وهي قطاع الكليات الإنسانية الذي يتمثل في كلية الآداب وكلية التربية وكلية الحقوق وكلية الشريعة والدراسات الإسلامية وكلية العلوم الاجتماعية ، وقطاع الكليات العلمية الذي يتمثل في كلية الهندسة والبترول و كلية العلوم و كلية العمارة وكلية العلوم الإدارية وكلية العلوم الحياتية وكلية علوم وهندسة الحاسوب ، وقطاع الكليات الطبية المتمثل في كلية الطب وكلية الصيدلة وكلية طب الأسنان وكلية الطب المساعد وكلية الطب الوقائي .
يقع القطاعان (أ) و(ب) على الجانب الشرقي من طريق الجامعة وعلى جانبي قلب الجامعة، بينما يقع القطاع (ج) غرب طريق الجامعة بالإضافة إلى أنه تم توفير ثلاث مواقع لكليات مستقبلية بواقع موقع لكل قطاع .         
ونظراً لتنوع أعمال البنية التحتية اتخذت جامعة الكويت قراراً بتقسيم تلك الأعمال إلى 8 حزم وتشمل تلك الأعمال أعمال الحفر وتسوية الأرض والطرق ومواقف السيارات والملاجئ ومحطات الخدمات المركزية والأنفاق الخدمية والزراعة التجميلية .  
ضخامة
عندما يوصف مشروع مدينة صباح السالم الجامعية بالضخامة فإن كثير من المعطيات تثبت هذا الوصف ؛ أولاً مساحة المشروع والتي تبلغ 6 مليون متر مربع ، ومبنى كلية العلوم فقط يعد ثاني أكبر مبنى إنشائي في الكويت ، كما توجد شبكة أنفاق الخدمات الممتدة تحت المدينة وهي الأكبر في الشرق الأوسط بمساحة تبلغ ” 7.5 كيلو متر ” حيث يبلغ عرض وارتفاع النفق حوالي 8 أمتار مما يسمح بتحرك سيارات النقل داخلة ، ووجود عدد غير مسبوق من ملاجئ الطوارئ 29 كل ملجأ سعته 300 شخص ، بالإضافة إلى الواحة النباتية التي تمتد وسط مباني الكليات لتفصل مباني الطلبة عن مباني الطالبات بحاجز طبيعي تعتبر المساحة المزروعة الأكبر في الكويت ، والمحطات المركزية ذات سعة غير مسبوقة محلياً ، بذلك هو الأضخم من حيث تأثيره على المجتمع وتأثير نجاح مشروع بهذا الحجم على نظرة المواطن لمشاريع الدولة ، كما سوف ينتشل المواطن من التشاؤم ويمنحه نقلة نوعية بالفكر التفاؤلي الذي سيؤدي إلى تطور المجتمع . 
تكنولوجيا
يسخر الحرم الجامعي الجديد أقصى ما يمكن الإستفادة منه من أحدث التقنيات الإلكترونية المكتبة الافتراضية حيث تقوم بإعداد نسخة رقمية من كافة الكتب النصية والمراجع لإتاحتها على الإنترنت ، ليتسنى للمستخدمين الدخول إليها عبر هواتفهم الذكية من أي مكان ، وتشبه مراكز موارد التعلم في كل كلية الأقسام المختلفة للمكتبة الافتراضية.  
كما يوجد غرف الدراسة الذكية التي من خلالها يمكن للطلاب الدخول وتسجيل حضورهم ببطاقات الدخول الذكية ، ويمكنهم دخول غرف الدراسة عن بعد ” من أجل متابعة محاضرات بعينها ” ، وينبغي أن تكون غرف الدراسة التفاعلية قادرة على تسجيل المحاضرات وبثها عبر الإنترنت لمجموعة منتقاة من غرف الدراسة عن بعد ، وبالمثل تبث المحاضرات من أماكن أخرى بعيدة إلى غرف الدراسة بمدينة صباح السالم الجامعية.
ومن صور التكنلوجيا الإذاعة والتلفاز بمدينة صباح السالم الجامعية سوف تسجل البرامج التعليمية وتبث عبر الإنترنت، وسيكون بوسع إدارة المنشأة القيام ببعض الأمور عبر الإنترنت، بداية من متطلبات المياه إلى توزيع المحاضرات.  
أما من جانب الأمن والدخول سوف يتم التحكم بالبطاقات الذكية بداية من البوابات إلى غرف الدراسة أو المعامل ، كما ينبغي أن تستخدم هذه البطاقات في دخول المكتبة ، استعارة الكتب ، دخول موقف السيارات والمصاعد ، ودخول الأماكن المخصصة للتصوير الضوئي ، إلى دخول المطاعم والمقاهي وشراء الأشياء بالحرم الجامعي ، هذه البطاقة تخدم كافة الأغراض وينبغي أن يكون الأمن قادراً على السيطرة على المعابر وتأمين المناطق متى كان ضرورياً. 
