أخبار منوعة

إساءة نفسية لزعزعة ثقتك في نفسك.. كيف تعرف أنك ضحية “الإضاءة الغازية”؟

الرعاية الذاتية الجيدة يمكن أن تُحدث فرقاً من خلال تحسينها لحالتك الذهنية، في مواجهة تسلل المخاوف بشأن الإضاءة الغازية 

“الإضاءة الغازية” (Gaslighting)، وصف يستخدمه علماء النفس للإشارة إلى نوع من الإساءة النفسية الخطيرة، يقوم على التلاعب بالعقول، من خلال زعزعة ثقة شخص ما في نفسه، وإشعاره بالخوف والضعف، وإقناعه بأنه موهوم أو مجنون؛ عبر التشكيك في علاقاته بالآخرين، بما في ذلك العلاقات الزوجية والأسرية، وعلاقات العمل، وأية تفاعلات اجتماعية أخرى.

والمصطلح مأخوذ من مسرحية بعنوان “ضوء الغاز” (Gas Light)، التي عُرضت في لندن عام 1938؛ وتدور أحداثها حول زوج متلاعب يخدع زوجته ببطء حتى تعتقد أنها مصابة بالجنون، من أجل الاستيلاء على ثروتها. وتحولت إلى فيلم في عام 1944، أدرجته مكتبة الكونغرس في السجل الوطني، لأهميته الثقافية والتاريخية.؟

تقنية الإضاءة الغازية

إذا وجدت أن عبارات من قبيل “لابد أنك مجنون”، “أنت لا تعرف ما الذي تتحدث عنه”، “من المؤكد أنك تتخيل الأشياء” -على سبيل المثال- تتكرر من أحد الأشخاص في مُحيطك، فربما تكون واقعا تحت تأثير “إضاءة الغاز” المتعمدة للتلاعب بك؛ بهدف التشكيك في مشاعرك وإدراكك للأحداث والواقع من حولك وإرباكك ودفعك لاتهام نفسك، والتسليم لما يريده هذا الشخص، كما تقول المختصة النفسية المُعتمدة تينا ب. تيسينا، من خلال الاستهانة بمشاعرك، أو اتهامك بالمبالغة في رد الفعل، أو التشكيك في ذاكرتك، أو لومك وإنكار حدوث شيء أصلاً.

وعندما ترفض سلوكه غير المريح، يغير الموضوع محتجاً بأنك الذي اختلقته من البداية.

كما أنه عندما تذكر حدثاً معيناً أو شيئاً ما قاله، يدّعي أنه لا يستطيع تذكره، أو أنه لم يحدث على الإطلاق.

ثم يلجأ إلى إشاعة أنك لا تتذكر الأحداث بدقة، وأنك تختلق الأشياء وتخلط الأمور، مما قد يهدد حياتك المهنية. وفقا لموقع “هيلث لاين” (Healthline).

6 نصائح للمواجهة

  • التأكد: من المهم التأكد من أنك تتعرض للإضاءة الغازية حقا، فليس من السهل التعرف عليها، لأنها غالبا ما تبدأ صغيرة وخادعة، ثم تتطور إلى نمط متكرر من التلاعب، يحاول أحدهم من خلاله تسليط ضوئه عليك، لكي تشك في نفسك، وتتبنى رؤيته للأمور.

وإن كان هذا لا يعني أن كل شخص يُعتبر متلاعبا بك، لمجرد أنه انتقدك أو قدم رأيا مُخالفا لرأيك. فبعض الناس يتشبثون برأيهم أحيانا مهما خالف المنطق.

كما يمكن لأحدهم ممارسة إضاءة الغاز دون قصد؛ بعدم استماعهم لك لضيق الوقت، أو بالتعبير عن دهشتهم من مبالغتك في ردود أفعالك تجاه موقف ما.

  • الهدوء: تجنب اتخاذ رد فعل فوري تحت تأثير المشاعر القوية الناتجة عن التعرض للإساءة بإضاءة الغاز، كالغضب والإحباط والقلق والحزن والخوف. وهذا ما يمكن أن يساعدك على التعامل مع الموقف بشكل أكثر فعالية.

أما انفعالك السريع، أو إنكارك لما يقوله من يحاولون تسليط الضوء عليك، فلن ينفع في جعلهم يتراجعون، بل من الممكن أن يشجعهم على الاستمرار في التلاعب بك.

في المقابل، يمكن أن يساعد الحفاظ على الهدوء في التركيز على الحقيقة، والتقليل من تأثير الرواية الزائفة للأحداث على ثقتك بنفسك.

بالإضافة إلى إمكانية الحصول على قسط من الراحة لمراجعة الموقف، أو الخروج والمشي لفترة وجيزة للتركيز وتصفية الذهن.

  • التوثيق: لأن مواجهة الإساءة بالإضاءة الغازية شخصيا وبشكل مباشر، ليست مضمونة دائما؛ حيث تأتي أهمية توثيق تفاعلاتك مع من يحاولون شنها عليك، بنفي حدوث نقاش أو حدث ما؛ وتخزينها في مكان آمن أو الاحتفاظ بها على هاتفك الشخصي.

وسوف يساعدك التوثيق في العودة والتأكد من الحقيقة بنفسك وقتما احتجت إلى ذلك؛ عن طريق حفظ النصوص ورسائل البريد الإلكتروني، وسِجل المواعيد وأوقات المحادثات، أو أخذ لقطات مصورة لأي ممتلكات متضررة، أو إشهاد الآخرين على الأحداث.

وعندما تمتلك الحقيقة، لن تحتاج إلى أحد، أو تشك في نفسك. وهو ما سيعزز لديك الثقة والقدرة على التعامل مع محاولات إنارة الغاز الخبيثة في المستقبل.

  • التمكن: بأن تكون واثقا من روايتك للأحداث، وعندما يسردها أحدهم بشكل مختلف عما حدث بالفعل، في محاولة لدفعك لكي تتساءل “ماذا لو كانت روايتهم هي الأصح؟”؛ فلا تستسلم لذلك، لأنهم يريدونك أن تشك في نفسك.

لذا، إذا كنت تتذكر الأشياء بوضوح، فكررها بهدوء وثقة؛ لأن إظهار أي دليل لديك قد يدفعهم للتراجع.

ولكن إذا استمروا في تحديك، فلا تنجرف إلى الجدال، فهو لن يؤدي إلا إلى مزيد من التوتر، ويجعلك أكثر عرضة لمزيد من التلاعب. في الوقت الذي سوف يحميك فيه رفضك للجدال، ويحفظ تمكنك وسيطرتك على الموقف.

  • الصحبة: يوصي روبن ستيرن مؤلف كتاب “تأثير ضوء الغاز” بالحصول على النظرة الثاقبة غير المتحيزة، والتوجيه والدعم الهادئ من الأشخاص الذين تثق بهم عند التعرض لهجمة إضاءة بالغاز؛ حيث يساعد هذا في تعزيز معرفتك بأنك لست مرتبكا أو “مجنونا” أو تفقد ذاكرتك.

لذا، عندما تشعر بالإنارة الغازية المستمرة من أحدهم، سواء في العمل أو في المواقف الاجتماعية الأخرى؛ فالأفضل أن تقلل من اتصالك به، وتتجنب مقابلته بمفرده قدر الإمكان. بل اجعل شخصاً محايداً وجديراً  بالثقة ينضم إليكما ليستمع إلى المحادثة.

فعادة ما يواجه الشخص الذي يحاول استخدام أساليب الإنارة بالغاز، صعوبة في التلاعب بأكثر من شخص واحد.

  • الرعاية: بمعنى التركيز على رعايتك لنفسك؛ فالرعاية الذاتية الجيدة يمكن أن تُحدث فرقا من خلال تحسينها لحالتك الذهنية، في مواجهة تسلل المخاوف بشأن الإضاءة الغازية وتأثيرها المحتمل على وظيفتك أو علاقاتك، والتي قد تمتد إلى جميع مجالات حياتك، وتجعل من الصعب العثور على أي متعة على مدار اليوم.

مما يجعل من قضاء الوقت مع الأصدقاء والعائلة، وممارسة النشاط البدني والهوايات، والاسترخاء والتأمل والنوم الجيد، والحديث الإيجابي مع النفس وتذكيرها بإنجازاتك ونقاط قوتك أمرا مفيدا لتعزيز صحتك الجسدية والعقلية، ومساعدتك على الشعور بأنك أقوى، وأكثر قدرة على مواجهة تكتيكات الإنارة بالغاز في حياتك اليومية، وتصفية بعض الآثار المزعجة الناتجة عنها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »

Thumbnails managed by ThumbPress

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock