وزارة التربية

مشكلة هروب الطلاب من المدارس بين الواقع والمأمول

542015217

تعد مشكلة هروب الطلاب من المدارس مطلع اهتمام الكثير من أولياء الأمور والمعلمين والأخصائيين الاجتماعيين لحلها وايجاد السبل المناسبة لعلاجها وتفاديها من قبل طلاب المدارس . فمشكلة هروب الطلبة من المدارس قد تنتج اثارا سلبية لا يعي لها الطلاب على مستقبلهم الدراسي والاجتماعي .

جاء ذلك خلال اللقاء الذي أجرته ادارة العلاقات العامة والاعلام التربوي بوزارة التربية مع كل من مدير مدرسة حمود برغش السعدون المتوسطة للبنين التابعة لمنطقة العاصمة التعليمية الأستاذ وليد الكندري , ومع الاخصائي الاجتماعي بثانوية محمد النشمي للبنين الأستاذ أحمد ابراهيم حمد , ومع كل من الطالب عبدالله حمدان العجمي والطالب عبدالله العنزي من ثانوية محمد النشمي للبنين التابعة لمنطقة الأحمدي التعليمية .

فقد أوضح مدير مدرسة حمود برغش السعدون المتوسطة للبنين الأستاذ وليد الكندري أن هناك الكثير من الأسئلة تتعلق بمشكلة هروب الطلاب من المدارس . فهناك أسباب لهروب الطلاب من المدرسة , وهناك أنواع الهروب من المدرسة , وما هي المخاطر التي تترتب عليها مشكلة هروب الطالب من المدرسة . وقال الكندري أن من أنواع الهروب من المدرسة هو هروب قبل الدوام , اذ يأتي الطالب الى المدرسة في الصباح ولكن لا يدخل ويخرج الى مكان اخر , وهروب عبر سور أو باب المدرسة , اذ يقوم الطالب اثناء الدوام الرسمي بتسلق سور المدرسة للهروب أو بمغافلة الادارة المدرسية والهروب من باب المدرسة , وهناك هروب من الحصة الدراسية بالاختباء في بعض مرافق المدرسة مثل (دورات المياه أو صالة التربية البدنية أو المطعم) .

كما تحدث الكندري عن بعض مخاطر هروب الطلاب من المدرسة , فقال أن من أهم المخاطر هو تدني المستوى التعليمي لدى الطالب الهارب . فعندما يهرب الطالب فهو لا يحصل على المادة العلمية أو الأهداف المعرفية في الحصة الدراسية , فهذا يؤثر على الأهداف الحركية والأهداف الوجدانية لدى الطالب . وأضاف الكندري أن الطالب قد يتعرض الى الخطر أثناء هروبه سواءا من الحصة أو المدرسة . فقد يتعرض الطالب الى حادث مروري أو أن يقوم بأمور سلبية على شخصيته مثل السرقة أو التعرض للاخرين , فما يشجع الطالب على ارتكاب هذه الأمور عند هروبه من المدرسة هو عدم وجود رقابة عليه . وقال الكندري أن من الأمور السلبية أيضا هو أن يكون الطالب ملاذ للناس السيئين , فربما قد يصاحب ناس مدخنين أو سارقين أو متعاطين للمخدرات , مؤكدا أن كل هذه التصرفات السلبية تحدث بسبب عدم وجود رقابة على الطالب الهارب من المدرسة .

وأوضح الكندري أن من المخاطر المترتبة هي الأثر السلبي على الأسرة , فقد يبدأ الأب بلوم الأم والعكس صحيح . فهذا قد ينتج عن انفصال الوالدين والتفكك الأسري . وأضاف أن من مخاطر هروب الطالب من المدرسة هو اضاعة جهود الدولة وهدر المال العام للدولة . فالدولة تبني مؤسسة كبيرة ومنظومات مثل المدارس , فيرسب الطالب بسبب هروبه من المدرسة , وهذا ما ينتج عن اضاعة المال العام .

وشرح الكندري أسباب هروب الطالب من المدرسة , فهناك عدة أسباب لهروب الطالب , فالسبب الحقيقي والرئيسي على حد قوله هو عدم وجود رغبة حقيقية لدى الطالب للتعلم . فهناك من الطلاب الذي يكره الدراسة والتعليم ومحب للكسل والخمول . هذا الطالب الغير راغب في التعلم يبحث عن شيء اخر مثل الهروب والاختباء واثارة المشاكل مع زملاء الدراسة . فهذا يعتبر سبب رئيسي للهروب من المدرسة وعدم مواصلة المرحلة التعليمية . وأشار الكندري بما يتعلق بالاهمال الأسري لدى الطالب , فاهمال الوالدين للطالب قد يؤدي أيضا الى مشكلة الهروب من المدرسة . فبعض أولياء الأمور يوصل أبناءه الى الجمعية التعاونية قبل المدرسة بدافع الحصول على وجبة الافطار , ومن ثم الذهاب الى المدرسة سيرا على الأقدام , وبذلك يقوم الطالب الهارب بالذهاب الى مكان اخر غير المدرسة بسبب عدم مراقبة ولي الأمر له أثناء دخوله باب المدرسة . وأضاف الكندري أن هذه المشكلة تحدث بشكل يومي في بعض المدارس المختلفة , مشيرا أنه هو بنفسه قد عاش هذه الأحداث منذ الصغر .

وأكد الكندري أن من الأسباب الرئيسية لهروب الطالب من المدرسة هو الروتين المدرسي , فلا توجد أنشطة تجذب الطالب للمجالات والهوايات التي يفضلها , فهذا يحدث ملل لدى الطالب عندما يعيش روتين معين لا يتجدد , فيحدث ما هو سلبي لدى الطالب وهو الهروب من المدرسة والتعليم . وأشار الكندري أن حلول مشكلة هروب الطلاب من المدرسة ترتبط تماما مع أسباب هذه المشكلة , مؤكدا أنه يجب تغيير الروتين لدى الطلاب في المدارس عن طريق تنمية هواياتهم والاطلاع على ميولهم ومتابعتها عن كثب . وأضاف أن سوء معاملة الطالب في المدرسة أو في البيت تعد من أسباب توليد الانتقام لدى الطالب . فعندما يقوم ولي الأمر أو المعلم باستخدام العنف الجسدي ضد الطالب , تزرع هذه الفعلة فكرة التحدي والمعاقبة لدى الطالب لولي الأمر أو المعلم . فيقوم الطالب بالهروب من المدرسة والتخلف بالدراسة وأداء الجهد المطلوب مشيرا أن بهذه الطريقة يظن الطالب الهارب أنه يعاقب الأب أو الأم أو المعلم , ولكن حقيقتا أن الطالب يعاقب نفسه ويدمر مستقبله الدراسي .

وأوضح الكندري أن سبب كثير من حالات هروب الطلاب من المدرسة هم الاباء أو الأمهات أو الادارة المدرسية . وقال أن افتقار المدارس للبرامج التربوية أيضا يساهم في هروب الطالب من المدرسة , فعلى سبيل المثال بعض الادارات المدرسية لا تنصت لأقوال الطالب وارائه , وبذلك يقوم الطالب بالاتجاه الى شخص اخر يقوم بالاستماع اليه , فمن المحتمل أن يكون هذا الشخص الاخر من أصحاب السوء الذي يجر الطالب الى مستقبل مجهول . وأعطى الكندري بعض الحالات من هذا النوع , فقد قام طالب ذات مرة بالهروب من المدرسة الى الجمعية التعاونية بالمنطقة وقام بسرقة محتويات من الجمعية , وحالة اخرى لطالب هرب من المدرسة الى الممشى العام بالمنطقة وقام بامساك يد فتاة بقصد التحرش بها ومعاكستها . هذه التصرفات توصل الطالب ليس فقط للتخلف الدراسي بل للجريمة ونيابة الأحداث , على حد قوله .

وأضاف أن أصحاب السوء أيضا يشكلون النسبة الأكبر في جر الطالب للهروب من الدراسة , ناصحا أولياء أمور الطلبة بالتعرف تماما على من هم أصدقاء ورفاق ابنائهم الطلبة في المدرسة وخارجها . وأشار الكندري عما يتعلق بتطبيق القانون وغيابه في المدارس أنه رادع لكل الطلاب وهو المنظم الأساسي لحياة الطالب في المدرسة والحفاظ على مستقبله وسلامته . فقال أنه يجب أن تكون هناك لائحة قد تسمى لائحة النظام المدرسي (خاصة بالسلوك الطلابي) تتعلق بالسلوكيات الخارجة للطالب وبعقوبات صارمة كالحرمان والفصل… الخ , مشيدا بتفعيل القانون وعدم التهاون به للقضاء على هذه المشكلة (هروب الطلاب من المدرسة) . وقال أن من الأسباب أيضا هو تدني مستوى التربية النفسي والأسري والتوعية لدى الطلاب , فكثير من الأسر تكون متواضعة علميا أو دراسيا ولا توجد لديها توعية أو قد تكون أسر أمية , فتدني الوعي لدى هذه الأسر يدفع الطالب للهروب والتخلف من التعليم لعدم وجود رقابة عليه.

واستطرد الكندري قائلا أن مشاكل الطالب في المدرسة قد تؤثر عليه وتدفعه للهروب , فهناك طالب لا يشعر بالتأقلم مع الطلاب الاخرين من يقومون بالسخرية منه واحباطه والاستخفاف بقدراته . فهذا يعد من المشاكل الطلابية والتي حتما تدفع الطالب لتجنب المدرسة والطلاب , مضيفا أن ضعف الادارة المدرسية بعدم وجود رقابة ومتابعة للمجتمع الطلابي في المدرسة قد تؤدي لهروب الطالب , ويطلق على هذه الادارة (الادارة الترصدية) أو (الادارة الاوتوقراطية) , على حسب قوله .

وأشار الكندري أن كثير من الادارات المدرسية تفتقر (للحب) , فالحب هو سر النجاح . فاذا أحبب الطالب المدرسة , فما من شيء يدفعه للهروب منها . وقال أن مشكلة هروب الطلبة هي مشكلة فقط , وليست ظاهرة في الكويت . فقد صرح الكندري أن هناك حالة واحدة فقط في مدرسة حمود برغش السعدون المتوسطة للبنين لهروب طالب من المدرسة في العام الماضي , وقد تم استدعاء ولي أمر الطالب ومعرفة سبب هروب الطالب , وتم حل المشكلة والتعهد بعدم تكرراها مرة أخرى .

وتحدث الكندري بما يتعلق بالحلول والمقترحات لهذه المشكلة , فقال أنه يجب على الادارة المدرسية أن تزرع حب المدرسة والتعلم بعقل الطالب مؤكدا أن الحب هو دائما سر النجاح . فبعض الطلاب يأتي يوم الجمعة للمدرسة وذلك لوجود أنشطة طلابية ورياضية توفرها مدرسة حمود السعدون المتوسطة لمنتسبيها . وقال أن لابد على الادارة المدرسية أن توثق العلاقة بين البيت والمدرسة , فقد قامت مدرسة حمود السعدون باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي (واتس اب , انستجرام) للتواصل مع ولي أمر كل طالب في المدرسة لاطلاعه عن جميع الأخبار والملاحظات التي تخص الدراسة والطالب وأدائه التعليمي . فبهذه الطريقة يعمل الطالب ألف حساب قبل التفكير بالهروب أو التغيب عن المدرسة . وأضاف أن عندما يشعر الطالب بوجود متابعة ورقابة يومية عليه مثل تسجيل الغياب في الفصول الدراسية وما تترتب عليه من عواقب صارمة عند كثرة الغياب , يتيقن الطالب أن هناك محاسبة له وأن هناك قانون سوف يفعل ضده , مشيرا أنه يجب العمل على تغيير الروتين الطلابي في المدرسة بجعله أكثر تلائما مع مواهب الطلاب وهواياتهم وطموحاتهم , بالاضافة الى تسهيل المناهج وعمل مذكرات مبسطة ودروس تقوية مساندة للمواد الدراسية الصعبة لدى الطلاب قد تحميهم من التفكير بالهروب من المنظومة المدرسية .

وأفاد الكندري فيما يتعلق بالضغوط التي يواجهها الطالب في المدرسة أو البيت أن بعض أولياء الأمور والمعلمين يزرعون بعقل الطالب فكرة الامتياز وطالب فائق القدرات , فأوضح الكندري أن بعض الطلاب تكون لديه قدرات محدودة قد يواجه صعوبة من خلالها للتميز بشكل كبير . فهذا يشكل نوعا ما من الضغوط النفسية على الطالب في أدائه الدراسي . ” فالطالب بشر , وليس اله” على حد قوله .

