جـامعـة تطبيـقيـة حـكـوميـة من الـجـيــل الثــالـث
أ. د. عـبـــــداللطـيـــــف بــــن نـخــــي عضو هيئة التدريس بكلية الدراسات التكنولوجية «تفــــــاءلــــوا بالـخـيـــــــــر تـجــــدوه»
خلال الشهرين الماضيين، تجدّدت وانتعشت الآمال في فصل الكليّات التطبيقيّة عن الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب، لتكون نواة جامعة تطبيقية حكومية تحت مظلّة مجلس الجامعات الحكومية. حيث شكّل وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور عادل المانع في بداية شهر ديسمبر لسنة 2023 لجنة سداسية لدراسة آلية الفصل والتمهيد لإنشاء جامعة تطبيقية.
كما ناقشت لجنة شؤون التعليم والثقافة والإرشاد البرلمانية الاقتراح بقانون بإنشاء جامعة نواف الأحمد للعلوم التطبيقية والاقتراح بقانون بإنشاء جامعة صباح الأحمد. وكذلك توالت التصريحات النقابية الأكاديمية المؤيّدة لفكرة انشاء جامعة تطبيقية حكومية، نواتها الكليات التطبيقية الخمس، كان من بين هذه التصريحات بيان جمعية أعضاء هيئة التدريس بجامعة الكويت، فضلاً عن بيانات الروابط النقابية الخاصة بالمنتسبين إلى الكليات التطبيقية، وأيضاً بيان الاتحاد العام لطلبة ومتدربي الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب.
بالتزامن مع سعادتنا بالتطورات السياسية المتتالية الواعدة الداعمة لانتقال الكليّات التطبيقية لتكون نواة لإنشاء جامعة حكومية، لما يمثله من نقلة إدارية شكلية من قطاع في هيئة إلى جامعة حكومية، ينبغي أن نرحّب وندعم أيضا النقلة الموضوعية في إدارة الجودة الأكاديمية التي سوف تتحقّق نتيجة لبسط مجلس الجامعات الحكومية اختصاصاته على الجامعة التطبيقية المرتقبة، وذلك وفق القانون (76) لسنة 2019 في شأن الجامعات الحكومية. وأخص بالذكر الاختصاصين السادس والرابع العشر، وهما: وضع واعتماد القواعد والمعايير العامة لنظم الابتعاث والتعيين والترقية الأكاديمية، ووضع اللوائح والإجراءات التي تضمن المحافظة على المعايير الأكاديمية والأخلاقية. فالنهضة الأكاديمية كانت ولاتزال أحد أبرز غاياتنا من المطالبة بإنشاء الجامعة التطبيقية.
لتحقيق غاية النهضة الأكاديمية في التعليم التطبيقي الحكومي، اللجنة السداسية مدعوّة إلى التمهيد المتقن لضمان أن تكون انطلاقة الجامعة التطبيقية من الجيل الثالث، وبرسالة تحتضن ثلاث مهام محورية على الأقل، وهي: إعداد خريجيين مؤهلين مهنياً وعلمياً وفق احتياجات سوق العمل الحالي والمستقبلي المنظور في الرؤية التنموية الاستراتيجية للدولة، وتنفيذ مشاريع أبحاث علمية تطبيقية وعملية ملبّية لاحتياجات القطاعات الاقتصادية وخطط التنمية الاستراتيجية الوطنية، والاستثمار المباشر وغير المباشر في المعرفة.
التوقعات تشير إلى أن قانون الجامعات الحكومية كفيل بترقية أداء الكليات التطبيقية – بعد انتقالها إلى جامعة – في أول مهمتين محوريتين، وذلك بسبب توافر قنوات أكفأ وآليّات أنجع لاستحداث برامج بكالوريوس متناغمة مع رؤية الكويت الاستراتيجية ولزيادة منابع وموارد تمويل الأبحاث العلمية. ولكن المهمة المحورية الثالثة تتطلب رعاية خاصة من قبل اللجنة السداسية. لأنها تستوجب تأسيس عدد من المراكز والوحدات العلمية المنفصلة عن الكليات التطبيقية الخمس، تكون متعدّدة التخصص عابرة حدود الأقسام العلمية والكليات، تخدم قضايا ذات أولوية تنموية (كالولوج إلى عالم الاقتصاد الأخضر)، ولها ثلاثة أنشطة أساسية. نشاطها الأساسي الأول هو إجراء أبحاث تطبيقية لاستكشاف وتوطين التكنولوجيات (تكنولوجيات تقليل البصمة الكربونية على سبيل المثال)، ونشاطها الأساسي الثاني هو عمل دراسات ميدانية (كقياس البصمة الكربونية واقتراح سبل تخفيضها في الجهات التابعة للقطاعين العام والخاص) نظير مقابل مادي. وأما نشاطها الأساسي الثالث، فهو توفير برامج أكاديمية بمستوى دبلوم وبكالوريوس، محورها الكفايات الوظيفية الميدانية ونطاقها واسع أفقيا (يغطّي أبعادا متعدّدة كالبيئي والهندسي والاقتصادي والقانوني الدولي وخلافها حسب متطلبات الوصف الوظيفي المنشود).
هذه الطفرة البحثية الأكاديمية في الكليات التطبيقية ليست ترفا أكاديميا، بل ركيزة أساسية وحيوية في جامعات الجيل الثالث، وإنفاذها يستوجب استقطاب أكاديميين من وحدات ومراكز بحثية أكاديمية مشابهة في جامعات مرموقة، بعقود استعارة لمدّد محددة، تمنح مميزات استثنائية متناسبة مع ثقل السيرة الذاتية وحجم المهام المنوطة بالباحث الأكاديمي المستعار، والغرض من الاستعارة هو بناء القدرات الوطنية اللازمة لتشغيل وتطوير هذه الوحدات والمراكز البحثية الأكاديمية، وأيضا لتمكينهم من استحداث وحدات ومراكز أخرى مستقبلا حسب متطلبات الرؤية الاستراتيجية الوطنية في حينها.
آمالنا في مستقبل الكليات التطبيقية طموحة، والدور المناط باللجنة السداسية جسيم ومفصلي في تحقيق هذه الآمال. وفي الوقت ذاته، ثقتنا في خبرات وقدرات أعضاء اللجنة السداسية كبيرة، ولذلك نحن متفائلون بهم وبالتقرير الذي سوف يُعدّونه.