تصميم
أحد أهم ميزات مدينة صباح السالم الجامعية هي التصاميم الفريدة التي تنتقل بالحرم الجامعي من مراحل توفير الأجواء التعليمية المريحة إلى آفاق أرحب من التمتع بجمال الأبنية والمساحات الداخية الفريدة ، والتي تم وضع التصاميم بواسطة مكاتب عالمية ذات سمعة مرموقة وبالتعاون مع مكاتب محاية ، كم حازت مباني كليات مدينة صباح السالم الجامعية على جوائز عالمية في مجال التصميم ومن مؤسسات ذات مكانة معتبرة ، وتتميز المدينة بالجاليريا أو الرواق الذي يسمح سقفه بتمرير الإضاءة الطبيعية والذي يمتد ليربط بين الأدوار الأرضية لكافة الكليات في مستوى أفقي واحد ليمنح الطلبة مساحات رائعة للتجول والإستفادة من الإستراحات المتعددة والمحال التجارية المتوافرة لخدمة الطلبة ، وقد تم تحقيق فصل مباني الطلبة عن مباني الطالبات بواسطة فكرة ذكية تتمثل في فصلها بمسطحات مائية هي عبارة عن واحة خضراء غاية في الجمال تحتوي أنماط متنوعة من النباتات والأشجار فضلاً عن استراحات ومهابط مائية . 
إدارة المشروع
يشرف البرنامج الإنشائي بجامعة الكويت على إنجاز مدينة صباح السالم الجامعية والذي يكرس تصدي جامعة الكويت لإدارة هذا المشروع الضخم صورة هذه المؤسسة العريقة كمنارة للمجتمع حيث تسهم بأدوار متعددة في بناء وطن عزيز ومستقبل واعد مستغلة طاقاتها العلمية وكوادرها الخبيرة إلى جانب الدور الذي يلعبة الشباب الكويتي المخلص في إدارة المشاريع وسط الميدان ، وأنشئ البرنامج بعد أن أصدر مجلس الوزراء القرار رقم 148 لسنة 2001 بخصوص نقل مشاريع البرنامج الإنشائي الخاصة بجامعة الكويت من وزارة الأشغال العامة إلى جامعة الكويت لتتولى بموجبه الجامعة الإشراف على تنفيذ مشاريعها واتخاذ جميع الإجراءات الخاصة بعملية الانجاز ، وتم توكيل إدارة البرنامج الإنشائي إلى مجموعة من أساتذة جامعة الكويت في تخصص الهندسة ليزاول البرنامج الإنشائي الأعمال المنوطة به من أجل انجاز مشاريع جامعة الكويت بصورة مرضية في ضوء الخطط الجامعية وطبقاً لما تقضيه الإجراءات والنظم المعمول بها .
وتدار عملية الإشراف والرقابة على انجاز مشاريع مدينة صباح السالم الجامعية وفق منظومة مركبة وسلم إشرافي يتسمان بالشفافية والدقة   
البعد الزمني

حدد المرسوم بقانون رقم 30 لسنة 2004 فترة إنجاز مدينة صباح السالم الجامعية بعشر سنوات ، قبل أن يمدد مجلس الأمة مدة الإنجاز لخمس سنوات اضافية حيث كانت البداية الفعلية لتنفيذ العمل بالمشروع في نهاية عام 2010 وقد تم تمديد هذه الفترة الزمنية لإنجاز المشروع لأسباب عديدة من أهمها الوقت الطويل الذي تستهلكه المخاطبات والمراسلات الرسمية والفترات التي يتطلبها التنسيق والترتيب للإجتماع بالجهات المعنية للمراجعة و الإعتماد ، كم أن فترة التصميم الهيكلي الذي يحدد مكونات المشروع استغرقت فترة أطول من المتوقع والتغييرات التي طرأت على المشروع أكثر من مرة ، وكان لمتطلبات جهات رسمية في الدولة للمشروع مثل الملاجئ إعطاء المشروع صفة الأولوية على مستوى الدولة ، ومنح الجهة المشرفة على التنفيذ مزيداً من الصلاحيات في اتخاذ القرار ، وتشكيل لجان التسريع الوزارية من شأنها أن تساهم في دفع عجلة الإنجاز في المشروع . 

إن نجاح بحجم مدينة صباح السالم الجامعية لا يتم من خلال شخص واحد وانما بتعاون مجموعة من الجهات في الدولة ، فنجاح المشروع هو نجاح للدولة وفشل يمثل فشلنا جميعاً ، يجب أن تتضافر الجهود مع اختلاف توجهاتنا ومراكزنا لدعم هذا المشروع الحيوي ” يجب على الجميع تحمل المسئولية ودعم المشروع كل من موقعه ” .