من جانبه أوضح الاخصائي الاجتماعي بثانوية محمد النشمي للبنين التابعة لمنطقة الأحمدي التعليمية الأستاذ أحمد ابراهيم حمد عن أهم الأسباب لهروب الطلاب من المدارس , والتي تتكمن في التعرف على رفاق السوء والانتماء لهم خارج المدرسة , وكذلك مشاكل الطلاب فيما بينهم تدفع البعض منهم للهروب من هذه المشكلات وبالتالي الهروب من المدرسة , وتدهور المستوى التعليمي للطلاب وانعدام الرغبة في التعليم . وأشار حمد الى أن افتقار بعض المدارس للبرامج الترفيهية للطلاب قد تدفع بعضهم للتفكير بتغيير الروتين المدرسي الممل , وهذا ما يجعل الطالب أن يهرب من المدرسة , وأضاف أن عدم تفعيل القوانين واللوائح المدرسية على الطلاب تعد من أهم أسباب هروبهم من المدارس , مضيفا تدني مستوى التربية الأسرية والتوعوية للطلاب يساهم في تفكيرهم بالهروب , وكذلك عدم المتابعة الجيدة من المنزل وترك الطالب يتصرف كيفما يشاء . وقال أن عدم مقدرة المعلم على ضبط الصف الدراسي وادارته بالشكل السليم يعد من أسباب هروب الطلبة مشيرا أن الطالب يشعر بوجوده بالصف الدراسي مضيعة للوقت , وكذلك عدم التنوع في طرق التدريس والانضباطات الصارمة جدا والقيود القوية قد يدفع الطالب للهروب .

وفي نفس السياق أوضح حمد المخاطر المترتبة على هروب الطلاب من المدارس , ألا وهي تعرض حياة الطلاب الهاربين وسلوكياتهم وتربيتهم للخطر وتدهور المستوى التعليمي للطلاب وتعرض الطالب الهارب للتعرف على أصدقاء السوء والتأثير على غيره من الطلاب مؤكدا أن هذا ما قد يجر الطلاب الهاربين للتدخين والادمان على المخدرات .

أما بالنسبة للضغوط التي يواجهها الطالب في المدرسة والمنزل , وما أهم سلبياتها على مستقبله الدراسي , فقد أشار أن العلاقات العاطفية والتعلق بالجنس الاخر يجعل الطالب شارد في التفكير وليس لديه قدره على التركيز , مضيفا أن الحالة الاقتصادية للأسرة تعد من اهم الأسباب المؤثرة على استقرار الطالب الدراسي . وقال أن الضغوط النفسية مثل الاضطرابات النفسية التي يتعرض لها الطالب تعيق تكيفه مع نفسه ومع المجتمع مما يؤدي للهروب من الدراسة . وذكر أن انفصال الوالدين (التفكك الأسري) يعد من الامور الرئيسية التي تؤثر على الحالة النفسية للطالب .

كما أوضح حمد أن لا بد من ايجاد حلول مناسبة لمعالجة هذه المشكلة لدى طلاب المدارس , ويتكمن ذلك في رفع مستوى الوعي التثقيفي للأسرة وخاصة بما يتعلق بمستقبل أولادهم وبأهمية العلم , والتحديث والتطوير المستمر للمناهج التربوية وبالأساليب التعليمية وتنوعها , ووجود قوانين ضابطة في المدارس تقف في وجه الطلاب الهاربين وتمنعهم من الاستمرار بالسير في هذا الطريق , وكذلك الاهتمام بالحالة النفسية للطلاب وابراز دور الاخصائي الاجتماعي والاخصائي النفسي في المدارس .

وبهذا الخصوص عبر الطالب عبدالله حمدان العجمي بالصف العاشر من ثانوية محمد النشمي للبنين عن أهم أسباب هروب وترك الطلبة للحصص الدراسية هي تدهور المستوى التعليمي للطلاب الهاربين وعدم وجود رغبة حقيقية للتعلم , وكذلك افتقار المدارس للبرامج الترفيهية ومشاكل الطلاب فيما بينهم قد تدفع البعض للهروب من المشكلات , وبهذا الهروب من المدرسة . وقال العجمي أن لا بد من وجود وسائل مقترحة لجذب الطلاب للبيئة الدراسية مشيرا أن هذا يأتي بالتحديث والتطوير والتنوع بالمناهج التربوية والأساليب التعليمية لاخراج الطالب من قيد الروتين والملل .

من جهة أخرى كشف الطالب عبدالله العنزي بالصف العاشر من نفس الثانوية عن أسباب هروب الطلبة من المدارس يحدث لعدم المتابعة الجيدة من المنزل للطالب وعدم وعي الطالب بأهمية الدراسة وكذلك عدم وجود برامج ترفيهية ووسائل ترفيه كافية بالمدرسة . واقترح العنزي بعض الوسائل الممكنة لجذب الطلاب للمدرسة والتعليم مشيرا برفع الوعي التثقيفي للأسر وتوفير وسائل ترفيهية لجذب الطلاب وتنوع أسلوب المعلمين بالفصل الدراسي مما يجذب الطالب للدراسة , بالاضافة الى عمل ندوات ومحاضرات تحث على أهمية الحضور وعدم الغياب والهروب من المدرسة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock